تزوير الإرادة .. المسمار الأخير في مشروعية السلطة

  • الوحدوي نت - المركز الاعلامي
  • منذ 17 سنة - Saturday 23 September 2006
تزوير الإرادة .. المسمار الأخير في مشروعية السلطة

تمضي السلطة الحاكمة في اليمن في طريق تزوير إرادة الناخبين غير عابئة بالنتائج المترتبة عن سعي مجنون كهذا بما فيها الغاء مشروعيتها السياسية والدستورية التي يبدو أنها المصير الحتمي لسلوك أهوج لا يرى في المواطنين أكثر من دمى مهمتها تأليه الحاكم والتعبد في محرابه ليظل مسلطاً على الرقاب مدعياً مشروعية مغتصبة حصدتها صناديق الاقتراع المنهوبة.
هوس الإقصاء والإلغاء هذا لم يكن شيئاً مستحدثاً تقترفه السلطة اثناء عملية الاقتراع أو الفرز فهو وسيلة حكم مفضلة ترى في المنافسة الانتخابية جرماً يستحق العقاب وقد أفصحت عن ذلك مراراً في أدق اللحظات التي يرقبها العالم بالتزامن مع محاولتها التسويق لذاتها بإدعاء الديمقراطية والتعدد لكنها في نفس الوقت تظهر عاجزة عن اخفاء مرض نرجسية يتبع كل شيء بالمن والأذى يصور العملية كما لو كانت مكرمة لشعب من باب الاشفاق لا حقاً منتزعاً.
لقد استمرأت سلطة الفساد هذا العبث بالمسميات وإفساد المصطلحات بعيداً عن مدلولاتها فالمنافسة الانتخابية تعني بالنسبة لها معركة مسلحة يجب أن تنتهي بالسيطرة على صناديق الاقتراع ، والديمقراطية وسيلة لأن يظل الحاكم حاكماً والمعارضة معارضة حتى الأبد، والتعدد هو أن يذوب الكل في الواحد ويختزل الوطن في القائد ، وما سواه خروجاً عن تقاليد ديمقراطية القصر الذي لا يرى أحداً أهلاً للمهمة سواه المؤبد الملتصق على الكرسي.
ومع ذلك فإن طبخة الديمقراطية هنا لا تعوزها الحيلة في تقديم وجه آخر غير ذلك الذي تفهمة وتمارسة السلطة عملياً، لكنه مفلس وعقيم.
وقد إستنفدت كل وسائل مراوغة الآخر وخداعه وهماً إذ لا تصمد أصباغ الديمقراطية المفتعلة كثيراً أمام رياح الحقيقة فتسفر عن وجه شيطاني يلتهم الجميع وطناً وشعباً مصراً في ذات اللحظة انه الوحيد الذي يمنح فسحة حرية هي في الحقيقة بوابة سجن.
خلال 16 عاماً من اعتماد النظام السياسي للتعددية كأهم ركائز مشروعيته راكمت السلطة الحاكمة كل مقوضات التعدد، وسلكت طرائق مختلفة لمحاصرة آراء المواطنين وقناعاتهم و عند كل استحقاق انتخابي تكون جاهزة ومستعدة بكل شئ لتحويل الأصوات الصارخة الرافضة للجحيم الذي تصنعه سياساتها إلى أرقام في رصيد النسبة المزورة للتأييد الكاسح.
والتزوير الذي تظهر أكثر صوره بشاعة أثناء عملية الاقتراع والفرز كما شوهد يوم 20 سبتمبر وما زال مستمراً إلى اليوم في محافظات الجمهورية ليس سوى المرحلة الأخيرة لتحضيرات تستهلك مئات المليارات في مراحل القيد وتسجيل الناخبين ، حيث تضمن السلطة تصويت الأموات لتصادر أصوات الأحياء، وتمنح نفسها وأشياعها فرصة التصويت المتكرر، فضلاً عن الزج بصغار السن المحرومين من التعليم وقنينة الدواء لتعوضهم من ذلك ببطاقات انتخابية مؤشر عليها سلفاً.
معضلة هذه السلطة أنها ركنت إلى وهم قدرتها المطلقة في السيطرة على المواطنين والقوى السياسية بحيل والاعيب مختلفة لتأبيد بقائها على كرسي الحكم، دون الالتفات لتغييرات اجتماعية وسياسية هائلة، شهدها الوطن، وظنت أن الديمقراطية التي يبدو أنها تحولت بالنسبة لها إلى ورطة ستظل عند حدود التجريب والنتائج المعتادة التي تطبخها بعيداً عن الأعين باستخدام العصابات والبلاطجة لاختطاف القناعات.
وقد مضت في هذا الوهم مجترة تجارب سابقة في هذه الانتخابات معتقدة أن إستمرار طرق القرصنة وعصابات المافيا قادرة على جلب مشروعية أخرى بوسيلة إنتخابية تضع جزء صغيراً منها أمام العالم فيما تخفي معضمها في حلوق البنادق.
غير أن عليها أن تدرك جيداً أن المشروعية المنهوبة بتهديد السلاح ومصادرة صناديق الاقتراع والالتفاف على عملية الفرز باعلان نتائج مسبقة لن تكون سوى أول أسباب نهاية مشروعيتها السياسية بما يترتب على ذلك من استحقاقات لن يظن بها المشترك على جماهيره طالما أن النضال السلمي هو الوسيلة اللازمة لإستعادة حق الجماهير المصادر ودق آخر مسمار في نعش الاستبداد لتنصيب الشعب حاكماً لا منهوباً، فالحقوق تنتزع لا توهب.
ويبدو الاستغراق بالنسبة للسلطة في ممارسات البلطجية والتزوير قد أعمى بصرها والبصيرة غير مدركة أنها تحفر قبر مشروعيتها بيدها، وقريباً سنهيل عليها التراب.