الرئيسية المقالات مدارات إلى الأفاقين: الناصريون أكبر من مشاريعكم الطائفية والمذهبية الضيقة
إلى الأفاقين: الناصريون أكبر من مشاريعكم الطائفية والمذهبية الضيقة
د. عبدالله الخولاني
د. عبدالله الخولاني

بداية أتوجه بالاعتذار إلى القراء الكرام، لاضطراري إلى جرح صومي عن الكتابة الصحفية، بعد أن كنت منذ زمن قد أعلنته، صوما غير ذي حدود زمنية، بمجرد أن أحسست أن لا مكان لما أكتب في الأقنية الصحفية، سواء الورقية أم الإلكترونية، التي تزاحمت على مساحاتها أقلام لا يحترم حملتها العمل الصحفي، لا من حيث لغة الكتابة، ولا من حيث الموضوعات التي تتناولها تلك الأقلام المشروخة، سيما بعد أن أصبح البعض لا يفرق بين مهنة (الفران) ومهنة الصحفي. فالصحافة في نظر مدعيها من الفرانين عجين في عجين. وتترسخ قناعتي بالعزوف عن الكتابة يوما بعد يوم، كلما جال نظري –الوجيع- في فضاءات الصحافة الإلكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي، التي اكتظت بـ (المفسبكين) الذين استمرؤوا استخدام تلك الأقنية الاتصالاتية الرائعة، لتقيؤ ما يتجمع في كروشهم من قيح ثقافتهم الضحلة الحاقدة، بهدف تشويه جوهر الثورة الشعبية الشبابية، خدمة لأعدائها، وتعمُّدالإساءة إلى الشعب النازفة جراحه. ويؤسفني أن يسير في ذيل هذا الركب القذر بعض المرضى النفسيين، الذين دُق في أعماقهم إسفين اليأس والقنوط، أو سيطرت على نفوس بعضهم حالة جنون عظمة حادة، فأصبحوا (لا يعجبهم العجب، ولا الصيام في رجب)، فضلا عن طغيان شيزوفرينيا السياسة، التي جعلت المصابين بها لا يفرقون بين الثورات الشعبية، وبين المؤامرات المحاكة ضد الأمة العربية، والتي بدأت نتائجها تصب في جعب ثلاثي الاستعمار، والصهيونية، والرجعية العربية، فصُمَّت الآذان، وباتت الصدور تضيق من أية محاولة لتصحيح المفاهيم، مع أن حقائق التأريخ وتجاربه تبين لنا أن هذا الثلاثي القذر لا يمكن أن يساند ثورة شعبية نظيفة من رجس العمالة والتبعية لأعداء الأمة، وأقصد هنا ما يجري حاليا في سوريا.

ومثلما كان صومي عن الكتابة الصحفية قرارا اضطراريا، فإن جرح صومي - أيضا- يعد قرارا اضطراريا مؤقتا،يقتضيه واجبي التنظيمي، وتبرره قيمي العربية الناصرية، للرد على من يحاولون المساس بالثوابت الناصرية، فكرا وتنظيما. إذ حاولت نشرة (الإفك) المدعوة بـ (أخبار اليوم) الزج باسم التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، في معترك مهمتها المرسومة لها من قبل مموليها المنتفخة أشداقهم بدماء وأشلاء الشهداء الناصريين، ومن تبعهم من شهداء الثورة الشبابية الشعبية، والمتمثلة بنشر نار الفتنة الطائفية والمناطقية والمذهبية والعرقية، بين مكونات المجتمع اليمني، بلغة ألفناها من نشرة (الإفك) هذه قبل انفجار الغضب الشعبي الشبابي على أولياء نعمة القائمين عليها، ولم تتوقف هذه النشرة عن تنفيذ مهامها الشيطانية، حتى بعد أن ادعى القائمون عليها ومسانديهم الوقوف في صف الثورة ظاهريا، بهدف تشويههاوعرقلة مسيرتها ، وصد الثوار عن تحقيق أهدافهم كاملة غير منقوصة.

فقد استهلت نشرة (الإفك - أخبار اليوم) العام الميلادي الجديد، وتحديدا يوم الأربعاء الموافق 2/1/2013 بنشر كلام تفوح منه عصبية الجاهلية الأولى، نسبته إلى شخصية وهمية سمتها (قيادي في التنظيم الوحدوي الناصري)، تلفظت على لسانه بكلمات قذرة، طائفية ومناطقية وعرقية، يستحيل وجود مثلها في الخطاب الناصري، وجعلت تلك الشخصية الوهمية تلفقعلى التنظيم الناصري موقفا استيائيا من تسليم وزارة الدفاع رفاة الشهيد المرحوم حسين بدر الدين الحوثي لذويه، بناء على وساطة بين وزارة الدفاع وأهل وجماعة المرحوم، ادعت نشرة (الإفك) أن الرئيس السابق علي عبد الله صالح قد قام بها. ولقد تعمدت النشرة توصيف الشهيد الحوثي على لسان الشخصية الوهمية بالصريع، بهدف بث الفتنة بين التنظيم الناصري، و(أنصار الله) - المتبني لقضية صعدة. مع أن مواقف التنظيم سواء الداخلية المعممة بين أعضائه وكوادره، أو الخارجية التي تبثها وسائل إعلام التنظيم وغيرها، تعترف بشرعية مطالب أبناء صعدة الشرفاء. كما كان التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري– ومازال- أول من عبر في كل المنابر الإعلامية، وفي كل المناسبات، عن رفضه استخدام القوة والعنف في التعامل مع قضية صعدة العادلة، بهدف تشويه المطالب الشرعية، وتحويل القضية إلى مجرد صراع مسلح، وفتنة مذهبية، يروح ضحيتهما الأبرياء من الجيش والمواطنين، كما حذر التنظيم – مبكرا- من تدخل آل سعود كطرف في قضية صعدة، لتنفيذ أجندتهم المذهبية، والاستمرار في قضم ومصادرة الأراضي اليمنية، فضلا عن تحويل اليمن إلى ساحة لتصفية حسابات إقليمية، خدمة لقوى استعمارية، وأيضا بهدف حرف قوى التغيير في نجد والحجاز عن أهدافهم، وإشغالهم عن تفجير الثورة في وجه النظام الأسري العميل، الذي أنشأه الاستعمار لحماية أطماعه، وعرقلة أي عمل جهادي لتحرير فلسطين.

إن التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، منذ تأسيسه قبل 47 عاما، وعبر مسيرته التأريخية على المستوى الوطني حدد الساحة اليمنية والعربية كلها – دون استثناء- ميدانا لنضاله، حتى قبل إنجاز الوحدة اليمنية، فلم تقف الحدود السياسية أو الاجتماعية أو القبلية أو المذهبية أو المناطقية عائقا دون حركته بين كل مكونات المجتمع اليمني وشرائحه الاجتماعية. وبالتالي ليس غريبا أن ينتصر الناصريون لجميع القضايا الوطنية، وفي طليعتها قضية صعدة، والقضية الجنوبية، بما يحقق العدالة للمظلومين، وفي إطار الوحدة الوطنية.وهنا أؤكد للعام والخاص أن التنظيم ينظر إلى كل القضايا الوطنية نظرة كلية، ويناضل من أحل تحقيق حل كلي وشامل لها.ومع ذلك؛ فلا تثريب على أي طرف، أو فصيل وطني يستطيع أن يحقق تقدما إيجابيا في حل قضاياه منفردا، بل يبارك الناصريون أي نجاح يتحقق في هذا المضمار أو ذاك، من منطلق أن ذلك - في نظرنا– يعد حلا لجزء من القضية الوطنية الكلية، شريطة ألا يخرج هذا الطرف أو ذاك عن الثوابت الوطنية، وأن لا تبرر غايته – مهما بلغ نبلها- الوسيلة القذرة، مهما ضؤلت درجة قذارتها، لأن من مبادئ التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري: "إن الغايات النبيلة لا تتحقق إلا بوسائل نبيلة". وهنا فإن مدى قرب القوى الأخرى إلى التنظيم الناصري، يتحدد بمدى قرب أو بعد تلك القوى عن القيم والثوابت الوطنية والقومية والإسلامية، دون اعتبار لأي انتماء مذهبي أو قبلي أو عرقي . فلولا تلك الثوابت لما ضحى الإمام علي بن أبي طالب – عليه السلام- وبنوه وأحفاده من بعده بحياتهم. فقد كان المطلوب منهم فقط التخلي عن تلك الثوابت - ولو جزئيا بمداهنة الأنظمة الفاسدة، وغض الطرف عن فساد وظلم الحاكمين. ولو فعلوا ذلك لفتح الحاكمون أمامهم أبواب النعيم الدنيوي، بل وربما أشركوهم حتى في الحكم، وحولوهم إلا مبررين للجرائم التي يرتكبها الغاصبون لصوجان السلطة، فأفسدوها، لتصبح السبب الرئيس في تخلف الأمة العربية والإسلامية عن ركب الحضارة الإنسانية، بعدما كانت في طليعة بناتها، بيد أن التأريخ خلد في ذاكرة الأجيال المتعاقبة إلى يوم القيامة، الإمام علي وبنيه وأحفاده المتمسكين بتلك الثوابت، ورمى الحكام الفاسدين أصحاب الحيلة في مزابله.

إن ما أورته مقدما، يؤكد أن التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، لم ينس لحظة شهداءه، ولم يتخل يوما عن حقه وحق أسر الشهداء عن تسلم جثامين الشهداء، ومعرفة مصير المغيبين قسريا، كما لن يتخلى عن المطالبة بحق المنفيين من قياداته بالعودة إلى وطنهم، وفي مقدمتهم المناضل عبد الله عبد العالم، بيد أن التنظيم يؤكد على استمراره في سلوك الطرق السلمية والقانونية، لأنه – أي التنظيم- اختار العمل السلمي الديمقراطي أسلوبه في انتزاع حقوقه وحقوق شهدائه وأعضائه المتضررين من ظلم وفساد النظام السابق وبقاياه، التي ما زالت تمارس فسادها وجرائمها بأساليب ملتوية حتى اللحظة. وثانيا: ليس المهم فقط تسلم التنظيم جثامين شهدائه، أو عودة المنفيين والمخفيين قسريا، وتعويضهم عما لحق بهم من أضرار مادية ومعنوية، وإنما الأهم من ذلك هو النضال من أجل تقديم المتسببين في كل المآسي التي لحقت بالوطن وبالتنظيم ومناضليه، وكل اليمنيين إلى العدالة، لمحاكمتهم وفقا للقانون، واستصدار أحكام قضائية بتبرئة الشهداء والمنفيين والمخفيين من كل التهم الكيدية التي ألصقها بهم النظام الشمولي السابق، وبرر على أساسها جرائمه المرتكبة في حقهم. وهنا أؤكد بأن التنظيم، لا يسعى من وراء ذلك إلى الثأر الشخصي من أحد أو من جهة بعينها، فلو كان الأمر كذلك لكان استطاع أن يثأر لشهدائه في أي وقت، وإنما ينظر التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، إلى قضاياه ضمن قضايا الوطن بأكمله، فضلا عن أن الشخصيات التي أزهق النظام السابق أرواح بعضها، وحرم بعضها الآخر من العيش فوق أرض وتحت سماء الوطن، كانت ومازالت رموزا وطنية، عملت من أجل الوطن، وأرادت أن تستعيد كرامة الوطن، التي أهدرها الفاسدون بمساندة إقليمية ودولية، وبالتالي فإن خسارة تغييب الناصريين قتلا أو تشريدا، لم تلحق بالتنظيم الناصري وحده ، وإنما هي خسارة لحقت بالوطن وبالشعب العربي في اليمن وفي كل الأقاليم العربية، وفي نفس الوقت استفاد من تغييبهم الجلادون المحليون والمساندون الإقليميون والدوليون، وهذا يجعل محاكمة المجرمين المباشرين وغير المباشرين مطلبا وطنيا وقوميا، حتى تتجلى الحقيقة، ويعاد وتصحيح كتابة التأريخ، الذي زيفه الانتهازيون حسب أهواء أعداء الوطن والأمة.

كما أن رد الاعتبار للشهداء المنفيين والمخفيين، حق لا نطلبه من أحد غير القضاء العادل، لأنه حق لا نستجديه، وإنما نأخذه بقوة القانون، ليس لشهداء التنظيم ومنفييه ومخفييه فحسب، وإنما لكل شهداء ومنفيي ومخفيي الحركة الوطنية بلا استثناء. وهذا ما يفسر مطالبة التنظيم بتزمين قانون العدالة الانتقالية منذ العام 1962، والناصريون يمتلكون الشجاعة والاستعداد لأن يضعوا أنفسهم تحت طائلة المساءلة القانونية، والوقوف أمام القضاء العادل، إذا ما ادعى طرف أو جهة ما مسؤوليتهم عن أية ممارسات مخالفة للقانون منذ العام 1962 حتى اليوم، لاسيما في فترتي مشاركتهم بالسلطة جزئيا سواء أثناء الدفاع عن الثورة في عهد المناضل الراحل عبد الله السلال قبل أن تنجح الثورة المضادة بمساندة استعمارية ورجعية في إيقاف عجلة المشروع الحضاري العربي الناصري على المستوى العربي، أو إبان حكم الشهيد إبراهيم محمد الحمدي، الذي توقف باستشهاده مشروعه الوطني، بعد أن تكالبت عليه قوى العمالة المحلية مسنودة بتحالف رجعي سعودي.

ختاما؛ للتأكيد على أن نشرة (الإفك- أخبار اليوم) قد اختلقت شخصية القيادي الناصري المزعوم لتنفث من خلاله سموم الفتنة، وزرع الخلاف بين التنظيم و(أنصار الله)، فإنني أتحدى أن تفصح نشرة الإفك عن اسم المصدر القيادي الناصري، لأن الناصريين تربوا على الشجاعة وتقديم أرواحهم قربانا للحقيقة، ولا يخجلون من مواقف اتخذوها، لأنها مواقف مؤسسة على مبادئهم الناصرية.

وفي الأخير أدعو الله أن يبعد عن التنظيم الناصري كل الأفاقين والأفاكين، حتى لا أضطر إلى كسر صومي مرة أخرى عن الكتابة الصحفية في هذا الزمن القذر.

 

إقراء أيضا

وليد أبو حاتم
وليد أبو حاتم
إبراهيم العشماوي
إبراهيم العشماوي