تحل علينا اليوم الذكرى الـ39 لحركة 13 يونيو التصحيحية بقيادة الرئيس الشهيد ابراهيم محمد الحمدي الذي انتقل باليمن واليمنيين من ضيق العيش الى مستويات متقدمة على مختلف المجالات وفي زمن قياسي لم يتجاوز الثلاث سنوات وبضعة شهور قبل ان تمتد اليه ايادي الغدر والخيانة والعمالة والارتزاق في اكتوبر الحزين من العام 77م الذي اغتيل فيه الحلم والمشروع والقائد ابراهيم لتحل لعنة التاريخ على اليمن واليمنيين الذين فرطوا برجل استثنائي لم يجود به الدهر مجددا حتى اليوم ولا يبدو انه سيجود بقائد اخر مثله مستقبلا.
تحل الذكرى هذا العام في مرحلة استثنائية تعيشها اليمن وفي ضل تعدد الرؤى والخيارات الكفيلة بإخراج البلد من ازماته المتعددة، دون التوافق على صيغة موحدة. ولعل من ابرز علامات فشل الحوار الوطني وعبثيته هو اغفاله لتجربة ابراهيم الحمدي ومشروعه الذي يمكن عكسه على واقع اليمن والاستفادة منه في مختلف مجالات الحياة وبناء الدولة المدنية الحديثة التي كان ابراهيم قد شرع في وضع لبناتها الاولى.
ومن ضمن المتغيرات التي نشهدها اليوم الثورة الشبابية الشعبية والتي تعتبر امتداد طبيعي لثورة 13 يونيو التصحيحية بقيادة القائد الخالد الشهيد ابراهيم محمد الحمدي، وهو الشاب الصادق والغيور على وطنه الذي جسد اروع وأجمل معاني الوفاء والعطاء وتجسد في روحة الطاهرة الشعب اليمني العظيم بقيمة وتاريخه وثقافته وعفته ووطنية.
ولأنه كذلك فقد ضل الحمدي وحده الذي اجتمع كل الشعب اليمني على حبه بكل توجهاتهم المختلفة ومكنوناتهم ومن بين كل زعماء اليمن ضل الحمدي الرئيس الغائب الحاضر رغم توالي السنوات والعقود على رحيله المؤلم والحزين الذي ابكى الشعب كل الشعب ودفع اليمنيين للخروج في تظاهرة هي الاولى من نوعها على مستوى الشعوب العربية منتصف السبعينات حين خرجت الجماهير اليمنية ترمي الرئيس الجديد بالأحذية وتتساءل عن قاتل الرئيس الذي احب الشعب فأحبه الشعب.
هو شاب فطن وقائد محنك وعربي أصيل من طينة العظماء بما قدم لشعبه من منجزات كثيرة.. وهذه شهادة يقولها ويكررها كل من شهدوا وعاشوا مرحلته ومن شاركوه مسيرة البناء والتعمير والتطوير.
قبل ان تشرق شمس حركة يونيو التصحيحية كان الظلام يلف اليمن من اقصاها الى اقصاها بعد ان بلغ الفساد والظلم وغياب الدولة مبلغه، فكانت القرارات الجريئة والشجاعة التي شرع الحمدي في اتخاذها كفيلة بان تعيد الامل المفقود لليمنيين بعد ان لمسوا خير العهد الجديد واقعا تترجمه الارقام والمنجزات على الواقع. ومع مرور كل يوم في عهد الحمدي كان هناك شيئ جديد يتحقق على الارض وتطور ملموس يرتقي باليمن الدولة والمواطنين، وكانت المؤسسات تحل بديلا عن القبيلة والهمجية المشيخية. وبعد ان انتعشت الحياة المعيشية لليمنيين ونعموا بمشاريع الخدمة التحتية من طرقات وصحة وتعليم ومياه شرع الحمدي بوضع الخطط المستقبلية التي ترقي باليمن الى مصافي الدولة المتقدمة على مستوى المنطقة ومحيطها الجغرافي. فكانت مؤامرة اغتيال الحمدي ضمن مشروع هدام لكسر شوكة اليمن وإعادتها مجددا الى وحل التردي والضياع.
حركة يونيو التصحيحية تستحق عن جدارة ان تكون عيدنا وطنيا ومناسبة سنوية يحتفي بها اليمنيين كل عام، وقبل ذلك يجب ان يعاد فتح ملف اغتيال الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي ورفاقه الاطهار وكشف نتائج هذه التحقيقات على الرأي العام للتاريخ والناس. خاصة وان الواقع السياسي اليوم مهيئ تماما لاعادة فتح ملف اغتيال الحمدي وكشف نتائجه بعد سقوط نظام صالح الذي ضل يتكتم على الشهيد الحمدي وكل ما يذكر اليمنيين به وبفترته التي استحق عن جدارة اسم الفترة الذهبية لليمن واليمنيين. ودون اعادة فتح ملف اغتيال الحمدي فان علامات استفهام كبيرة يجب ان توضع امام الثورة الشبابية ومخرجاتها.