يمثل الرئيس هادي قيادة وسطية وعلق علية اليمنيون آمال عريضة لما يتمتع به من شخصية قوية وإدراك للمتغيرات اليمنية ، فضلا عن كونه رئيس الإجماع الوطني الذي توافق عليه الجميع في ظروف استثنائية .
ومن باب الإنصاف نقول أن هادي استطاع أن يعيد التوازن النسبي للأوضاع السياسية والأمنية وكذا الاقتصادية التي اختلت طيلة العام 2011م، الامر الذي زاد من رصيده شعبيا وخارجيا. الرجل جسد أيضا حقيقة التحول الايجابي ولعب على التوازنات واضطر أحياناً لمسك العصا من الوسط والاستعانة بالجميع. ومع ذلك اصطدم بحزبه القديم الجديد أوان حزبه هو من اصطدم به وهو أمر طبيعي في ظل الوضع الحزبي المختل للرئيس هادي الذي لا يزال نائبا للرئيس المخلوع في الحزب وخلفا له في السلطة. وهنا لا يمكن لرئيسه في الحزب ان يعينه على تادية الوظيفة التي فشل فيها وخرج تحت وطأة ثورة شعبية اندلعت ضده ونظامه الذي أفرط في الظلم والفشل. وبمعنى ادق لا يمكن لصالح وقيادة حزبه مساعدة هادي ليكون خير خلف لأسوء سلف. ولعل هذه المعضلة هي ابرز المأخذ على الرئيس هادي الذي قبل ان يضل صالح رئيسا له في الحزب الذي تقول بنود نظامه الداخلي ان من يتولى رئاسة الحزب هو رئيس الدولة على اعتبار ان الحزب ظل حاكما منذ النشأة حتى اليوم .
يدرك هادي ان من اوصله الى سدة الحكم هم الشباب وليس أحدا سواهم وبالتالي فهو يحاول - على استحياء - التعبير عن تطلعات الشباب للمستقبل، الا ان إفراطه في الهدوء والترحيل لبعض القرارات والإجراءات يسلب الجماهير بعض امالهم المعلقة برئيسهم الجديد. عدم البت في هيكلة الجيش وما يشبه التراجع عن إلغاء الفرقة الأولى مدرع والحرس الجمهورية واعادة تقسيم المناطق العسكرية شجع البعض على التمادي والإيغال بأعمال العنف والفوضى التي عادت مجددا لتطال آبار النفط والغاز وشبكة الكهرباء الوطنية .
المرحلة التي تعيشها اليمن تحتاج تعامل حازم وإجراءات صارمة من قبل الرئيس الجديد ازاء كل ما يهدد استقرار اليمن ويعيد الممارسات السابقة على اعتبار اننا في بداية عهد جديد ثار من اجله اليمنيون وقدموا التضحيات في سبيل مستقبل افضل لا تبدو مقدماته كما أرادتها الثورة والثوار .
هي فرصة ذهبية ولن تتكرر لرئيس اخر ذلك الدعم الذي يتمتع به هادي على المستوى الشعبي والاقليمي والدولي وما لم يمارس مهامه بكل ثقة واقتدار وحزم حين يتطلب الامر الحزم والشدة فان المرحلة الانتقالية ستصاب بانتكاسة شديدة تعيد البلد الى المربع الاول .
ولعل ابرز الملاحظات المحزنة في العهد الجديد الحشد الأسري والعائلي الذي احتواه كشف اعضاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي من المفترض انه يمثل اليمن بكل جغرافيتها وفئاتها لا ان تغيب محافظات وفئات اجتماعية وتحضر اسر بعدد كبير من أفرادها. فضلا عن موافقة هادي على تمثيل بعض المتهمين يقتل شباب الثورة ضمن قوام المؤتمر الذي حضر فيه الجلاد وغاب الضحية على اعتبار ان تمثيل الشباب كان اقل من المتدني ولا نقصد هنا بالشباب المرحلة العمرية وانما الشباب الثائر في الساحات والذي صنع ملحمة التغيير .
ندرك حجم الضغوط والتحديات التي تواجه الرئيس هادي لكن املنا لا زال معلق عليه في تجاوزها وتاسيس ملامح دولة مدنية حديثة بكل ما تعنيه هذه المفردات من معان، والأعمال بالخواتم كما يقول المثل اليمني الشهير وهو ما ننتظره من الرئيس الذي اختاره الشعب وتوافقت عليه مختلف القوى السياسة واجمع عليه الاقليم والعالم .