تنظيم القاعدة وامريكا .. تحالف وثيق

  • خالد محمد هاشم
  • منذ 16 سنة - Saturday 14 July 2007
تنظيم القاعدة وامريكا .. تحالف وثيق

قد يستغرب القارئ من العنوان لان الإعلام العالمي قد كرس العداوة الضارية بين تنظيم القاعدة وأمريكا مما جعل مثل هذا العنوان نوع من العبث الجنوني ... وهنااؤكد أن الحقيقة والعقل هما الضحية الأكبر لذلك الإعلام مما أدى إلى التيه والحيرة في تفسير الكثير من الحوادث في هذا العالم منذ إعلان الحرب على الارهاب بعد 11/
سبتمبر ..
إن الحقيقة أن ذلك الاعلام الطاغي والمبالغ في اظهار العداوة بين القاعدة وأمريكا يخفي وراءه تحالفا وثيقا عميق الجذور...ولكي نكتشف ذلك علينا ترقيع الذاكرة
المثقوبة وترميم اجزاءها التي مزقتها وسائل الإعلام ..... إذن فلنعد إلى حرب افغانستان واعلان الجهاد فيها ضد الاتحاد السوفييتي حينها فمن ينكر علاقة اسامة بن
لادن بالمخابرات الأمريكية ..... ولنتساءل على ضوء ذلك من المستفيد الأكبر مما يحدث اليوم – كما استفادت بالأمس في جهاد السوفييت - أليست أمريكا ؟ ! ولنحدد السؤال أكثر اليست القاعدة هي التي امدت امريكا – وبقصد وتنسيق - بالأسباب والحجج الدامغة لتبدأ ببسط سيطرتها على العالم واقامة امبراطوريتها ؟! خصوصا بعد بروز  نظرية صراع الحضارات وتمكنها من العقل الغربي  وتحديد الحضارة الاسلامية كأهم حضارة تصادمية مع حضارة الغرب ولم يبق أمام هذه النظرية لتتحول إلى حقيقة واقعة إلا عمل يهز امريكا والعالم هزا عنيفا يفقد الراي العام العالمي قدرته على التفكير وتحكيم العقل فكان الحادي عشر من سبتمبر ذلك العمل الذي اتخذته الإدارة الأمريكية منطلقا لبدء العمل وفقا لنظرية صدام الحضارات فبسطت امريكا سيطرتها على ما سمته تلك النظرية بالحدود الدموية بين حضارة الاسلام وبقية الحضارات الأخرى ( الصين – روسيا – اوروبا ) هذا من ناحية ومن ناحية أخرى السيطرة على منابع النفط في آسيا الوسطى والخليج العربي كضرورة ملحة لذلك الصدام ، وما كان ذلك ليحدث بهذه السرعة والجرأة لو لم تقم القاعدة بذلك الهجوم المنسق بينها وبين الإدارة الأمريكية لتضع العالم كله أمام الأمر الواقع وتدشين الحرب الأمريكية
المقدسة ضد الاسلام بصفته دين الارهاب .
قد يقول القارئ أن هذا الاتهام أو التحليل ينقصه الدليل وانا لا اطلب من القارئ إلاأن يستعيد ذاكرته سليمة دون ثقوب ليدرك أن هناك قرائن ترقى إلى مستوى الدليل القاطع
من خلال بعض الاحداث وانا هنا ساسرد بعضا منها للدلالة على ما أقول :
1- خلال الحملة الانتخابية الرئاسية الأمريكية الأخيرة ارتكزت دعاية بوش الانتخابية على محاربة الارهاب وعلى الرغم من ذلك كانت استطلاعات الراي ترحج فوز المرشح الديمقراطي " كيري " ولو بفارق بسيط وهنا دخل اسامة بن لادن ليرجح كفة بوش في الانتخابات من خلال اشرطته التي  بثتها قناة الجزيرة واللافت للنظر فيها أنها مليئة بالتهديد والوعيد بضرب امريكا في عقر دارها لتاكيد ما ذهب إليه بوش من ضرورة الحرب على الارهاب لأنه يهدد الحياة الأمريكية ليس هذا فحسب بل الأكثر إثارة صدور ثلاث اشرطة – وعلى غير العادة -  خلال اقل من شهر خاصة في الاسابيع الأخير من الحملة لانتخابية الامريكية .. فآخر شريط صدر قبل  الاقتراع باقل من أسبوع مما حسم توجه الناخب الأمريكي لصالح سيد الحرب على الارهاب "بوش " . ليعود بن لادن بعد ذلك إلى الصمت الطويل والدخول في سبات الخفافيش بعد أن أدى ما اوكل إليه على أكمل وجه ليكمل بوش ما بدأه في تطبيق نظرية صدام الحضارات وكان بن لادن أفضل من سهل ذلك الأمر
2- الاعتداء على الاسبان : ولست ادري ما المبرر لاستهدافهم مع العلم أن اسبانيا بعد تولي الاشتراكي ثاباتيرو لرئاسة الوزراء هي اقرب إلى العرب وابعد عن امريكا
وسياستها .. فقد سحبت اسبانيا قواتها من العراق ورفضت الرضوخ إلى امريكا فيما يتعلق بسوريا وكوبا وليس ادل على ذلك من امتعاض كوندا ليزا رايس الشديد من ذلك خلال زيارتها إلى الاسبانيا قبل ما يقارب الشهر ، وعلى الرغم من موفقها المعتدل تجاه القضايا  العربية إلا أنها أكثر الدول تعرضا لهجمات القاعدة ( تفجيرات مدريد قبل
أكثر من عام – قتل قواتها في لبنان ورعاياها في اليمن " مارب " في اقل من أسبوع " )
فهل امريكا تؤدب اسبانيا على تمردها بيد القاعدة لينطبق عليها المثل " أكل الثومبفم غيره " ؟؟ !! ..
3- هجمات لندن الفاشلة الاسبوع الماضي  :ألا تعتبر رسالة امريكية لرئيس الوزراء الجديد براون - الذي لم يستقر تماما على كرسي الوزارة حتى بادرته تلك الهجمات الفاشلة -  خصوصا أن الكثير من المحللين السياسيين يؤكدون انه سينأى ببلاده عن السياسة الأمريكية وخاصة في العراق .. اليست القاعدة يد امريكا في تاديب المارقين عليها .
4- ظهور الظواهري بعد أحداث عزة وسيطرة حماس عليها ليبارك لها هذا العمل ويحثها على المزيد منه ليوحي للعالم أن حماس على علاقة مع تنظيم القاعدة فيعطي امريكا والعالم مبررا آخر لخنق الشعب الفلسطيني والقضاء على حماس كهدف استراتيجي للكيان الصهيوني
وأمريكا ...ومن غير القاعدة بيده تسهيل ذلك وباقل تكلفة .... شريط على قناة
الجزيرة كفيل بكل ذلك !! .
5- الاحداث في نهر البارد في لبنان : قدم ورقة رابحة لامريكا وحلفائها في المنطقة وحجة قوية للثأر من المقاومة اللبنانية التي مرغت انف الجيش الذي لا يقهر بالتراب
فعلت أصوات المطالبين بنزع سلاح هذه المقاومة حفاظا على امن واستقرار لبنان كما يدعي الامريكيون واذنابهم ... فمن المستفيد من عبثية نهر البارد سوى امريكا
واسرائيل وبفضل القاعدة أيضا !!!! .
6- في خضم الحديث عن إنشاء قاعدة امريكية في افريقيا ووضع المغرب العربي ضمن والجزائر ضمن قائمة الدول التي يمكن أن تكون مقرا لتلك القاعدة الأمريكية صبت
القاعدة هجماتها على تلك الدول ( المغرب والجزائر ) لتعطي الامريكان مبررا لاقناع تلك الدول لقبول إقامة تلك القاعدة العسكرية فيها بحكم أن المريكيين اقدر على
محاربة الارهاب وتقديم المساعدة لتلك الدول .
7- عدم استهداف الامريكيين سواء سواح أو جنود في أنحاء العالم : على  الرغم من انتشارهم الكبير في العالم فالامريكيون اقل دول العالم تعرضا لهجمات القاعدة إلا
إذا كان ذلك ضرورة ملحة لصالح امريكا – كما حدث في 11/9 – وهنا نتساءل ما دامت امريكا هي العدو الأول للقاعدة فلماذا لا يستهدف رعاياها وجنودها كبقية الدول وخاصة المعتدلة في مواقفها تجاه القضايا العربية ؟؟؟ لماذا تبقى امريكا في مأمن لا يمسها سوء فلا السوا ح الامريكيون يتعرضون لاذى القاعدة مثل الاسبان في اليمن والالمان في الاقصر في مصر قبل سنوات ولا في اندونيسيا ..... الخ ... وهنا لا ادعو لمهاجمة السواح الامريكيين كما قد يظن القارئ لا وإنما اتساءل فقط لحث القارئ على التفكيرالعميق بكل هذه الأمور  ليدرك تلك الخيوط الخفية لكن المتينة الرابطة بين القاعدة وأمريكا بهدف خدمة المصالح الأمريكية في العالم ربما يصل القارئ إلى القدرة التى تمكنه من تفسير غموض الكثير من إحداث العالم المحيرة .
8- أن كل حدث يحشر فيه اسامة بن لادن انفه فيه يصب بكل قوة في صالح امريكا وتوظفه توظيفا مدهشا وكأن كل حدث يأتي في سياقه المخطط له في الخطة المعدة من قبل الادراة الأمريكية في سياق صدام الحضارات ... وفي إطار العلاقة الوثيقة بين القاعدة وأمريكا يمكننا أن نفسر ذلك