الرئيسية المقالات مدارات المؤتمر القومي العربي والزوبعة اليمنية
المؤتمر القومي العربي والزوبعة اليمنية
عبدالملك المخلافي
عبدالملك المخلافي

  اعتاد المؤتمر القومي العربي عند انعقاده كل عام أن يسبق ويلحق ويرافق  انعقاده بعض الزوابع الصغيرة، من خلال إشاعات وأكاذيب ومواقف... الخ، ولم نكن نعتقد أن هذا العام سيكون استثناء, بل إن التوقع أن يكون ذلك أكبر  نظراً لانعقاده في القاهرة وسط الظروف التي تمر بها الأمة, والانقسامات والخلافات حول عدد من أهم القضايا, بالإضافة إلى النجاح الكبير الذي حققه  في دورته الرابعة والعشرين, والذي ظهر منذ البداية من خلال العدد الكبير الذي لبى دعوة الحضور من أعضاءه , أو الذين تقدموا بطلب العضوية, أو الحضور كمراقبين رغم أن الجميع بدون استثناء حضر على حسابه الخاص, وتحمل كل النفقات .

 واجه المؤتمر ما هو معتاد من الزوابع ونجح، إلا أن أكذب هذه الزوابع وأسخفها هي الزوابع التي دارت في اليمن، والغريب أن الزوبعة في الفنجان اليمني وجدت من يشربها في اليمن، أما خارج اليمن فلا أظن أن أحداً سمع بها, ناهيك عن أن يشربها أو حتى يهتم بها، لقد كانت مجرد زوبعة في فنجان يمني مفصلة على مقاس العقل السياسي اليمني أرادت نقل معارك يمنية بحتة إلى المؤتمر القومي العربي الذي ليس معنياً بهذه المعارك ولا بأصحابها ولا بأطرافها، ويتناول الشأن في كل قطرٍ عربي من خلال الكليات والثوابت والمبادئ لا من خلال الأفراد والتفاصيل.

أما الأفراد وعلاقات القوى فالمؤتمر ليس باباً مفتوحاً, وعلاقته تتحدد من خلال النظام الأساسي والداخلي وثوابت المؤتمر, الذي بني منذ تأسيسه عام 1990 كمؤسسة قومية جامعة لكل المؤمنين بالمشروع النهضوي العربي بعناصره الستة: الديمقراطية، الوحدة العربية، الاستقلال الوطني والقومي، التنمية المستقلة، العدالة الاجتماعية، والتجدد الحضاري. بالإضافة إلى مركزية القضية الفلسطينية والصراع العربي الصهيوني, ومقاومة الصهيونية وقوى الاستعمار والاحتلال والهيمنة والإمبريالية والتبعية والتدخل الخارجي, ودعم كل أشكال المقاومة في الأمة للصهيونية و صنوف الاحتلال, ومواجهة كل أشكال الاستبداد والفساد والقمع والإقصاء وانتهاك حقوق الإنسان.

شكَّل المؤتمر المرجعية الشعبية العربية الأولى على مدى 24 عاماً، صمد فيها من خلال بنائه المؤسسي ومصداقيته واستقلاليته في مواجهة كل الظروف والتحولات, وكان له الفضل في بناء مؤسسات قومية أخرى تدعم توجهه مثل مخيم الشباب القومي العربى, والمؤتمر القومي الإسلامي, والمؤتمر العربي العام الذي يضم المؤتمرات الثلاثة (القومي العربي والقومي الإسلامي ومؤتمر الأحزاب العربية), بالإضافة إلى عدد من المؤسسات الأخرى الشقيقة، في الوقت الذي اختفت أشكال مشابهة تأسست مع المؤتمر أو بعده لفقدانها للمواصفات, والسمات التي تميز بها المؤتمر وفي مقدمتها الاستقلالية والتمثيل الصادق للمشروع القومي، رغم الإمكانات الهائلة لهذه الأشكال, وافتقاد المؤتمر لأي إمكانات أو دعم من أي جهة، ولعل تلك أحد جوانب قوته وضمانة استقلاله. فهو يعتمد فقط على اشتراكات أعضائه وتبرعاتهم التي تعلن سنوياً بالتفصيل من خلال التقرير المالي الذي يوزع على الأعضاء مصادق عليه من قبل مكتب محاسبة ومدقق حسابات معتمد ومرخص في دولة المقر لبنان حيث هو مسجلٌ وفقاً للقانون كمنظمة غير حكومية.

بالإضافة إلى ما يقدمه الأعضاء  بصورة غير مباشرة من خلال حضورهم للمؤتمر على حسابهم الخاص غالباً، إلا إذا توفرت استضافة له في أحد الأقطار جزئياً في الغالب من جهة رسمية أو حزبية أو من قبل المجتمع المدني بفعل جهود ومساعي أعضائه وهى الحالة الاستثنائية.

وقد عُقد المؤتمر القومي في عدد من العواصم العربية (تونس وعمان وبيروت والدار البيضاء والجزائر وبغداد وصنعاء والمنامة والخرطوم والقاهرة) ولكن وفقاً لشروطه واستقلاليته، فهو مثلاً لا يمكن أن يُعقد في أي بلد أو يقبل الاستضافة، إذا كان انعقاده في هذا البلد سيؤدي إلى منع حضور عضو من أعضائه، وقد ألغى فعلاً دعوات استضافة في بعض الأقطار لهذا السبب فقط، كما لا يمكن أن يقبل الانعقاد في أي قطر إذا كان ذلك سيؤثر على حرية المؤتمر أو يحدُّ من نقاشاته الحرة, أو سيؤثر على استقلاليته أو سيفرض أي أجندة أو جدول أعمال له, أو سيؤثر على مخرجاته, أو سيفرض تحت أي صورة من الصور أي نص أو فقرة على بيانه الختامي المسمى (بيان إلى الأمة )

 وقد رفض بالفعل دعوات للانعقاد في بعض الأقطار لهذا السبب فقط، ومنها أقطار ذات أنظمة قومية قد يلتقي معها المؤتمر في بعض توجهها القومي العام ولكن يرى أنها ليست مكاناً مناسباً لانعقاده للأسباب المشار إليها.

ومع أن المؤتمر ليس حزباً قومياً ولا تجمع أو جبهة لأحزاب قومية, وليس مؤتمر معارضة بالمعنى التفصيلي لنظام بذاته , وبالتأكيد ليس مؤتمراً مقرباً من الحكومات أو حكومة معينة, أو مؤتمر لتمثيل الأقطار, أو تجمع لكيانات قطرية وليس طرفاً في تفاصيل التباينات والصراعات المحلية في أي قطر، وليس تجمعاً جماهيرياً ولا يسعى لأيٍ من ذلك، وإنما هو تجمع ومؤتمر قومي عربي يتم قبول الأعضاء فيه بصفاتهم الشخصية من بين المفكرين ، والممارسين والناشطين في المنظمات السياسية والمدنية والجماهيرية من أبناء الوطن العربي والعرب في المغتربات والمهاجر بغض النظر عن حزبيتهم واستقلاليتهم أو انتماءاتهم الحزبية والسياسية والفكرية, الذين يوافقون على نظامه وتوجهاته ويعلنون إيمانهم بالمشروع النهضوي والحضاري العربي, واستعدادهم للعمل من أجله، مع ذلك فإن المؤتمر منحازٌ انحيازاً واضحاً لقضايا الأمة والمشروع النهضوي بكل عناصره وأبعاده التي أشرنا إليها وللشعوب العربية وحقوقها في كل قطر, وفي المقدمة حقها في الديمقراطية وحقوق الإنسان.

ووفقا لذلك ضم المؤتمر في عضويته أهم الشخصيات العربية من كل أقطار الأمة وفي المهجر ممن تنطبق عليهم مواصفات العضوية، التي أشرنا إليها، وقد حقق ولازال الكثير من أهدافه وفي مقدمتها خلق مرجعية شعبية عربية.

وتبرز أهمية المؤتمر الذي تأسس في ظروف انهيار النظام العالمي ثنائي القطبية وبعدها انهيار النظام الرسمي العربي والانقسام العربي بعد دخول العراق للكويت واستقدام القوات الأجنبية وما شهدته الأمة على مدى ما يقارب عقدان ونصف حتى الآن من أحداث جسام وانقسامات, في مواقفه والدور الذي قام به الذي وفر المرجعية الشعبية العربية الموثوق بها تجاه كل هذه الأحداث.

ولا شك أنه في التفاصيل تجاه هذا الحدث أو ذاك لم يكن هناك رضا كامل من كل القوميين عن المؤتمر أو ما يصدر عنه وجزء من ذلك طبيعي تجاه أي عمل إنساني مهما بلغ حجمه أو اجتهد في تعبيره عن الضمير الجمعي للأمة (من خلال تنوع من ينتمون إليه أو فيما يصدر عنه تعبيراً عن هذا التنوع)، إلا أن الكثير من عدم الرضا كان ينتج من عدم فهم لطبيعة المؤتمر و دوره وتكوينه، وخاصة ممن يريده أن يكون على مقاس أفكاره، أو رؤيته الحزبية أو الشخصية أو انحيازاته الذاتية في المواقف والقضايا التي يقف أمامها المؤتمر, أو ممن يقرأ ما يصدر عنه مجزأً ولا يأخذ مواقفه سلسلة متكاملة ويريد منه في كل مؤتمر سنوي أن يعيد تأكيد مواقف سبق أن أكدها وهو في الأساس يحدد مواقفه في كل عام وفقاً للمستجدات بين دورتي انعقاده السنوي.

 وقد سعى المؤتمر لخلق وتعزيز ودعم وجود كتلة تاريخية دون إقصاء أو تهميش على مستوى الأمة وفي كل قطر، تحل بديلة للمشاريع الأحادية والصراع، وإلى تجميع كل التيارات الأساسية في الأمة في كتلة تاريخية تحمل مشروع نهوض عربي واحد. وفي سبيل ذلك أنشئ المؤتمر القومي الإسلامي كإطار للحوار والتنسيق والعمل المشترك بين التيارين الاساسيين ،التيار القومي والتيار الإسلامي، ومن أجل ذلك فتح عضويته لكل تيارات الأمة معتبراً أن عضويته ليست مقتصرة على المنتمين للتيار القومي بالمعنى التقليدي, وإنما لكل المؤمنين بالمشروع النهضوي العربي فضم في عضويته أعضاء من مختلف التيارات ناصريين وبعثيين وماركسيين قوميين وعروبين ديمقراطيين وحتى ليبراليين عروبيين ومن إسلاميين على تعدد مشاربهم يؤمنون بالمشروع النهضوي, وخاصة من تيار المقاومة وغيرهم.

المعيار ليس الخلفيات التي يأتي منها الأعضاء ولكن مدى الالتزام بما يمثله المؤتمر, ومن يدخل المؤتمر ولا يستطيع أن يجسد منطلقاته ومواقفه وأهدافه يغادره بهدوء وفقاً لنظامه.

 

ولازال المؤتمر يسعى لتعزيز فكرة الكتلة التاريخية ويجسدها ويحرص عليها ويبذل الجهود من أجل تجاوز أية عقبات في طريقها لأنها الخيار الصحيح لانتقال الأمة إلى ديمقراطية حقيقية وإزالة فكرة الصراع والإقصاء والتهميش وخلق الاستقرار الكفيل بالنهوض من خلال الاتفاق على مشروع نهضوي للأمة يتم التباين والتمايز وتداول السلطة في إطاره ، رغم أنها بدأت في البداية فكرة مثالية ومستحيلة، وتتعرض اليوم للتشكيك وضعف مصداقية العلاقة بين أطرافها مع الخلافات التي تشهدها أطراف التيارات الأساسية , وخاصة التيارين القومي العربي والإسلامي .

 

 والشاهد ان المؤتمر القومي على مدى عقدين ونصف كان حاضراً كمؤسسة أو من خلال أعضائه في كل ساحة, وعلى المستوى القومي في كل قضايا الأمة من خلال انعقاده المنتظم كل عام دون انقطاع, ومن خلال أمانته العامة بين المؤتمرات, ويمكن بمراجعة ما صدر عنه, وخاصة بيانه إلى الأمة كل عام معرفة مواقفه، وبمراجعة العضوية فيه, ومن يحضر دورات مؤتمراته يمكن أيضاً معرفة القامات التي يمثلها المؤتمر وتنوعه منذ التأسيس وحتى الآن.

 

ومما أعتزُّ به شخصياً أيما اعتزاز أني كنت حاضراً ومؤسساً مع هذه القامات الكبيرة منذ المؤتمر الأول في تونس العاصمة في مارس عام 1990 الذي تشرفت بحضوره وحتى انتخابي أميناً عاماً للمؤتمر في المؤتمر الثالث والعشرين المنعقد في تونس 2012، وهو الموقع الذي تعاقب عليه قامات قومية كبيرة تعكس تنوع المؤتمر من مشرق الوطن العربي إلى مغربه, أصحاب سِيَر ذاتية وتاريخ نضالي يطول الحديث عنهم هم: الدكتور خير الدين حسيب الأمين العام المؤسس ورئيس اللجنة التنفيذية والمؤسس لمركز دراسات الوحدة العربية أهم مؤسسة فكرية وبحثية وحدوية وقومية عربية، والأستاذ المرحوم عبدالحميد المهري أحد القادة التاريخيين البارزين للثورة الجزائرية والأمين العام الأسبق لجبهة التحرير الوطني الجزائرية, والأستاذ المرحوم ضياء الدين داوود أحد رفاق عبدالناصر ورئيس الحزب الناصري في مصر سابقاً, والأستاذ معن بشور الشخصية القومية البارزة والمفكر المعروف والرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي في لبنان, والأستاذ خالد السفياني (المغرب) الناشط والقيادي السياسي والحقوقي البارز, والأستاذ عبدالقادر غوقة (ليبيا) المناضل القومي والدبلوماسي والوزير وأحد القيادات الناصرية التاريخية.

 

مؤتمر كهذا كيف يمكن لبعض السُذَّج أو ذوو الهوى التفكير مجرد تفكير بتصديق تلك الإشاعات التي صدَّرها مطبخ الإشاعات إياه أنه قابل للبيع لأي أحد؟ وكيف يمكن إلا لعقلٍ خَبره اليمنيون في ضحالته أن يحاول أن يُحجِّم هذا المؤتمر الكبير من خلال إشاعات بحجم هذا العقل الصغير؟

 

المؤتمر ليس حزباً يمنياً, وليس معنياً بالخلافات اليمنية, ولا يمكن بسبب وجود شخص من اليمن على رأسه هذه الفترة يمننته, ونقل كل هذه التفاهات إليه وتصويره بحجم إشاعات نظام منقرض, وعقليات تابعة من أيتام الأجهزة أو من السُذَّج الذين يرددون دون تبصر هذه الإشاعات ربما لحسابات متناهية في الصغر.

 

واجهت الدورة الرابعة والعشرون للمؤتمر في القاهرة التي حضرها ما يزيد عن 310 أعضاء وأعضاء مراقبين من الرجال والنساء، توقعات وتمنيات من البعض بالفشل والاختلاف؛ اعتماداً على الظروف التي انعقدت فيها

 

توقع البعض أن يجري الخلاف حول الموضوع السوري, ورغم النقاشات الحادة والجادة في قضية تشهد انقساماً والتباساً حاداً توافق المؤتمرون على الموقف القومي الصحيح من هذه القضية الداعم لحق الشعب السوري في التغيير والساعي لإنقاذ سوريا الدولة والشعب من التدمير ، بحضور عددٍ من أبرز قادة المعارضة السورية الوطنية،

 

وتوقع البعض الفشل؛ اعتماداً على الخلاف بين القوميين والإسلاميين أو أن المؤتمر سيجامل الإسلاميين وخاصة في مصر, الذين هم في السلطة على حساب مبادئه فأثبت المؤتمر أنه أكثر مبدئية وتماسكاً من كل ذلك، شكل المؤتمر دعماً للتيار القومي في مصر ولاستمرار ثورة 25 يناير, ورفض التهميش والإقصاء, وتبدى ذلك من خلال حفل الافتتاح الذي ألقيت فيه كلمات لكلٍ من القائد الشعبي الناصري المرشح الرئاسي حمدين صباحي زعيم التيار الشعبي وأحد أبرز قادة جبهة الإنقاذ, والشاب محمود بدر وهو أحد شباب مخيم الشباب القومي العربي وأحد أبرز قادة حركة تمرد, ومن خلال جعل زيارة ضريح الزعيم الخالد جمال عبدالناصر ضمن جدول أعماله بعد الجلسة الافتتاحية مباشرة. وحافظ المؤتمر على مبدئيته واستقلاليته عندما رفضت الأمانة العامة تلبية دعوة الرئيس محمد مرسي للقائها معه بعد أن كانت قد وافقت على اللقاء بعد أن لاحظت أنه جرى الإشارة لعدم الرغبة في حضور بعض أعضاء الأمانة لهذا اللقاء، وهو أمر ليست المرة الأولى التي يتخذ فيه المؤتمر مثل هذا الموقف تجاه موضوع كهذا.

 

 وتبدى أيضاً من خلال البيان الختامي بيان إلى الأمة وتقييمه لما آلت إليه ثورات التغيير السلمية من تفرد وإقصاء.

 

بالمقابل في مواجهة إشاعات ومقولات حاولت أن تدق إسفين بين القوميين والإسلاميين؛ اعتماداً على خلافٍ طبيعي لا بد من مواجهته بالصدق والوضوح والحرص مثل الترويج لانسحاب البعض في الجلسة الافتتاحية، لاختلافهم مع ما قيل فيها, وخاصة من ممثل الشباب الذي أقرته اللجنة التحضيرية في مصر، دون النظر لما حدث بعد ذلك من عودة المنسحبين وتعبيرهم عن وجهة نظرهم داخل المؤتمر، والترويج لمنع الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية وأحد أعضاء المؤتمر البارزين من الكلام وطرده وهو أمر غير صحيح نفاه الشيخ راشد والمؤتمر, وما قِيل وكُتب عن أن القوميين إقصائيين لطردهم الشيخ راشد الغنوشي من قبل أحد القيادات الإسلامية في مصر (وهو ليس عضواً في المؤتمر ), وما قاله بعض الأفراد من خارج المؤتمر الذين لا يدركون طبيعته, وخلافاً للحقيقة أن المؤتمر تحول إلى حزبٍ ناصري, وتحميل الأمين العام المسؤولية عن ذلك

 

 في مواجهة كل هذه الشائعات. أثبت المؤتمر أنه مؤسسة قومية ديمقراطية جامعة وليس ملكاً لاتجاه أو طرفاً من أطرافه مهما بلغ دور هذا الطرف أو حجمه في المؤتمر من خلال الكلمة التي القاها الاستاذ منير شفيق المفكر الاسلامي المعروف والمنسق العام للموتمر القومي الاسلامي في الجلسة الافتتاحية ومن خلال استمرار مشاركة كل أعضائه بما فيهم   اصحاب الخلفية الاسلامية على قدم المساواة في أعماله, وإتاحة الفرصة للجميع سواء بسواء في التعبير عن آرائهم ورؤيتهم, واشتراك كل الاتجاهات على قدم المساواة في لجنة صياغة البيان الختامي (بيان إلى الأمة), وإقرار البيان بالتوافق والحرص على استمرار الحوار, وإعادة الأمور إلى مسارها الصحيح في العلاقة بين التيارين القومي والإسلامي, برفض أي أخطاء و السعي لتجاوز أي تباينات.

 

كل هذه الجوانب وغيرها الكثير لم ينقلها الذين روجوا ولازالوا حتى اليوم مع الأسف في اليمن للإشاعات حول المؤتمر, والذين لهم أهدافهم المغرضة ولاشك، وهم معروفون بهذا النوع من الإشاعات, وما كانوا يستحقون الرد لولا أن الحملة استمرت وشاركت فيها شخصيات قيادية في حزب المؤتمر الشعبي العام, ورددها وراءهم مع الأسف حسني النية الذين لم يروا كل هذه الحقائق عن المؤتمر رغم أنها موجودة ومنقولة عبر مختلف وسائل الإعلام التقليدي والحديث بما فيها الإنترنت واليوتيوب.

 

انشغل مروجو الإشاعات وأصحاب الزوبعة في الفنجان الصغير بالترويج لحضور يحيى محمد عبدالله صالح إلى المؤتمر؛ اعتماداً على ما قاله هو, وعلى صور تصورها خارج قاعة المؤتمر في بهو الفندق الذي أقيم فيه المؤتمر مع بعض أعضاء المؤتمر, (وهو أمرٌ لا يعني المؤتمر ويمكن لأيٍ كان أن يقوم به ) رغم أنه ليس عضواً ولم يُدع للمؤتمر بأي صفة لا كعضو ولا مراقب ولا ضيف.

 

فلما انتهت هذه الزوبعة وصدر توضيح من المؤتمر مع أنه لم يكن بحاجة لذلك، انتقل مطبخ الشائعات إلى الترويج لزوبعته الأخرى المناقضة للأولى, التي اعتقد المطبخ أنها ستكون الأكبر, وستجد لها من يروجها من بين الصف الآخر واستخدم للترويج أشخاصاً ليسوا محسوبين بصفة مباشرة على المطبخ, ولزوم إعطاء الشائعة ما يجعل للزوبعة الساذجة مصداقية وحجماً أكبر أسند الخبر إلى مصدر غير يمني, فقد نقلوا عن صحفي مصري أنه تحدَّث عن ((ضجة)) بين القوميين المصريين بسبب زملائهم القوميين اليمنيين الذين باعوا المؤتمر القومي العربي لحميد الأحمر.!!

 

يا إلهي ضجة كهذه.!! لم يسمع بها أحد وصحفي مصري قال ذلك لا يُعرفُ من هو والمصدر الوحيد هو مطبخ الإشاعة ومن روج لها والمواقع التي نقلت عنه أو من صدقها, وحتى لو كان من نقل وصدق لا يعرف شيئاً عن المؤتمر القومي ولا عن تاريخه ولا أعضائه فكيف يصدق دون أن يتحرى، أما كان عليه بضغطة زر أن ((يجوجل)) ليبحث عن هذه الضجة في مصر وعن هذا الصحفي، ولو كان قد بحث لما وجد إلا ذات الخبر في مواقع يمنية أو صفحات شخصية ليمنيين على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك), بالنص وكأنه تعميم. ومن المؤسف أن مواقع وصحف محترمة شاركت في ترويج التعميم دون تحرٍّ.

 

إنها مجرد زوبعة محلية, بل حتى ليست زوبعة في فنجان للقهوة المرَّة العربية حسب التعبير الشهير, وإنما هي مجرد زوبعة في ((حيسي)) قشر مشروخ.

 

ثم إن بعض من توسع بالخبر أشار إلى بيع المؤتمر للإخوان (الإخوان هم أيضاً من انسحبوا في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر حسب المصادر غير اليمنية) فيما يتم بيعها لهم -بالنقيض من ذلك - في اليمن حسب الشائعة اليمنية .

 

يا لسذاجة الخبر ومحليته، وهم حسب الخبر المحلي أبو الحيسي، اي (القوميون اليمنيون) يبيعون عبدالناصر ومبادئه ويثيرون ضجة واستياء لدى زملائهم القوميين المصريين, وعلى النقيض من ذلك هم حسب الخبر العربي الصحيح يزورون قبره ويُرئسون أحد رجالاته الكبار (الأستاذ محمد فائق) جلسات المؤتمر ويُحيُّون في مقدمة بيانهم الختامي ثورته الخالدة ثورة 23 يوليو 1952 ويتحدث في افتتاحه حمدين صباحي, ويُشكل دعماً للتيار القومي في مصر ويُثير تقدير وإعجاب واحترام القوميين (المصريين ) الذين شكلوا لجنة تحضيرية موسعة لانعقاده وجمعوا التبرعات له, وقدموا كل التسهيلات اللازمة, وبذلوا جهوداً جبارة لانعقاده وإنجاحه.. حتى أن البعض - كما سبق وإن كانوا قلة- أشاعوا أنه مؤتمراً ناصرياً, متجاهلين أن المؤتمر ينظر إلى عبدالناصر كرمزٍ قومي للأمة كلها, وليس رمزاً لتيارٍ سياسي أو فصيلٍ فقط.

ثم راح مطبخ الشائعة ليعطي مصداقية لهذا الخبر الملفق عن بيع المؤتمر, وليستند لدليل ما ، يذكر النظام الداخلي للمؤتمر الذي لا يعرف شيئاً عنه, ومن الواضح أنه لم يطلع عليه رغم أنه منشورٌ ومتاح، فقال إنه جرى استثناء للأخ حميد الأحمر وقُبلت عضويته رأساً دون أن يمر بعضو مراقب, فهل مروج الإشاعة الساذج وقع في هذا الخطأ فتصور ذلك فعلاً ، علماً أنه يتم قبول الأعضاء الجدد جميعاً رأساً دون أن يمروا بمرحلة العضو المراقب حسب النظامين الأساسي والداخلي ولا يحتاجون إلى استثناء أو بيع وشراء -(أما العضوية المراقبة فلها ظروف ومتطلبات أخرى وليست بالضرورة مدخل إلى اكتساب العضوية, ناهيك عن أن تكون مدخلها الوحيد)- ، أم أنه اعتمد على افتراض سذاجة المتلقي وأنه لن يسأل ما هذا الاستثناء الخطير وما أهميته إن كان صحيحاً أن النظام ينص عليه ليتطلب شراء وبيع للإسراع في قبول العضوية رأساً والفرق بين القبول كمراقب وعضو مجرد عام واحد؟!

فإذا دققنا على ضوء ذلك، لا نجد ما اعتمد عليه ناشر إشاعة البيع والشراء، إلا عقليته القابلة للبيع والشراء بأبخس الأثمان, فإلى جانب أن لا مبرر للشراء والبيع حسب الخبر ذاته, فإن المؤتمر القومي العربي بالمواصفات التي ذكرناها غير قابل للبيع والشراء ممن يملكون أكثر مما تملك أي شخصية يمنية، بل ومن دول لديها الاستعداد- وسعت لذلك- لدفع مبالغ طائلة لاحتواء المؤتمر أو استخدامه أو حرف مساره أو التأثير على استقلاليته أو إنهائه.

 ومؤكدٌ وفقاً لذلك لم ينتظر أعضاء المؤتمر 23 مؤتمراً لم يجدوا من يبيعون له المؤتمر لتقوم شخصية يمنية بالشراء، ثم ما هي سلطة القوميين اليمنيين لبيع المؤتمر لأي أحد؟ هل فقط لأن الأمين العام يمني؟!! يا للسذاجة.

ولماذا لم يعترض ويثير الضجة إلا القوميين المصريين- حسب الإشاعة الساذجة- والمؤتمر يضم قوميين من الماء إلى الماء من موريتانيا إلى العراق والخليج وما بينهما شمالاً وجنوباً؟ هل كل هؤلاء وافقوا على البيع اليمني! لواحد يمني! - حسب الرواية الساذجة- أم أن المطبخ الساذج رأى أن الشيخ حميد الأحمر كان في زيارة القاهرة قُبيل انعقاد المؤتمر والذي لم يحضره بسبب عودته لليمن قبل انعقاد المؤتمر فاعتقد أنه حضره فراح يروج هذه الشائعة الساذجة لمؤتمر رفضت امانته العامة اللقاء مع رئيس أكبر دولة عربية، احتراماً لتقاليده ويجري تناوله بهذه السذاجة؟! وهل الأمر تصفية لحسابات مع الشيخ حميد الأحمر استخدم الموتمر لتحقيقها أم مع الأمين العام أم مع المؤتمر ذاته نظراً لمواقفه تجاه الأوضاع اليمنية الداعم لحق الشعب اليمني في التغيير قبل الثورة اليمنية ودعمه للثورة اليمنية عند قيامها أم تصفية حساب مع الحركة القومية؟!

 والآن إلى المفاجأة المذهلة, التي ربما لا يعرفها حتى الذين رفضوا الشائعة وتصدوا لها, وهي الجواب الشافي لمن أراد: إن الإشاعة بالنص هي ذات الإشاعة التي روجتها السلطة عام 2010 مع حذف بعض التفاصيل حتى يبدو الخبر جديداً ولا يبدو قديماً,

 والحاصل انه عند عقد المؤتمر القومي العربي الحادي والعشرين في بيروت, عام 2010 وفي عز المواجهة مع السلطة التي سبقت الثورة, والذي تم فيه قبول عضوية عددٍ من أعضاء اللجنة التحضيرية للحوار الوطني في المؤتمر القومي ومنهم: الأستاذ محمد سالم باسندوة رئيس اللجنة التحضيرية, والشيخ حميد الأحمر الأمين العام, والدكتور محمد الظاهري, والأستاذ عبدالسلام رزاز, وغيرهم.. وهي - أي اللجنة التحضيرية للحوار الوطني- التي مثلت الشراكة الوطنية, وقاومت النظام, وأنجزت أهم وثيقة يمنية حتى الآن, (وثيقة الإنقاذ), ومهدت للثورة, ووفرت الظروف الموضوعية والحامل السياسي لها.  وتاتي تجربتها - كما تجربة اللقاء المشترك في سياق توجه المؤتمر لخلق الكتلة التاريخية وتحضى بالتقدير والاهتمام من المؤتمر وفقا لذلك ،انه آنذاك غضب النظام من قبول عضوية هؤلا وسعى إلى مشاركة بعض قيادات الحزب الحاكم في المؤتمر القومي, وتقدم بقائمة بهم بحجة التوازن ومشاركة كل الاحزاب وضمت قائمته ، يحي الراعي, وسلطان البركاني, وأحمد بن دغر وغيرهم وبذل كل ما يستطيع, واستخدم كل الوسائل لقبول عضويتهم , وفشل ، اذ لم تقبل عضويتهم؛ اعتماداً على نظم وإجراءات المؤتمر ومعايير العضوية ونظامه الأساسي والداخلي، لأن المؤتمر القومي ليس تمثيلاً لأحزاب وهو يضم من اليمن بصفاتهم الشخصية دون اقصاء مثل كل قطر عربي أعضاء من كل التيارات السياسية والحزبية اليمنية  بما فيها شخصيات من المؤتمر الشعبي العام ممن تنطبق عليهم الشروط, ومنهم: الأستاذ علي لطف الثور الذي كان عضواً في أمانته العامة, والأستاذ عبدالحميد الحدي, والدكتور أحمد الأصبحي, والأستاذ أحمد المتوكل, وغيرهم.. وكان غضب النظام حينها أكثر من مواقف المؤتمر بشأن الأوضاع اليمنية وغضبه أشدُ مما ورد في تقرير حال الأمة عن اليمن, الذي وصف بدقة الأوضاع اليمنية, وهو التقرير السنوي الذي يُشكل خلفية لنقاشات المؤتمر, ويصدر كل عام في كتاب عن مركز دراسات الوحدة العربية لمن يريد الاطلاع عليه، وقد عبَّر عن غضبه هذا بعد ذلك من خلال الصحف الرسمية وبعض الصحف المقربة وما حملته من شتائم واتهامات وتهديدات طالني شخصياً الجزء الأكبر منها, وهي متاحة لمن أراد على الإنترنت.

 

 ما جرى في ذلك المؤتمر وما حاولته السلطة قصة تطول, والمهم أنه بعدها جرى الترويج لخبر البيع والشراء، حتى قبل أن يكون الأمين العام يمنياً ولازال ذلك الخبر عام 2010 موجوداً حتى الآن في الإنترنت بنفس صيغة خبر عام 2013 مع مزيد من التفاصيل, وللتسهيل على القارئ أنشر رابط للخبر القديم ومعه الخبر الجديد ليجد القارئ أن إفلاس البقايا وصل إلى العجز عن أن يضيفوا أي شيء جديدٍ لقديمهم الساذج, وليعرف القارئ من يقف وراء من روج الشائعة, وليشعر من وقع في الشائعة كم هو ساذج وكم تسبب الحسابات الضيقة في الوقوع بالخطأ، وأقول لهم جميعاً إن علينا ألا نُسيء لليمن وشعبها بنقل معارك بهذا الصغر إلى مؤسسات قومية.

والخلاصة أن لا زوبعة من أساسه تنجح في فنجان فما بالك بحيسي القشر المشروخ.

ملاحظة:

 كتبت هذا المقال بناءً على طلب عدد من الإخوة والأخوات المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني, الذين أخبروني أنهم دخلوا في نقاش وجدل مع قيادات بارزة في المؤتمر الشعبي العام ذكروهم لي بالاسم, يرجون لهذه الإشاعة الساذجة بين صفوف أعضاء مؤتمر الحوار غير مكتفين بالتعميم الخبري إياه , ويقسمون أغلظ الأيمان على صحتها.

 وقد كتبته بناءً على ذلك, (وللتعريف بالمؤتمر القومي) بعد ترددٍ لأني كنت أرى أني كأمين عام للمؤتمر لست معنياً حتى وإن كنت يمنياً وجزءاً من الحياة السياسية اليمنية بخبرٍ محلي بحت بمثل سذاجة هذا الخبر الإشاعة ، وإلا لكنت معنيا بذات القدر بالرد عما ينشر عن المؤتمر في كل قطر عربي على حده .

رابط للخبر القديم والجديد

http://yemenstreet.com/news-3643.htm

  ولمن يريد معرفة المزيد عن المؤتمر القومي العربي, ونظامه الداخلي, ومؤتمراته, وما صدر عن مؤتمراته ومواقفه بما فيها أسماء أعضاء أمانته العامة الحالية 2012-2015, والبيان الصادر عن المؤتمر الرابع والعشرين في القاهرة, وأسماء الأعضاء الأساسيين المشاركين في مؤتمر القاهرة في خاتمة البيان وفقاً لتقاليد المؤتمر, وكلمة الأمين العام في افتتاح مؤتمر القاهرة وغيرها الاطلاع على كل ذلك من خلال الموقع الرسمي للمؤتمر القومي العربي على هذا الرابط:

http://www.arabnc.org

إقراء أيضا

وليد أبو حاتم
وليد أبو حاتم
إبراهيم العشماوي
إبراهيم العشماوي