دون ان ينتظر جزاء او شكورا كان يعمل بصمت ويتعمد الوقوف خلف الكواليس والأضواء وهو يقدم الغالي والنفيس كل ما استطاع الى ذلك سبيلا، وآخرها ما قدمه ابان الثورة الشبابية الشعبية من دعم منقطع النظير لساحة الحرية بتعز.
ذاك هو الدكتور ياسين القباطي الاسم الاكثر القً ولمعانا وتقديرا من قبل كل من تواجد في خيام الثورة والحرية بتعز منذ اندلاع شراراتها الاولى. لا يختلف عليه اثنان وكم هو هذا الرجل نيل وعظيم بشهادات كل من يعرفه سواء من محيطه السياسي والاجتماعي او من خارج هذين المحيطين.
كنت اسمع عنه الكثير والكثير من قبل رفاقه ابان الثورة وحاولت ان احصل على رقم تلفونه للتواصل معه لكن حظي كان سيئ وعلمت انه غادر الى القاهرة بيت العرب وقلب الامة النابض. فتواصلت مع المناضل الصادق خالد الشميري لأخذ رقم هاتفه هناك لكنه اخبرني ان الدكتور ياسين عاد الى اليمن لاستكمال مشوار التضحية والفداء من اجل الوطن وفي سبيله. وفي ساحة تعز استطاع الدكتور ياسين بحق ان يكون ضمير الثورة من خلال الدور المتميز الذي بذله مع رفاقه الاحرار.
قبل ذلك كان الرجل الطبيب الانسان بامتياز ولعب دورا بارزا ومتميزا في سبيل مكافحة الجذام في اليمن وهو التخصص الذي يعمل فيه الدكتور ياسين الذي حصد جوائز دولية رفيعة بهذا الشأن. كان لا يكل ولا يمل وهو يبحث عن مرضى الجذام بدلا من انتظار قدومهم الى عيادته لانه يعلم ان القلة فقط من المصابين بمرض كهذا يمكنهم الوصول اليه.
لن استطيع ان اوفي الرجل حقه مهما تحدثت او تحدث غيري كون الدكتور ياسين بحق رجل استثنائي ومناضل من طراز فريد ومن جيل الصادقين الذي لا يبحثون عن شهرة او مال او جاه ثمنا لمواقفهم ونضالاتهم.
ولعل ما يدمي القلب ان يتعرض لرجل من هذا النوع لمحاولة اغتيال اثمة وجبانة لا يمكن ان نجد لها من تبرير سوى ان هناك اطراف تسعي من وراء اغتيال الدكتور القباطي اغتيال ضمير الثورة التي لم نعد نملك سواه بعد ان ابحرت الثورة وأهدافها بعيدا عن الوجهة التي حددت لها سلفاً.
هي محاولة قذرة لتصفية ابرز رموز الثورة في تعز وصناعها الذين وهبوا المال والجهد والروح في سبيل انتصارها..
اشعر بمزيج مختلط من الالم والحسرة والدكتور ياسين ينام اليو في العناية المركزة بعد ان تعرض لنحو 17 طعنة مختلفة من قبل احد المعتوهين داخل عيادته وأثناء عمله الانساني النبيل.
الحسرة تبدو اكثر حين تمر واقعة كهذه دون تصعيد سياسي وامني وعلى مختلف المستويات لكشف تفاصيل الجريمة ودوافعها ومن يقف وراءها وإطلاع الرأي العام على نتائج التحقيقات اولا بأول.
محزن ان يصمت شباب الثورة على ما حدث لأبرز رفاق الثورة واحد اهم داعميها ومحزن جدا ان يصمت المشترك والتنظيم الناصري الذي ينتمي اليه هذا المناضل الجسور الذي يتعرض للذبح في وضح النهار وامام مسمع ومرأى من الجميع، وتمر الحادثة دون بيان رسمي او حزبي يرتقي لمستوى الحدث.
لا يمكن تمرير الحادثة كعمل جنائي.. هي محاولة لذبح الثورة وقطع اوردة اهم رموزها ويجب ألا تمر مرور الكرام.
اننا في المهجر في الولايات المتحدة الامريكية وأوروبا ندين ونستنكر بشدة هذا العمل الجبان والحقير والذي يدل على مدى الحقد والوحشية الذي وصل اليه اعداء الثورة ومصاصي الدماء. ونطالب الاحزاب والمنظمات وشباب الثورة وكل الشرفاء ادانة الحادثة والعمل على كشف خفاياها قبل ان تتوه بزحمة القضايا ودهاليز التحقيقات التي لا تنتهي في بلد كاليمن والشواهد كثيرة على ذلك.
كاتب يمني مقيم في أمريكا