تعددت التصريحات والسبب واحد

التفجيرات الأخيرة.. تــوجــه رسـمــي لـ«صــوملـة» الــيـمـن

  • الوحدوي نت - عادل عبدالمغني
  • منذ 16 سنة - Tuesday 25 March 2008
التفجيرات الأخيرة.. تــوجــه رسـمــي لـ«صــوملـة» الــيـمـن

كشفت التصريحات الرسمية المتناقضة حول الهجوم الذي تعرضت له مدرسة 7يوليو بصنعاء، الثلاثاء الماضي، مدى الترجل والاستهتار في إطلاق التصريحات غير المبنية على حقائق وحجج يمكن الاعتماد عيها, والتسرع في خلق التبريرات الواهية والتوظيف الآني للأحداث قبل حتى أن تبدأ الفرق المكلفة تحقيقاتها الأولية.
كما كشفت الحادثة المأساوية - التي ندينها ونستنكرها جملة وتفصيلا - عن الابتزاز الرخيص الذي رافق موقف السلطة من خلال السعي لاستثمار الحادث بعيدا عن حقائقه المفجعة التي صارت حديثا يتداوله الشارع بتذمر واستياء عاليين.

وبين اعتبار الحادث جنائيا استهدف مدرسة للطالبات إلى اعتباره إرهابيا ضد السفارة الأمريكية, تتضح جليا الصورة المهزوزة والمرتعشة للأمن في البلد, كما يتضح مدى الإهمال واللامبالاة التي تبديها السلطة تجاه أرواح المواطنين، بعد أن صارت المدارس والفنادق والأسواق والطرقات العامة ساحات للقتل والدماء، وأهدافاً سهلة لإطلاق القذائف والمتفجرات.
والمتتبع لأحداث العنف التي شهدها اليمن خلال الأسبوع الماضي، يدرك حقيقة الأمن الغائب في البلد, الذي تحول إلى حقل واسع للألغام, ومخزن للمتفجرات يبدو أنه فتح للتو، وبدأت محتوياته تتوزع على أماكن متفرقة في الأمانة وعواصم المحافظات.
وبدءاً بالانفجارات التي شهدتها مديرية المحفد بمحافظة أبين، مرورا بأحداث عزان بمحافظة شبوة، وما تلاها من انفجار قنبلة قيل إنها صوتية بالقرب من أحد فناق مدينة عدن, وصولا الى الهجوم الذي تعرضت له مدرسة الطالبات بصنعاء، وما أعقبه من انفجار عنيف داخل فندق جنوب العاصمة صنعاء، السبت الماضي, والذي خرجت التصريحات الرسمية كالعادة بتفسيرات عاجلة تثير الضحك وتستحضر شكوكاً إن تحققت فهي الجريمة الكبرى التي ترتكبها السلطة بحق الوطن، ويجب ألا تمر.
الخطورة تأخذ بعداً آخر عندما تأتي هذه التفجيرات متزامنة مع تخويف رئيس الجمهورية المواطنين بانفلات الامن، والتهديدات المبطنة التي تضمنتها خطاباته المتكررة بتحويل اليمن الى عراق آخر أو صومال جديد. ولعل تعامل الإعلام الرسمي تجاه حادثة مدرسة الطالبات، وإفساح مساحة واسعة لتغطية ما حدث عبر القناة الفضائية، ولأكثر من ساعة ونصف, وما رافقها من حديث مكرر ومبطن عن الإرهاب والعقليات المأزومة التي تعشق القتل، وتسعى لإثارة الفتن داخل البلد.. يكشف عن رسالة واضحة أرادت السلطة توجييها للمواطنين.
كما أن الطريقة التي تمت بها عملية المدرسة، وما رافقها من تخبط واضح من قبل الجهات الرسمية حول دوافعها وكيفيتها تثير عديد تساؤلات يجب على السلطة الاجابة عليها.
فإذا كانت مدرسة الطالبات هي المستهدفة -وهو الارجح- فمن هم هؤلاء الذين يملكون قذائف من هذا النوع؟ ولماذا ينفذون عملية بهذا الحجم اذا كان الامر متعلقاً بخلاف بين مديرة المدرسة وأولياء أمور الطالبات؟ ما طبيعة هذا الخلاف؟ وما وراءه؟ ثم كيف فر الجناة وسط الحراسات المشددة التي زودت بها المدرسة عقب الاعتداء على مديرتها من قبل أحد أولياء أمور الطالبات، الاسبوع قبل الماضي، ودخلت على إثره المستشفى؟
الأسئلة تفرض نفسها في حال كانت السفارة هي المستهدفة، وهو الاحتمال البعيد، رغم محاولات السلطة التأكيد عليه في زحمة تصريحاتها المتخبطة، وإلصاق الحادث بأحد أعضاء القاعدة، قبل أن تعود لنفي ذلك. أليست السفارة الامريكية الكائنة بمدينة سعوان بأمانة العاصمة، محاطة بترسانة كبيرة من الجند والعتاد، وطابور طويل من المخبرين والعسس..؟ فكيف نفذ المعتدون عمليتهم، وولوا أدبارهم دون أن يرمقهم أحد؟ ما حقيقة إلقاء القبض على أحد المتورطين بالعملية؟ ولماذا لايتم كشف تفاصيل ما حدث للرأي العام؟
من الحقارة والجبن وغياب قيم الإنسانية أن تعرض حياة طالبات بريئات للموت والخوف الشديد وهن داخل صفوف العلم. كما أنه من البشاعة أن تتحول السياسة الى لعبة قذرة بهذا الحجم.
ما حدث دفع بعديد طالبات في الامانة الى الإحجام عن الدراسة، سواء برغبة منهن او بضغط من أولياء أمورهن, فيما البقية يذهبن الى مدارسهن يحملن الى جانب الكتب والكراريس شعوراً هائلاً بالرعب من المجهول.. وهو الشعور الذي اتضح بجلاء عقب وقوع الانفجار الهائل داخل فندق سيدني بشارع الستين الجنوبي بصنعاء، في العاشرة من صباح السبت الماضي، حيث تعالت صرخات الفتيات اللاتي خرجن الى ساحات مدارسهن للإفطار, وعُدن يتسابقن الى داخل حجرات الدراسة.. الطالبات في مدرسة أروى بشارع الزبيري أُصبن بهلع شديد من تكرر حادثة مدرسة 7يوليو, وأخبرني زميل يعمل هناك أنهن عُدن لتناول الإفطار وهن يبكين بحرقة شديدة.. ومثلهن كثيرات سمعن دوي انفجار الفندق الذي لم تتضح معالمه بعد هو الآخر.
ما هو مؤكد أن السلطة استعذبت استخدام أسلوب العنف والتفجير وإشاعة الفوضى لترويض اليمنيين, ولعلها تتخذ من المسرحية الهزيلة التي نفذتها قبيل الانتخابات الرئاسية الماضية بتنفيذ عمليات مصطنعة لتفجير أنابيب النفط، نموذجا لها.
السلطة، وإن استطاعت بذلك الحادث تخويف اليمنيين، والتعريض بمرشح الرئاسة المهندس فيصل بن شملان الذي كان يحظى بزخم جماهيري منقطع النظير, لن تتمكن من حصد نفس النتائج اليوم, كون الشعب قد كشف ألاعيبها غير الأخلاقية, وهو اليوم يدرك جيدا من يدعم الارهاب، ويقيم تحالفات لم تعد خافية مع رموزه وقادته, وما تبني السلطة لتنظيم القاعدة في اليمن ودعمه إلا دليل غير بعيد على ذلك.

[email protected]