الرئيسية المقالات مدارات جمع الأصفار صفر
جمع الأصفار صفر
زكريا الحسامي
زكريا الحسامي
مشكلة اليمني أنه كريم ومتناسٍ ومتسامح ودائم يتنازل عن حقوقه التي أعطاها له قانون الحياة حتى انه اصبح يتسامح ويتنازل بحجم كارثي.
تلك الحالة الفريدة استهوت الحاكم على مر عقود من الاستبداد وارتكاب ابشع الجرائم بحق الشعب، وفي الأخير يطالب الحاكم بمنحة حصانة تعفيه من تلك الأعمال ويقبل بها الشعب رغم ألمه وجراحة بحجة كسر الشر.
لقد تعمد النظام ان تسود في عهدة ثقافة متوغلة في الوحشية؛ ثقافة الغابة (البقاء للأقوى) وعندما تسود مثل هذه الثقافة وتتوغل وسط المجتمع وتغيب ثقافة احترام المواطنة على أساس العدل والمساواة؛ فمن الطبيعي ان تختل موازين التعايش ويصبح الحاكم والشيخ هو المقدس الذي يمتلك المال والثروة وحتى الإنسان، والغريب أننا لازلنا نسمع في العصر الحالي عن وجود عبيد ورق.
عندما نسمع عن شيوخ ومتنفذين يمتلكون عبيداً ونلزم الصمت دون ان ندافع عنهم او حتى نستنكر. عندما نشاهد جرحى الثورة يعتصمون وكأن ذلك لا يخصنا على الرغم أنهم جرحوا من أجلنا. عند نسمح بمنح القاتل حصانة من جرمه، أليس ذلك ذنبا ندفع ثمنة الآن، بل وستدفع ثمنة كذلك الأجيال القادمة التي لا ذنب لها الا انها أتت بعد جيل رضخ وتنازل عن أبسط حقوقه.
ومن المؤسف ان الفاتورة تكبر يوما بعد آخر، ونحن نرحّل مشاكلنا وأزماتنا غير مدركين لحجم تلك الفاتورة التي ستغرقنا يوماً، فعشرات الأشخاص يموتون يوميا تحت وطأة فاتورة العلاج التي لا يستطيعون سدادها، أو تحصدهم الطلقات النارية والطائرات بدون طيار والطرقات.
اليوم نحن على أعتاب مؤتمر حوار وطني يعوّل عليه اليمنيون كثيراً لحل قضاياهم التي أرهقتهم على مدى السنوات الماضية لكي يتمكنوا من استعادة كرامتهم وآدميتهم التي سلبت منهم بفعل نظام دكتاتوري.
لكن الغرابة اننا نلاحظ عودة الحسابات القديمة الى الواجهة بالمحاصصة والتقاسم التي أضحت تهيمن على كل شيء، حتى وصل الأمر الى اختيار الممثلين في مؤتمر الحوار الوطني فإذا ما سرنا بهذه الطريقة فانها ستؤدي حتما الى فشل مبكر للحوار الوطني، فقد أقصوا الرقم المهم في المعادلة وهم شريحة الشباب مشعلي الثورة وقادة التغيير، واستبدلوا بهم الأصفار، ومحصلة جمع الأصفار بالحسبة الرياضية يساوي صفراً.

إقراء أيضا

وليد أبو حاتم
وليد أبو حاتم
إبراهيم العشماوي
إبراهيم العشماوي