رغم محاولات تشوييها وحرفها عن مسارها تظل ثورة الشباب اليمني أهم ثورة في مسار الربيع العربي بالنظر لما قدمته من نموذج حضاري وسياسي مميز أعادت للإنسان اليمني موقعة الطبيعي بين الأمم وكشفت معدنة الأصيل وحقيقة حضارته الموغلة في القدم. وهي الحقائق التي اندثرت وتلاشت بفعل السياسيات العقيمة والمشوهة التي اتخذها النظام السابق طيلة ما يزيد عن ثلاثة عقود.
وبرغم القمع والتنكيل وإثارة الفتن والنزاعات المناطقية والقبلية التي مارسها النظام البائد وثلة من المرتزقة ظل شعبنا على استعداد لتحمل مسؤولياته التاريخية إزاء ما يمارس ضده من تنكيل وتجويع وإشعال الحروب والنهب المنظم لأسرة عاثت فسادا في الأرض مستخدمة أسوء أدوات العصر في تسخير هذا الشعب العظيم ليكون وقود لامتداد حكم دكتاتوري قمعي لا يعرف قيمة الإنسان واحترامه لمبادئ القيم اليمنية الأصيلة.
ظل شعبنا يتابع ويبحث عن فرصة تاريخية يستطيع من خلالها أن يعيد وهج الثورة السبتمبرية المسروقة، والتي انحرفت عن مسارها كلية منذ اغتيال الرئيس الشهيد إبراهيم محمد الحمدي، وظل الناصريون في الطليعة الثورية التقدمية الأمينة التي عرفت مبكرا انقلاب الرجعية على الثورة ومحاولة إجهاض المشروع الحضاري النهضوي التصحيحي الذي رسمه وجسده المشروع الكبير للرئيس الشاب إبراهيم الحمدي الذي تمكن في ثلاث سنوات ونيف من استعادة وهج ثورة سبتمبر، والارتقاء مكانة الوطن وقيمة مواطنيه. منطلقا من حبه الخالص لليمن واليمنيين وهو ما يتجسد في مقولته الشهيرة للشعب اليمني: "نحن خداما لكم لا حكاما عليكم".
ومن خلال رؤيته الثاقبة وصدق توجهه والتصاقه بالجماهير والتفاعل معها تمكن في فترة بسيطة من صياغة الواقع بطريقة عصرية مستمد من التاريخ عبر الماضي واستخلاص دروسه محقق الأمن والأمان ومشاريع تنموية عملاقة لا زالت قائمة حتى اليوم، ولعل من اكبر انجازاته التاريخية صدق مشاعره وعفته وإشراك كل يمني في بنا وطنه والإسهام الايجابي في التقريب بين نظامي الشطرين الجنوبي والشمالي آنذاك والسير بثقة واقتدار نحو تحقيق الوحدة اليمنية التي دفع حياته ثمن مشروعة العملاق بكون قوى الردة والعمالة لا تقبل نهوض هذا الوطن وتقدمه.
وبدون شك فإن اغتيال الشهيد الحمدي هو اغتيال وطن بأكمله خاصة أن المستهدف هو مشروعة العروبي ولهذا لم ييأس شعبنا بل كانت الطلائع الناصرية التي شاركت القائد الشهيد في مشروعة عبر لجان التصحيح وجميع مرافق الدولة هي من يتصدى للقوة العميلة والخائنة والرجعية وعلى أتم الاستعداد لتضحية والفداء لهذا الوطن فلم تكتمل السنتين على رحيل زعيم اليمن المحبوب حتى كانت ثورة 15 أكتوبر الناصرية 78م تشق طريقها للخلاص من النظام العميل الذي اوصلتة جحافل الرجعية والامبريالية على ظهر دبابات انقلابية وهنا ارتكب النظام المخلوع جريمته التاريخية من خلال إعدام قادة الثورة الناصرية وفي مقدمتهم الأمين العام للتنظيم القائد الشهيد عيسى محمد سيف ورفاقه الميامين من اشرف واخلص رجال اليمن الإبرار، هؤلاء العظماء قدموا أرواحهم فداء للوطن والشعب في سبيل الخلاص من طاعون العصر.
وبما أن النظام حينها ارتكب جريمته النكراء في إعدام قادة ثورة أكتوبر بطرقة بشعة وإخفاء جثامين التي لا زالت غائبة حتى اليوم رغم النداءات المستمرة بالكشف عن جثامينهم الطاهرة.
ومن ذلك التاريخ والمخلوع ونظامه مستمرون في التمادي وقتل وتشريد اليمنيين فضلا عن بيع الارض والعرض وتشويه الصورة النقية للإنسان اليماني المعروفة باخلاقة وعلمه وحضارته الضاربة في أعماق التاريخ وصوره على انه قنبلة موقوتة والصق تهم الارهاب والقتل في الشعب الاصيل. كل هذه العوامل وغيرها الكثير عززت في شعبنا روح العزيمة الثورية لانتزاع الحقوق المسلوبة. و بقوة الشباب الحالم العظيم هذا المارد اليماني الذي تصور المخلوع ذات يوم أنة مات وأصبح في خبر كان لم ولن يقبل الذل والهوان ولم ينسى الدماء الزكية التي أروت شقوق الأرض اليمانية في كل سفوح الوطن، فانطلق المارد اليماني يوم 11 فبراير معلن اندثار الظلام وبزوغ فجر الحرية والانعتاق وإعادة صياغة الواقع اليمني بصورة حضارية وترميم مآسي الماضي وحل القضية الجنوبية والانتصار لها بكونها قضية حقوقية وسياسية بعد أن شوه المخلوع معانيها الجميلة ومفرداتها الرائعة وحلمها الجميل وحولها على أهلنا في الجنوب إلى كابوس باسم الوحدة ! وهي منه برئ وما يجسدة اليوم شباب الثورة من ملاحم بطولية في التضحية والبسالة والجلد وإشاعة روح الثورة الجميلة بكل معانييها الأخلاقية والإنسانية مجددين روح النهضة والتحديث في القيم والعدالة والعلم والتسامح وسلمية الثورة ونقاء قادتها.
وهنا لا بد من الاشادة بالمواقف الوطنية الشجاعة لاحزاب اللقاء المشترك التي التحمت بشباب الثورة وشكلت الحامل السياسي للثورة وفق تفاعل ايجابي مشترك بين القوة السياسية التي يجسدها المشترك والقوة الميدانية العملاقة التي يجسدها شباب الثورة هذا التلاحم الايجابي استطاع إن يكسر حاجز الخوف وان يلقي بالطاغوت في مزبلة التاريخ.
ورغم كل ذلك لا زالت قوى الشر والارتداد تمارس إسفافها وجرائمها مستغلة الحصانة سيئة السمعة التي يجب اعادة النظر فيها، كون المخلوع لم يلتزم بها مستغل سماحة الثوار وعفوهم ليعيد اسطوانته الإجرامية في الاغتيالات والتفجيرات وقطع الكهرباء ، الامر الذي يحتم المراجعة والغاء الحصانة ومن ثم جر المخلوع وحاشيته للمحاكم لينالوا جزائهم بما اقترفوه في حق الوطن والشعب.