الرئيسية المقالات مدارات الاستباحة التاريخية المستمرة ل (إب)
الاستباحة التاريخية المستمرة ل (إب)
محمد الغباري
محمد الغباري

لا تكمن المأساة التاريخية لمحافظة إب في ان نظام حكم الائمة استباحها لرجال قبائل شمال الشمال طوال اربعمائة سنة , ومنحهم اراضيها وممتلكاتها في مقابل اخضاعها لسيطرة ذلك النظام تحت غطاء الانتصار للمذهب والدين ..

المأساة تمتد حتى اليوم وتعيش مناطق المحافظة فصول جديدة منها , لان اولئك الذين استولوا على مساحات شاسعة من اراضيها الزراعية وكونوا ثروات مهولة من وراء ذلك ومن ثم باتوا شيوخا لمناطقها وقادة لفروع احزابها وممثلون لها في البرمان ما يزالون يرفضون الاندماج في سكانها..

من يرون في انفسهم " نقايل " من مناطق شمال الشمال , ويفاخرون بذلك مازالوا يفاخرون بانتماءاتهم القبلية بل ويستنجدون بها لضمان استمرار قصة الاذلال التاريخية التي نكبت بها المحافظة عقب ثورة الفقيه سعيد بن صالح سنة 1256هـ ضد الإمام الهادي محمد بن المتوكل..

لا ابحث في الاصول ولا اتبنى نزعة مناطقية او جهوية لكني ابوح بغصة تتكرر فصولها كل يوم بمساندة رسمية سواء من السلطة الحاكمة في صنعاء او ممثليها في المحافظة ومن الاحزاب السياسية ايضا , غصة مصدرها ان هؤلاء يتعاملون بتعال على بقية السكان , ويرون ان من المعيب عليهم الانتساب للمنطقة التي ولد فيها اجداهم وابائهم , ومع هذا يحتفظون بحق احتكار تمثيل ابناء اب في مؤسسات الدولة والاحزاب ..

في اب فقط ياتي احدهم ليترشح في دائرة انتخابية ومن ثم يقوم بإحضار حراسته الشخصية من المنطقة التي انحدر منها اجداده قبل مئات السنين بل لا يخجل هذا النائب من القول انه مستعد لان يكسر عسيبه لو انه من ابناء المحافظة , وهي تصرفات تلاقي من السلطات ما يسندها بل ويغذيها ويشجع عليها ..

منذ ثلاثة ايام كانت صوت مجروح الكرامة يهاتفني ولا يعرف اسمي كاملا يروي فصل جديد من فصول الاستباحة , عائلة بيت ضاوي تقول انها من "بربط" , استقدمت المئات من المسلحين القبليين من الجوف الى عاصمة المحافظة واستباحتها , لمساندتهم في واقعة تبادل اطلاق نار مع عائلة مارح على خلفية ادعاء اولئك ملكية مساحة من الارض ..

هناك شخص قتل في تبادل اطلاق النار وكبير عائلة مارح وابنيه مصابين وموضوعين في السجن المركزي على ذمة القضية , لكن ذلك لم يكن ليرضي عنجهية من يعتبرون انفسهم من جنس ارقى ومن منطقة اهم , والسلطات كانت مستعدة للتعامل مع هذا وتركت للمسلحين ان يفعلوا ما يشاؤون ..

تم محاصرة النساء والاطفال وقطع الكهرباء والمياه عن عائلة مارح بل ومنعت عنهم الاغذية واقتحم المسلحون الذين تم الاستعانة بهم كما في حوادث كثيرة دورين من البيت ويحاصرون النساء والاطفال في الدور الثالث منذ اسبوع ..

هذا الكلام قاله مدير امن محافظة اب , وردده احد ممن يسمون انفسهم مشايخ لمجرد انه من برط ايضا , ولكن الرجلان بررا هذا الفعل واقترحا ادخال الشرطة النسائية الى المنزل للتأكد من عدم وجود رجال بين النساء والاطفال المحاصرين منذ اكثر من اسبوع ..

وفيما كان اصحاب الشهامة يقتحمون البيت ويرعبون النساء كان اخرون يستولون على محطة الغاز التي يمتلكها رجل الاعمال مارح , ومحطتين للبترول وقاموا ببيع ما في المحطتين وقبضوا الثمن , وكان اخرون يقتحمون سوق القات المركزي وينهبون ما بداخله عنوة ويتجولون في الشوارع فيما نائب المحافظ المسخ يتفقد المصالح الحكومية للتأكد من الانضباط الوظيفي عقب اجازة عيد الفطر ..

اتذكر ان المحافظ الجسور احمد الحجري عقد لقاء مع عدد من وجهاء المحافظة قبل سنوات وناشدهم عدم الاستعانة برجال القبائل في النزاعات التي تحصل داخل المحافظة , واتذكر جيدا ان قبائل الحدى استباحة المدينة وقتلت صلاح الرعوى وهو داخل سجن المباحث الجنائية , ومن ثم رددوا زوامل الشجاعة في قلب المدينة دون ان يعترضهم احد ..

لم يعد هناك من يخجل مما تتعرض له محافظة اب من اذلال واستباحة , لا رئيس حكومة الوفاق , ولا الرئيس هادي الذي حصد اعلى الاصوات منها , ولا الاحزاب التي اعتبرتها خارج اهتماماتها" الوطنية الكبيرة " بل ان ابناء المحافظة على كثرة المناصب التي يتقلدونها باتوا يتعايشون مع هذا الاذلال باعتباره واقعا لايمكن تغييره او ايقافه ....

لم يعد امام ابناء اب الا انتهاج طريق الحراك الجنوبي في مواجهة بربرية الزاحفون عليه من الشمال , حيث لم يكتف هؤلاء بنهب اراضي الجنوب , وبيع مؤسسات دولته وابعاد ابنائه من وظائفهم بل تعاملوا معهم باعتبارهم مواطنون من الدرجة الادني, لكن الحراك الجنوبي وبعد سنوات من النضال السلمي انتصر للذات الجنوبية ..

من حائطه على الفيس بوك

إقراء أيضا