تشافيز ( 1 )
عبدالرحمن بجاش
عبدالرحمن بجاش

  ذات مرة قيل للدكتور عبد العظيم رمضان وكان يكتب مقالته الأسبوعية بمجلة أكتوبر المصرية أيام رئاسة أنيس منصور لتحريرها وكان السادات يريده هيكل آخر فلم يكن له ما أراد فالمواهب لا تأتي بقرار : كيف تفسر إذاً خروج الجماهير في 9 و 10 يونيو - 67 بعد الهزيمة طبعا - بتلك الأعداد الأسطورية تطالب عبد الناصر بالعودة عن الاستقالة ؟؟ قال : أما هذه فلا أجد لها تفسيرا , كان عبدالعظيم متحاملا على عبد الناصر والناصرية ومتشيعا للسادات , ويوم أن تم توديع عبد الناصر إلى مثواه الأخير لم تخرج مصر وحدها بل خرج الشارع العربي إلى الشارع يبكي الزعيم وكتب يومها نزار ( قتلناك يا آخر الأنبياء ) , ما هو السر الذي يجعل الجماهير تظل مرتبطة به حتى ولو انهزم , هل هو الخوف مما سيأتي , هل هو الخوف من التغيير مثلا , هل لأنه أزمن في موقعه وجاءت أجيال وذهبت أخرى وهو لا يزال متربعا على الكرسي فلم يعرفوا ولم يريدوا معرفة غيره ؟؟ هل هي حالة نفسية , أعتقد أن السر أكبر - أنا أتحدث عن الزعماء وليس الحكام - , سأقول شيئا هو أنني كلما أعدت استعراض فيلم ناصر 56 أعيد مشهد المرأة العجوز وناصر مائة مرة حتى تنهمر دموعي ويرتفع شعر رأسي إلى السماء , الرجل ينتظر مكا ة مهمة ,يقطع صمت الانتظار رنين جرس الهاتف , يرفع : أيوه – عايزة ابني فلان , - غلطانه يا ست , ينتظر يعاود الرنين – يا ستي أنت غلطانة , يتكرر الرنين مرات , يسألها بهدوء – ابنك اسمه إيه ويشتغل فين وأنا اسأل لك عليه ؟؟ ترد ببراءة , لتسأله : أنت مين يا بني – جمال عبد الناصر , بطيبة الأم : ربنا ينصرك يا بني , وتتكرر المشاهد فجمال عبد الناصر كان يسأل كل يوم عن آخر نكتة لاذعة

متعلقة به ويعرف عن طريقها مزاج الشعب المصري ويضحك كثيرا برغم الألم , وكم هي نكات المصريين لاذعة , وهو الشعب الوحيد الذي يستطيع أن يضحك وقت الألم , وبرغم الفقر فالمصريين أكثر من يستطيع صنع اللحظة .. وأجلس على أي كرسي في أي مقهى إذا ضاقت بك الدنيا على أي رصيف في القاهرة وسترى أي شعب هو الشعب المصري..

صحيفة الثورة

إقراء أيضا

وليد أبو حاتم
وليد أبو حاتم
إبراهيم العشماوي
إبراهيم العشماوي