الرئيسية المقالات مدارات الناصرية سلوك وعمل
الناصرية سلوك وعمل
محمد مسعد الرداعي
محمد مسعد الرداعي

بمناسبة مرور الذكرى الواحد والاربعين لانتفاضة 15 اكتوبر والذكرى الثانية والأربعون لجريمة 11 اكتوبر 1977 أقف مستعرضا هنا الواقع في تلك المرحلة وواقع اليوم على المستوى النضالي وعطاء المناظلين في ظل العمل السري وتجسيد القدوة على المستوى النضالي والاسري، والتجسيد لشعار الوظيفة العامة تضحية وخدمة للوطن والمواطن وليس على مستوي الوظيفة فحسب ولكن العمل في الشأن العام وعلى مستوي المنطقة والحارة. وعندما نستعرض حال كثير من قيادات التنظيم في تللك المرحلة ومن شهداء الانتفاضة سوف تجدهم كانوا في قيادات هيئات التعاونيات أو أنهم من رجال التصحيح المالي والاداري أو النقابات والاتحادات ومنها الاتحاد العام للمغتربين، وكانوا في اطار العمل الخدمي الجماهيري، وكانوا قدوة في عطاءهم وتضحياتهم ونكرانهم للذات، ومثالا للشرف والنزاهة وطاهروا اليد، واول المجسدين لما تظمنته النقاط العشر التي قدمتها قيادة التنظيم لرئيس مجلس القيادة في الشهر الأول من قيام حركه 13 يونيو والتي تضمنت التجسيد لاهداف ثورة سبتمبر وتوافقت مع ما كان يحمله ويستهدفه الرئيس إبراهيم الحمدي وهو مشروع الدولة المدنية، دولة المواطنة المتساوية وسيادة سلطه القانون ومع أن مرحلة العمل السياسي كانت في سرية لكن مع بداية الحوارات مع الشهيد إبراهيم وزملاءه في قيادة الحركة من العسكريين والذي كان بينهم المناضل الناصري عبدالله عبد العالم وجد أن من يتحاور معهم هم القيادات التي تجسد الأهداف التي يناضل من أجل تحقيقها وهو ما دفع بالشهيد إبراهيم لدخول التنظيم وهو في رئاسة الدولة. بل لو عادت بنا الذاكرة لما كان يتداوله المواطنين في الاعوام من83و84و85و86 حيث كانوا يعتبروا كل موظف طاهر اليد ونزيه ومخلص في عمله بانه ناصري وحتى الاعتقالات التي تمت خلال الانتفاضة كانت لمن هم في قيادات هيئات التعاون الأهلي ولجان التصحيح والمغترببن ووزارة الشباب والرياضة والاتحادات والنقابات ولمن كانو مخلصين في مراكزهم الوظيفية ووطنيين ولانهم لم يحصلوا على وثيقة من وثائق الانتفاضة أو خططها أو وثائق التنظيم التي تكشف جميع المنتسبين للتنظيم في تلك المرحلة بل أن هناك أمور تم اخفاءها على الأجهزة الأمنية ولم تعرف عنها إلى اليوم.

وللعلم أن السلوك الذي جسده قادة الحركة جعل اعداءهم يحترمونهم ويجلوهم وهذا ما قاله لي شاويش قصر البشائر في يوم 6 نوفمبر وهو حزين على اعدامهم وقال: إنه عرض على عبد السلام مقبل بعد جلسة المحكمة الأولى والتي طالب فيها محمد خميس بإعدام قادة الحركة فقال بإنه كان مستعد لتهريبهم وأنه عرض على عبدالسلام مقبل ذلك الأمر لكنه رفض وقال له أنهم قاموا بالحركة وهم يدركون أنهم سينالون إحدى الحسنيين إما النصر وأستعادة الدولة ومسار حركة يونيو أو الشهادة وأن ذلك من أجل الوطن ولا نقبل من أن يقال علينا متمردين أو خونه .. وقال الشاويش بإنه يمارس مسئوليته كشاويش لفترة تزيد عن عشرة أعوام لم يجد الأخلاق والقيم والوطنية والانسانية والشجاعة كما وجدها في رجالات الحركة الناصريين وقال في ما قاله أنه أعاد عبدالسلام إلى زنزانته بعد أن أخرجه ظهراً للحوش للتشمس والحمام واعاده إلى الزنزانه وأغلق عليه وأدخل له الغداء والعشاء وكان ذلك في اليوم الرابع للانتفاضة، وأضاف الشاويش: عندما عُدت في اليوم الثاني وفتحت باب الزنزانة وجدته يقرأ القرآن وعلى رأسه وفوق الكوفية الزنجباري تقف حمامة بيضاء لا أدري من أين جاءت لأن الزنزانة ليس لها أي منفذ إلا الباب. ذلك مثال عن القدوة التي جسدها رجال الحركة وقيادتها. ومثال آخر ما قاله لي الكثير من الإخوة الذين كانوا يعملون في مستشفى العلفي بالحديدة عن الدكتور عبدالقدوس المضواحي وانسانيته ووطنيته وما كان يقوم به خلال عضويته في لجنة التصحيح المالي والإداري بالحديدة وما أحدثه من نهوض بالمستشفى رغم أنه لم يكن مديراً لها وهو الحال الذي يدركه كل الزملاء الدارسين في مدرسة الثورة الثانوية في عام 74و75و76 التي كانت للدكتور عيادة أمامها حيث خصص يوماً مجانياً للطلاب والعمال وذوي الدخل المحدود وبذلك العمل الإنساني أصبح علماً في المحافظة وهو الحال الذي كان يجسده الاخ المناظل سعيد كحيل الذي كان يعمل في وزارة الشباب والشؤون الإجتماعية وكان مسؤول النقابات والذي عمل مع الصياديين وكان مدافعاً عنهم وأسهم في إنشاء نقابتهم وكان بينهم ولازلوا يذكرونه حتى اليوم.

ومن مواقف الاخلاص والوطنية والشجاعة والأخلاق والقيم لدى الإخوة المناظلين ما قاله عبد العزيز رسام لعلي عبدالله صالح وهو يؤنبه لمشاركته في الإنتفاضة عليه فقد قال له أنا قمت بهذا العمل من أجل الوطن ولو توفرت لي فرصة آخرى سوف أقوم بنفس العمل، وهو الحال في عودة الأخ الشهيد مانع التام من منطقته الأجلب في الرضمة بتاريخ 24 اكتوبر إلى صنعاء ليقوم بزيارة المصابين من قرية الحدى من النساء والأطفال والتي قامت السلطة باحراقها وكان معه رفيقه أحمد قائد النمراني وقد تفاجئت بوجوده في مسشفى الثورة العام وهو يدخل لزيارتهم وقد أبلغتهم ما الذي جاء بك وانت مطلوب قال سوف أزور المصابين وسوف أعود الليلة فقلت له إنتبه وضروري عودتكم وللاسف كان أن أعتقلت في اليوم الثاني مساءً وإذا بي أجد في الزنزانة أمامي الأخ أحمد قائد النمراني الذي كان مرافق للأخ مانع التام وسألته أين مانع قال في الزنزانة الداخلية وقد تم اعتقالنا بعد المغرب في حين كنا مستعدين للمغادرة والعودة إلى البلاد وكنت قد قابلته أيضاً بعد منتصف إحدى الليالي في السجن قرب بركة المياه بعد أن تم ادخلنا البركة وكان مرور محمد خميس من أمامنا مغادراً من مكتبه فصاح عليه مانع التام إلى أين يا فندم فقال مروح وجاء واحد من مرافقي وجلادي محمد خميس إلى أمام مانع يقول له لماذا تصيح للفندم ولكن قام مانع بصفع المرافق على وجهه وقال له أنا مانع التام يا حمار وهنا تدخل خميس وأبعد مرافقيه وقال لمانع بس أنت خذلتني كنت أعتبرك ساعدي الأيمن فقال له مانع الوطن أكبر منا جميعاً وقال له مانع أيضاً إما أن نجلس سوياً أو تغادر أنت إلى بيتك أو نغادر هذا المكان فقال خميس أعيدوهم إلى زنانزينهم.


ومن المواقف التي لا تنسي في إحدى الليالي وقريب الفجر جاء الشاويش ومعاه أحد الأشخاص كان مغمى عليه من جراء التعذيب إلى الزنزانة التي كنت قد أدخلت إليها أنا والأخ صالح حزام وكانت زنزانة الأخ الشهيد عبد السلام مقبل ولم نكن نعرف الشخص لكنه عرفه فقد كان المرحوم عبد الرحمن مهيوب الأمين القطري لحزب البعث وقام مباشرة بإخراج الفراشات التي ننام عليها وجهزها لعبد الرحمن وأخذ بطانيتين وقام بتدفيته، وحيث لم يتبقى لنا سوى بطانية واحدة وفرش جلسنا الثلاثة فوق الفراش الاخر متغطين بالبطانية الوحيدة حتى الساعة السادسة حين صحى الأخ عبدالرحمن وكان بحالة صعبة وللاسف في اليوم الثاني ليلاً تم استدعاء الأخ الشهيد عبد السلام مقبل وبعد ساعتين من استدعائه تم عودته وعندما وصل قال يا أخ عبد الرحمن يظهر أن الجماعة ناوين عليكم أيضاً - في إشارة إلى البعثيين - كذلك فقد تم سؤالي عن المبلغ الذي أخذته منك ويعتبرونه مشاركة من قبلكم في الحركة وواصل كلامه قائلاً على العموم أنا قلت لهم ان المبلغ أخذته منك بشكل شخصي من أجل أن أغطي بناء سكن وأصر أنت على هذا لإنهم ناواين استهداف الخط القومي وفعلاً بعد ساعتين تم استدعاء عبد الرحمن مهيوب وبقي بحدود ساعة أو أقل ليعود ويبوس الشهيد في رأسه قائلا له أنقذتني الله ينفذك.

هناك تجسيد للقيم والثوابت وإيمان بها وكانوا قدوة وٱعلام في السلوك الوطني وقيم التضحية ونكران الذات وإعلاء المصلحة الوطنية والتضحية..
ويكفي ما قاله البردوني إنهم وعند إصدار الأحكام صفقوا ورحبوا وكأنهم ذاهبين إلى عرس. وحقيقة فإن عصر يوم 5 نوفمبر تحولت الزنازين إلى شعلة من الحماس مردديم الأناشيد الثورية والوطنية حتي تم إخراجهم بعد المغرب من الزنزانة التي تم جمعهم فيها ولا أنسى ما قاله الأخ الشهيد عبد السلام مقبل بعد عودته من المحكمة ومغادرته الزنزانة التي كانت تجمعنا أنا وهو وصالح حزام وعبد الرحمن مهيوب وهو يقول نحن أدينا ما علينا والتنظيم أمانه في أعناقكم. لقد تم إصدار حكم الإعدام في جميع الدفعة فيما تم إصدار حكم بالمؤبد للأخ الردفاني.

وللعلم هناك الكثير من المواقف والممارسات والتي جعلت من فترة يونيو العصر الذهبي في تاريخ اليمن الحديث. لقد كانوا قدوة وصنعوا للتنظيم تاريخ بما جسدوه وبما قمت في استعراضه سابقاً جزء يسير من تلك المواقف والبطولات التي جسدها القادة الناصريين لكي نُطلع شبابنا وكوادرنا وشعبنا على مواقف رجال صدقوا الله والوطن وكانوا خير قدوة لنا ينبغي أن يسير عليها كل ناصري ووطني.

الرحمه والخلود لهم والخزي والعار للخونة والعملاء والمتآمرين والقتلة وتجار الحروب.

إقراء أيضا

وليد أبو حاتم
وليد أبو حاتم
إبراهيم العشماوي
إبراهيم العشماوي