الرئيسية المقالات مدارات اطبع كتاباً تحنب!
اطبع كتاباً تحنب!
عبدالرحمن بجاش
عبدالرحمن بجاش

قولوا معي: لا فتح الله على من استعار أو امتدت يده إلى كتاب حجمه صغير ومحتواه بحجم مصر حفظها الله مما يدبر لها فلم أره بعدها, كتاب خالد الخميسي ( taxi ), والذي قال عنه د. عبد الوهاب المسيري : أجمل كتاب يقدم الواقع المصري بتفاصيله، وفكرته بسيطة لكن عظيمة, فقد كان المخرج التلفزيوني يقضي مشاويره في شوارع القاهرة بتاكسي، ولأن سائق التاكسي كما هي عادة المصريين لا بد أن يجعل (البساط أحمدي) بينه وبين الراكب، فمن لحظة صعودك يفتح باب الحديث، وكل ما كان يفعله الخميسي نقل ما يدور بينه وسائق التاكسي، ليخرج الحصيلة في كتاب حسب علمي يومها أن آخر طبعة له كانت بالاسبانية, وكانت لحظتها اللغة الثالثة عشرة التي يطبع الكتاب بها، بين يدي كتاب ثروة الخرباوي ( سر المعبد ) الطبعة 23، بعملية مقارنة بسيطة بين سوق الكتاب هنا وفي مصر تجعلنا نردد ما كان لازمة على لسان (الحميضة) رحمه الله ( يا رحمتاه )!, فإن تودف فقط وتبيع ذهب زوجتك وتطبع كتابا، فيا رحمتاه عليك، إذ لا تدري ماذا تفعل بعدها!, أما إذا طبعت على الحساب، وعلى ما أنت مؤمل أن تجنيه من بعده فيا خيبتك، يضعك الأمر كما أنا عليه الآن أما أن تبيع بحكم علاقتك الشخصية بالمسؤولين, فيجاملوك, لكن عليك أن تعمل حسابك أن الكمية التي سيتفضل صاحبك المسؤول بشرائها سيكون مصيرها الرمي في المخازن لتجرد نهاية كل عام كأصل من الأصول!, لكن أيا يكون الأمر فلا تبيع لمجلس الشورى، إذ أن عليك أن تنتظر مدير الشئون المالية شهرين فقط ليوقع لك الشيك بعد أن تعرق عشرين مرة وأنت تواصل الاتصال بلا جدوى, والى الآن لم يصل المدير!, يكون عليك إذاً لأن غرضك حين طبعت كتابك أن يصل إلى القارئ, أن تذهب به إلى مكتبة لا تركن أنك ستستلم منها ريالا واحدا! لماذا؟ لا تسألوني!، إذا واصل الرحلة ووزعه كهدايا، ضع على سيارتك كل يوم كميه وكلما رأيت صديقا، زميلا، ناده واهدي له نسخة وأرسل أخرى إلى صديق مشترك وزد فوقه لمن يمرون ( أنا فدى لك )!, حنبنا والله العظيم، فإن تطبع كتابك فأنت تحنب، وتصير كمن يحمل فضيحة فوق كتفيه! ما باقي إلا أن يوقفوك في وسط التحرير وهات يا جلد، لأنك أخطأت وطبعت كتابا!, بينما كان أجدى لك أن توظف اثنين من الإخوة الصوماليين وكل يوم بالهايلوكس إلى رداع واملاء شوالتين بربط القات، وستلتقي أول زبون عند أول منعطف وعند الله وعندك، وسيفتح الله عليك بعد سنة إذا قمت باكرا كل صبح، وستشتري هايلوكس مستخدم، لتنضم إلى نادي عتاولة الصوطي أو العنسي، وفي ستين أبو داهية الكتاب ومن نصحك بطباعته!, في مكتبتي وبين يدي ما تبقى من كمية كتاب ( شهقة الفجر )، فقد وزعت هدايا من تعز إلى صنعاء، إلى عدن، وما تبقى أما أن يتكرم من لم يصله من الأصدقاء والزملاء ويتصلون بي لأهدي كل منهم نسخة، أو سأحرق ما تبقى، وتوبة من طباعة أي جديد, على أن المصيبة الأكبر تتمثل في أنك حتى إذا لقيت فرصة وطبعت كميتك مجانا، فمنافذ البيع لا تجيد عرض بضاعتها، فالكل مشغول بالصحف غثها بدون سمينها !!، وإذا مررت على مكتبة من المشهور منها، فلن تر كتابك، سترى كتبا عالمية تصور في بلدان عربية، وتدخل كالمهربات إلى البلاد، وتباع - للأسف - بنفس سعر النسخة الأصلية منها، فلا تستغربوا, فالتهريب، والغش وصل إلى الكتاب، مخدرات تهرب، وديزل، ودواء، وكتاب .... وسيارات هالكة! ويا نعمتاه.

صحيفة الثورة

إقراء أيضا

وليد أبو حاتم
وليد أبو حاتم
إبراهيم العشماوي
إبراهيم العشماوي