الرئيسية المقالات مدارات ثورة 30 يونيو وبكاء التماسيح
ثورة 30 يونيو وبكاء التماسيح
عمر الضبياني
عمر الضبياني

لم تكون ثورة 30 يونيو ثورة غضب لحدث طارئ او مجرد اسقاط نظام اتي على حين غفلة، بل هي ثورة استثنائية في تاريخ مصر وفي تاريخ الامة.. هي ثورة تصحيحية لاستعادة رونق الربيع العربي الذي كاد يتوقف عند لصوص الثورات والعابثين بها والاقصائيين.

شحنة الغضب التي اجتاحت الشارع المصري كانت مبررة وهم يرون حلم ثورتهم يتبخر ولا يسمعون سوى جعجعة وخطابات كلاسيكية لا تمطر سوى الاتهامات والاقصاء والتخندق.. لقد انشغل تيار الاخوان في مصر بترتيب اوضاعهم بعيدا عن تطلعات الشارع ومتطلباته وبعيدا عن شركاء الثورة والنضال. كان بامكان الاخوان استيعاب دروس الماضي وعبرة وتقديم نموذج اسلامي يعبر عنهم حتى يثبتوا عكس ما يطرح انهم وصوليين وليس رجال حكم وان تاريخهم موغل بالاقصاء ويعتمد على استخدام الدين الاسلامي الحنيف لمصالح دنيوية.

ايقن الاخوان لبرهة ان تكتيكهم نجح في الاستيلا ء على السلطة في مصر من خلال تنظيماتهم الدقيقة وإمكانياتهم الوفيرة فضلا عن استغلال الدين وحاجات البسطاء .. هنا تذكرنا المثل المعروف ان الثورات يخطط لها العباقرة وتنفذها الجبابرة وتحكمها الثعالبه.

وان كانت ثورة 25 يناير ثورة شعبية شارك فيها كل الاحرار الا انه لا يمكن انكار ان التوجه القومي كان حاضرا بقوة فيها مثلما هو حضور صور عبد الناصر في مختلف الميادين والساحات وكذا شعاراته ومبادئه: عيش – حرية – كرامة. وكان انصار عبد الناصر هم في راس حربة وخط الثورة الامامي مع جماهير الشعب المصري العظيم ولم يكون الاخوان ضمن اول من نزل الميدان بل اخر من نزل وأول من كسب عرفوا كيفية توظيف انشغال الشعب بوضعه الصعب والسياسيين في التنظير فاستغلوا صداقتهم للغرب وذهب ممثليهم لواشنطون قبل الانتخابات بعكس حمدين صباحي وكان ذهابهم هو طلب التعاون في المقابل ان يكونوا الطف وأكرم من مبارك ، وهو ما ترجمه المعزول مرسي في اول خطاب له من انه سوف يتمسك بالمعاهدات الدولية بما فيها تلك المبرمة مع الكيان الصهيوني. الخطاب اتى بالتزامن مع مهجمته للقومين وعهد عبدالناصر و"الستينات وما ادراك ما الستينات" غير ابها بمشاعر الملايين من المصريين والعرب الذين يرون في عبدالناصر قدوتهم الحسنة وتاريخهم امتهم المشرق.

مرسي وكرسالة مطمئنة للغرب كرم ابناء الرئيس السادات الذي وفر لإسرائيل الامان وابرم معها معاهدة الاستسلام والخنوع. لتستمر رحلة التناقضات والرسائل المخيفة للشركاء وللمواطنين الذين لم يلمسوا أي انجازات لثورتهم وعلى العكس من ذلك فقد اتت كل التطورات سلبية على اقتصاد مصر وامنها القومي.

لست هنا بصدد تسجيل اخطاء مرسي الفاقد للدبلوماسية وابجديات بحجم الموقع، انما دفعني لكتابة ما سبق بعض المتباكين على مرسي وعهده الذي صوره البعض كما لو انه عهد الخليفة الخامس عمر بن عبدالعزيز. وما يدعو للضحك والشفقة في ان اولئك المتباكين من اليمنيين الذين قاموا بتكفير كل من اختلف معهم في الراي حول مرسي ولم يدعوا مفردة نابية الا والقوها على صفحات وكتابات المختلفين معهم في الراي والتوجه.

لم يكتفوا باتهام الشعب المصري الذي خرج في 30 يونيو بالمادي والمستأجر ليواصلوا اكاذيبهم عن ان ما حصل انقلاب عسكري ومحاولة لطمس معالم الدين لاسلامي الحنيف وكأنهم وكلاء الله في الارض لإحياء شريعته ودونهم كفرة وملحدين.

الم يكن الجيش المصري هو ذاته من وقف مع الثوار ضد مبارك ومن مكنهم من الوصول للسلطة؟ والم يكن هو ذات الجيش الذي امتدحوه بكل مفردات الاطراء لوقوفه مع الشعب، وهم من قاموا باختيار وزير الدفاع بدلا عن السابق الذي كوفئ على موقفه بعزله من عمله، فلماذا تحول اليوم الجيش المصري العظيم الى مجرد ثكنة تابعة للخارج.

ثورة يونيو امتداد طبيعي لثورتي 23 يوليو و25 يناير فكل هذه الثورات حملت نفس المشروع الوطني والقومي، ولا يمكن تقزيم مصر ودروها الريادي على الاطلاق ، ولا بد لهذا البلد العظيم بشعبه ومكانته من استعاد دوره الريادي في المنطقة، وهو قادر بكل تأكيد على كسر شوكة التامرات الداخلية والخارجية وانا غدا لناظره لقريب.

 

إقراء أيضا