الرئيسية المقالات مدارات يا عاشق الليل...
يا عاشق الليل...
عبدالرحمن بجاش
عبدالرحمن بجاش

كنت بعد فطور وعشاء الاثنين الذي مضى أعد زاويتي الأثيرة للجلوس كما هي العادة كل ليلة, لكن التليفون أبى بنغمته الكلثومية التي أهيم بها إلا أن يناديني لألحظ سريعا نداء العزيز الغزير خلقا وأدبا وعلما الصديق صاحب ابن علوان ومحيي الدين بن عربي من انحني له كلما حضر اسمه عبد العزيز سلطان المنصوب , هل تراني بالغت في الإطناب ؟ ... لا ... , فرجل مثل العزيز عبد العزيز يستحق أن تنحني للطفه وأدبه وعلوه , بالأمر كالعادة وهو من أأتمر له : تعال هنا ما سيغريك !! قلت : أكيد مولد , أجاب ضاحكا : من هواهم من صاحب المولد , سيأتي أيوب طارش , لم أزد على : مكانتي ظمآن, و من يستطيع أن يقاوم عرض أن يجلس إلى هامة صبروروح ورائحة تعز , وبين بيت بوس والعشاش ظللت اردد : هات لي قلبك وخذ قلبي معك ..قلبي معاك .. قلت احدث نفسي أيضا : بأي تحية أمد يدي لليد التي بالعود أطربت ولحنت ودندنت , يا أستاذ عبد العزيز حجة الله على الأستاذ أيوب !! , وبضحكته التي تكشف عن طيبة تملأ الأرض والسماء تواضعا وسموا : أيش في ؟؟ والبداية لكسر التهيب فقط , إذ لأول مره اجلس جلسة طويلة في حضرة هذا النقي نقاء الأرض وماء السواقي يا أستاذ أيوب والدي يتوفى ولا تعزيني , ووالدي رحمه الله كان صديقا لأيوب الذي قال (كان أبونا ) , لا زلت أتذكر وهي اللحظة في الستينيات وفي تعز اسمع لأول مرة باسمه , نشتي أيوب يحيي فرح محمد شرف , فلنا الشرف , وشرف رحمه الله احد شباب ضباط ما بعد الثورة من زملاء عبد الرقيب عبد الوهاب وعلي مغلس وشرف محمد عبده وآخرين , ليشرف أيوب عرسه وتتحدث تعز من جبلها إلى ضبوعتها عن عرس غنى له أيوب , من يومها دندنت تعز بلله عليك وامسافر .. ويوم السفر , حتى دق القاع لتعتجن كل اللحظات بالفضول والجابري , قال أيوب بصوته الخفيض النبيل : كنت مسافرا, فقط عملتها أنا لأكسر رهبة اللحظة , لتبدأ ليلة من أجمل الليالي حرصنا أن نسجل بعض ألوانها وأنغامها وكلماتها وأحرفها بعين الكاميرا , ووجوه جميلة عالية طرزت بكلام من أجمل الكلم من الأدب إلى الفن إلى السياسة إلى مقاطع من الصوت الذي غنى لوطن يمتد من المهرة حتى القشلة , صوت كلما سمعته ازددت ظمأ إليه !! يا الله ما أجمل هذا الرجل تحس وأنت تجلس إلى جانبه كأنك تجلس إلى بتول ومحراثه , إلى زرع صغير تهفهفه الريح فيصدر عنه أجمل الأنغام , في ضحكته وصوته الأثير تسمع الجدات الطيبات والأمهات القرويات المهردات بالهرد والحناء والازاب والبياض والقرنفل وصوت أيوب يغني للمحاجن ينشد للحلم الذي كان كبيرا فسرقوه !! , يحضر في التو واللحظة الفضول والجابري وأبو ماهر والشائف وعباس الديلمي ومحمد شرف الدين يجلسون معنا تتذرذر أحرفهم مع دموع فرحتنا مع دقات قلوبنا , نظل طوال الليل عشقا ندندن يا عاشق الليل , ..هيمان , والهجر يومين , يجبرك هبة الله أن تغني مع أيوب وتهامة يا شفاه الورد في روض الخمائل , ينشد في الروح أيوب أنشودة الرعيان والمطر , كانت ليلة تحولت إلى نهار ونحن في حضرة أيوب , من نشوتي لم أحس أن الساعة قد شارفت على الواحدة صباحا , وصوت صديق : هيا .... لنخرج كل في اتجاه ..... ظل قلبي يردد طوال الطريق : يا عاشق الليل ....ماذا أنت تنتظر .... نامت عيون العذارى واختفى القمر .... أيوب لا يختفي , يظل يشرق في أعماقنا ...

 صحبفة الثورة

إقراء أيضا