الرئيسية الأخبار عربي ودولي

هكذا هي نهاية الجزيرة

  • بكر أحمد
  • منذ 18 سنة - Friday 25 November 2005
هكذا هي نهاية الجزيرة

في الغالب وكما هو معلوم أن قناة الجزيرة لا تحظى بإعجاب أخواننا الليبراليون الجدد ، فهي في نظرهم عبارة عن بوق للاستبداد ومناهضة للديمقراطية الجديدة التي تأتي بها  أمريكا إلى منطقتنا ، كما أنها أيضا في نظرهم لا تعمل على أسس مهنية سليمة وهي بكل الأحوال منحازة وتروج لخطاب لا يتفق مع ما يردونه أن يسود في الوطن العربي .

وهذه الليبرالية التي تمثل أقصى ما قد يعتنقه الإنسان من تمدن حسب وجهة نظرهم لا تفهم إطلاقا بأن الليبرالية السليمة هي قبول الآخر مهما اختلفت معه لا إقصائه وتحقيره ومحاولة التحريض عليه.

ففي استفتاء لأحد المواقع الليبرالية جدا ( إيلاف ) يقول لمن تنحاز لمن الكتاب ذوي التوجهات التالية ،  فظهرت النتيجة بأن الأغلبية من الليبراليين ينحازون للكتاب الليبراليين ضد الإسلاميين    وهذا الانحياز المسبق قبل فهم ما هي حيثيات الموضوع لدلالة أخرى على تعصب لا يقل ضراوة عن الراديكاليون الإسلاميون ، فهل كونك تشعر بأن دماء الليبرالية تسري في عروقك يدعوك هذا للتعصب لكل ليبرالي مهما كان الأمر ... للأسف هذا ما أظهره ذاك الموقع !

 

لكن كل هذا لا يهم ، فقناة الجزيرة مازالت تبث أشياء يجب أن لا يراها المواطن العربي ، فهي ربما قد تعطي صورة غير مرغوبة لسيدة العالم الأولى أمريكا ، وخاصة أن هذه الدولة هي المبشرة الحالية بكل الحلول المستعصية للعرب من استبداد وظلم وديكتاتورية  ، لكن هل وجدنا فعلا ليبراليا جديدا ينتقد أي من الدول التي تسمى معتدلة وهي تمارس شتى أنواع التميز بين مواطنيها ، أ نهم لا يفعلون ذلك لأن تلك الدول في نظرهم تدير صحف هم من خلالها يكتبون ويتنفسون الحياة الجميلة ، فرب ليبرالي يقيم الدنيا ولا يقعدها حول حقوق الإنسان العربي الممتهنة وحين تذكره ببعض الدول لماذا تجاهلها ، يمتعض غيضا ويقول أن قناة الجزيرة محطة غير مهنية إطلاقا . وكأنه لا يكفيهم تلك القنوات الفضائية والصحف النفطية التي تجعلهم يطلون علينا كل ثانية بحلتهم البهية ليبشروننا بعهد جديد ممتلئ إنسانية وإخاء واستسلام.

 

المهنية التي يطالبون بها لا نريدها، فهي نوع آخر من الحجب الإعلامي وعدم إظهار الحقيقة كاملة  وترويج لمشروع لا يمكن للعرب أن يقبلوه ، فالاحتلال في نظر العربي لن يكون تحريرا حتى لو تم إعادة طبع كل قواميس اللغة من جديد ، والخيانة هي خيانة ولن تصير وجهة نظر ، وعلهم بعد انحسار المد اليميني المحافظ سيختفون تلقائيا  .

 

تقرير صحيفة الديلي ميروا البريطانية  و الذي يتحدث عن نية جورج دبليو بوش بقصف مكتب الجزيرة في الدوحة ، هو أمر آخر نستطيع أن نستوعبه جيدا ، وأيضا قيام بلير بمنع استمرار نشر تلك الوثيقة هو الآخر أمر طبيعي ومفهوم  مثله مثل أن يظهر ليبرالي عربي على أي شاشة فضائية ليقول بأنه لا تعذيب يحدث في السجون العراقية وأن ما رأيناه هو كذب وحملة إعلامية ظالمة .

 

الهجوم على قناة الجزيرة ليس بجديد، فهو مستمر ومن على أعلى المنابر الليبرالية اليمينية المحافظة بدأ من بوش وعبورا بنائبة وبوزير دفاعه ووصولا إلى صغار الليبراليين في الصحف ومواقع الانترنت ، وهذا الهجوم لا يدل إلا على أن هذه القناة استطاعت فعلا أن تشكل هاجسا أمامهم لا يملك إلا حرية طرح الرأي الذي هم ينادونا به ، فقناة الجزيرة تعرضت لقصف لمكتبها في أفغانستان وقتل صحافيها في بغداد ومنع مكتبها من هناك بقرار سياسي ونشر وثائق ضد نزاهة المذيعين الرئيسين بها  ويلاحق العاملين بها قضائيا في كل مكان ، ومع ذلك مازالت تمضي على خط سيرها المقرر لها والذي أعلنته منذ البداية ( قناة عربية ذات توجهات عالمية ) وفعلا حققت هذا الشعار باقتدار .

 

حين تنتقد كل الأنظمة العربية قناة الجزيرة، وحين ينوي بوش ذات غرور أن يقوم بقصف مكتبها، وحين يسخط كل مروج للواقعية الانهزامية منها، ومع ذلك تبقى هي  قناة العرب الأولى ونبض الشارع المقموع ، فهي هنا حققت الغاية الإعلامية الحقيقية من وجودها ، فأن لم يكن الأعلام وجها صادقا لتطلعات الشعوب وآمالها وما لم تكن وسيلة نحو جعل الآخر يظهر بوجهه الحقيقي سواء المعادي أو المحب وان لم يكن أيضا متابعا لكل حدث يدور على هذه الأرض دون انتقائية ، فما جدوى الإعلام حينها وماذا سيمثل سوى بوق آخر لنظام استبدادي أو إمبريالي استعماري   .

 

الفضيحة الأخيرة للتقرير المنشور جزء منه ، سيعطى قناة الجزيرة نقاط لصالحها ولن يضيف جديد لإدارة بوش ، فهناك من تلقى هذا الخبر بالكثير من ألا مبالاة ، وكأنهم لم يصادفوا شيئا مختلفا عن نهج أمريكا العنصري الديني المناهض لحقوق الشعوب في الحرية والعيش بسلام وتحقيق مصيرها .

 

إنها أمريكا ..... وحسب .