بسم الله الرحمن الرحيم
(يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي) صدق الله العظيم.
ودع الناصريون امس الأحد 21 رجب 1444هـ الموافق 12 فبراير 2023 قائدا فذا من قادة التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري هو الأخ المناضل اللواء علي أحمد الحبيشي، الذي سمت روحه الطاهرة إلى بارئها في العاصمة صنعاء.
مخلفا تركة كبيرة من النضال، والدفاع عن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة، منذ تخرج من الكلية الحربية ضمن الدفعة السادسة عام 1967. ذلك العام الذي اشتدت فيه ضراوة ووحشية الهجمة الشرسة الاستعمارية الصهيونية الرجعية على المشروع الحضاري العربي الناصري، في الخامس من يونيو/حزيران بهدف إيقاف المد الثوري القومي التحرري، الذي شكلت مصر عبد الناصر قاعدة انطلاقه.
وبالتالي أصبحت الثورة اليمنية هدفا سهلا للقوى الإقليمية والدولية، التي ساندت قوى التخلف المحلية منذ سبتمبر 1962 حتى الخامس من نوفمبر/تشرين ثاني 1967، لتتغير قوانين وأدوات صراع الشعب اليمني الثائر مع أعدائه المحليين والخارجيين، وكان للمناضل علي الحبيشي (أبو خالد) شرف المشاركة الفاعلة في الدفاع عن الثورة حتى تحقق للشعب النصر في الثالث عشر من يونيو/حزيران عام 1974بقيادة القائد الناصري العظيم إبراهيم محمد الحمدي.
ونظرا لإخلاصه، وقدراته القيادية المتسلحة بالعلوم العسكرية الحديثة، كان الراحل على الحبيشي -المولود في عام 1945 في منطقة حبيش بمحافظة إب- أحد المقربين لقائد حركة 13 يونيو التصحيحية، الشهيد إبراهيم الحمدي، الذي سرعان ما قلده منصب أركان حرب قوات العمالقة، التي كان يقودها الشهيد عبد الله الحمدي، والذي ظل (أبو خالد) يشغله حتى استشهاد القائد الخالد إبراهيم الحمدي وشقيقه عبد الله في 11 أكتوبر/تشرين أول عام 1977كنتيجة لمؤامرة تم التخطيط لها وتمويلها دوليا وإقليميا، وتنفيذها من قبل عملاء محليين، من المتضررين من برنامج التصحيح المالي والإداري، الذي باشرت حركة 13 يونيو تنفيذه بتطهير الجهاز الإداري للدولة من مراكز النفوذ القبلية والعسكرية الفاسدة والمرتبطة بالقوى الخارجة المعادية للثورة اليمنية.
بمجرد أن وصل خبر الجريمة النكراء التي ارتكبت بحق رئيس مجلس القيادة وأخيه، سارع القائد الناصري علي الحبيشي إلى تحريك قوة ضاربة من معسكر العمالقة باتجاه صنعاء بقصد الثأر للشهيدين (الحمدي) وللدفاع عن منجزات حركة 13 يونيو معتبرا أن مرتكبي الجريمة هم المتضررون من الإجراءات التصحيحية، وفي مقدمتهم مراكز القوى القبلية، المرتبطة بالعمالة للخارج.
وصل القائد (أبو خالد) بقوته إلى مشارف صنعاء من ناحية الجنوب، محددا-بشكل افتراضي- مناطق تمركز القوى المتهمة بارتكاب جريمة الاغتيال، مما أثار الرعب لدى المتورطين الحقيقيين في الجريمة، فسارعوا إلى تزييف الحقائق والكذب على القائد علي الحبيشي، وإقناعه بالعودة بقواته من حيث أتى.
بعد أن عادت قوات العمالقة إلى معسكرها في ذمار استمع قائدها إلى بيان النعي الذي قدم صورة قذرة ومنافية لحقيقة الجريمة الجنائية والسياسية، أدرك القائد الناصري علي الحبيشي حجم المؤامرة المتعدية حتى للحدود الجغرافية اليمنية، وأن الذين خدعوه بمعسول الكلام والوعود الكذابة بالانتقام من القتلة، هم من نفذوا الجريمةـ فاضطر إلى مغادرة المعسكر متخذا سبيله إلى عدن عاصمة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية حينها، لإعادة ترتيب الأوراق للبدء بالكفاح المسلح ضد النظام الإنقلابي القاتل لمشروع بناء الدولة اليمنية الحديثة.
ظل (أبو خالد) في عدن رافضا الانخراط ضمن صفوف الجبهة الوطنية الديمقراطية، لعدم قناعته بالأساليب التي كانت تتبعها في المناطق الوسطى، واستمر على موقفه ذاك حتى التقى بقيادات ناصرية، وصلت إلى عدن فور إعلانها عن تشكيل جبهة 13 يونيو للقوى الشعبية، لجناحها العسكري. وتم في يناير 1979 إعلان بيان التحالف مع الجبهة الوطنية الديمقراطية، لقيادة الكفاح المسلح ومواجهة الانقلاب في صنعاء واسترداد مسار حركة 13 يونيو المنقلب عليها ومشروع انتفاضة 15 أكتوبر 1978. فأصبح المناضل (أبو خالد) أحد القيادات العسكرية لمحور مريس ودمت وقعطبة، ممثلا لجبهة 13 يونيو، وكان اسمه الحركي (نصر).
بيد أن ذلك التحالف لم يدم بسبب إقدام قيادة جمهورية اليمن الديمقراطية في مارس من نفس العام على التوقيع على اتفاقية الكويت مع نظام علي عبد الله صالح، والتي نصت على وقف المواجهات مع سلطة صنعاء، وكان هذا الاتفاق بدون علم جبهة 13 يونيو التي كانت تشكل الحضور الأكبر في المحاور والسيطرة على المناطق التي تم إسقاطها في مأرب والبيضاء، وحول صنعاء في خولان ونهم وأرحب، وعيال سريح. ونتيجة لذلك أعلن التنظيم عن رفضه للاتفاقية. فعادت حركة 13 يونيو إلى الداخل في الشطر الشمالي آنذاك.
بعد انفراط التحالف مع الجبهة الوطنية الديمقراطية، غادر القائد علي الحبيشي منطقة تمركزه، متجها إلى مأرب منها إلى منطقة نهم، وفي عام 1981 دخل صنعاء متخفيا من أجل العبور إلى منطقة جبن بمحافظة البيضاء والتي كانت محاصرة من قبل الجبهة الوطنية الديمقراطية دون أن تتمكن من اقتحامها بفضل صمود الكتيبة العسكرية التي كانت حاضنة للناصريين الذين تمتعوا بتأييد شعبي، فاستغل الراحل وجوده بجبن في ترتيب المنطقة التنظيمية فيها، والتي باتت تشكل حضورا تنظيما كبيرا بفضل نشاط القائد وقدرته على بناء علاقات جيدة مع ابناء المنطقة.
وفي الثمانينات التحق القائد (أبو خالد) للدراسة في كلية التجارة بجامعة صنعاء، ليحصل بعدها على بكالوريوس في تخصص إدارة الأعمال.
اكتسب المناضل علي الحبيشي عضوية اللجنة المركزية للتنظيم في جميع الدورات الانتخابية الكاملة وظل محتفظا بهذه العضوية حتى توفاه الله. فيما اكتسب عضوية الأمانة العامة للتنظيم خلال الدورتين التنظيميتين الثامنة والتاسعة.
و تولى عضوية اللجنة الفنية الداخلية للتنظيم في الانتخابات البرلمانية بدوراتها ١٩٩٣، ١٩٩٧، ٢٠٠٣
والانتخابات الرئاسية ٢٠٠٦
كان المناضل علي الحبيشي خلال مسيرته العملية والحياتية مثالا للقائد المقتدر، مجسدا المبادئ الناصرية والقيم الدينية المتمثلة بالنزاهة والمصداقية والإخلاص وعدم التفريط بالثوابت التنظيمية والوطنية، والصمود أمام الإغراءات التي كانت السلطة تلوح بها، بهدف حرفه عن النضال.
كما ضرب (أبو خالد) أروع الأمثلة في أدائه لوظيفته المدنية، إذ شغل لفترة زمنية منصبا قياديا في الشركة اليمنية الكويتية للتنمية العقارية.
إن التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري يحسب عند الله العلي القدير قائده المناضل علي أحمد الحبيشي، متضرعا إليه تعالى أن يتقبل روحه بقبول حسن، وأن يسكنه الفردوس الأعلى إلى جوار أخوته الشهداء الناصريين.
كما يتقدم التنظيم بخالص العزاء والمواساة لكل قياداته وأعضائه وأنصاره، والعزاء موصول إلى أبناء الفقيد (خالد، وأحمد، وحاتم، وأسامة، وعبد اللطيف، وعبد الناصر) وإلى بناته ووالدتهم وإلى كل أهله ومحبيه، وأن يعصم الله قلوبهم بالصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.
صادر عن الامانة العامة للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري
١٣ فبراير ٢٠٢٣