الرئيسية المقالات مدارات لماذا هذه الاستثنائية في إحياء ذكرى عبد الناصر؟
لماذا هذه الاستثنائية في إحياء ذكرى عبد الناصر؟
الخليج الإماراتية
الخليج الإماراتية

الإحياء الاستثنائي غير المسبوق للذكرى الثالثة والأربعين لرحيل الزعيم الراحل جمال عبد الناصر هذا العام على المستويات الرسمية والشعبية، لا يعبّر عن حالة عاطفية أو مداعبة لحقبة طواها الزمن وبقي منها وجدانها، بل هو تعبير عن افتقاد لحظة معتمة إلى بريق تلك الحقبة، وقد طرأ ما يذكّر بها من خلال ثورة 30 يونيو وما أعقبها من عزل محمد مرسي ونظامه الذي أدخل مصر في أسوأ أزمانها خلال سنة من الحكم الإخواني، وإنقاذها من مستقبل أسوأ أنبأت به سياسات بائسة داخلياً وقومياً وإقليمياً ودولياً .

الوحدوي نت 

لم يسبق للمؤسسة العسكرية أن احتفت عبر أرفع مستوياتها بهذه المناسبة، إذ وضع وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي إكليلاً من الزهور على ضريح الزعيم الراحل، بحضور الكاتب الصحافي الكبير محمد حسنين هيكل وعائلة الزعيم الراحل ورموز الحركة الناصرية .

 

السيسي حرص على التقاط الصور مع أسرة الزعيم الراحل أمام جدار اعتلته صورة كبيرة لعبدالناصر في صالون الضريح، وحرص أيضاً على أن يجمع إليها في لقطة مغايرة قادة أفرع القوات المسلحة، في إشارة لم تخل من دلالة على تقدير القائد العام وكبار القادة للزعيم الراحل وإظهار الرغبة في السير على دربه .

 

وكان أبرز ما جسده السيسي وقادة الجيش من تقدير لروح الزعيم الراحل، جلوسهم قرابة 30 دقيقة في ضريحه، لتصبح المرة الأولى من نوعها التي يقضي فيها قادة الجيش مثل هذه المدة داخل الضريح منذ عقود . قبل ذلك نشرت وسائل إعلام مصرية خبراً بأن السيسي أمر بتجديد الضريح، فيما أكد قادة سياسيون ممن زاروا السيسي أنه يضع صورة في مكتبه للزعيم الراحل .

 

كل هذا المشهد ليس معزولاً عن الصورة الانطباعية التي بدأت تتكرّس في الشارع المصري، وحتى في الإعلام الغربي، وهي صورة تربطه بعبدالناصر، مستوحاة من الكاريزما العسكرية التي يتمتّع بها وزير الدفاع، والصورة الثنائية التي رفعها متظاهرو 30 يونية لعبدالناصر والسيسي، إضافة للصورة النادرة التي ظهر السيسي فيها طفلاً يؤدي التحية لعبدالناصر .

 

لم يقتصر إحياء المناسبة على الجيش، إذ إن وسائل الإعلام الرسمية والخاصة احتفت بذكرى عبدالناصر على نطاق واسع، وظلت العديد من قنوات التلفزيون المصري تعرض جوانب عدة من حياة الزعيم الراحل ومواقفه، كما عرضت القنوات الخاصة أبرز المحطات في حياته، ودوره في ثورة 23 يوليو، وتناول خطبه وأبرز قراراته ومواقفه الوطنية والقومية والدولية .

 

الزائرون لمصر يتحدّثون عن مشهد مختلف في الشارع المصري بعد ثورة 30 يونيو، ويروون عن مشاهدات متكررة لاستذكار عبدالناصر، حيث يحمل عجوز أو سيدة صورة هنا أو هناك مع عبارات التمجيد لعهده والاستبشار بعودة الروح الناصرية في العهد الجديد . يتحدّثون عن بث أغان وطنية من عهد ناصر في المواقف ومحطات مترو الأنفاق، فيما كان لافتاً في الثامن والعشرين من هذا الشهر رؤية الكثير من المصريين يؤمون ضريح عبدالناصر في ضاحية كوبري القبة في القاهرة، ما أضفى أجواء استثنائية تشير إلى ما هو أعمق وأبعد من مجرد يوم في أجندة سنوية، بل إن بعض أجهزة الإعلام شبهت هذه الأجواء بتلك التي أعقبت ثورة 32 يوليو، وهو ما يؤكد وفق إعلاميين ومراقبين أن المصريين تتملكهم رغبة قوية في أن يروا روح عبدالناصر في قائد يذهبون لاختياره في الانتخابات المقبلة .

 

مواقع التواصل الاجتماعي حفلت بسيل من التعليقات عن ناصر ودوره التاريخي في إنهاء التبعية للغرب وإطلاق حقبة الكرامة والاستقلال الوطني . ولم يقتصر النشاط الإلكتروني على مخضرمين عاصروا عبدالناصر، مثلما كتب عمرو موسى على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، ومنه أن “مصر تذكر زعامة جمال عبد الناصر والدور الدولي الكبير لها في عهده . . إذ قاد مسيرة عربية وإفريقية ودولية غيرت وجه مصر والعالم في زمنه ” .

  

إذا كان من دلالة لهذا الإحياء الذي لم تشهده مصر من قبل على هذا النحو لذكرى الزعيم، فهي أنها في الوقت الذي تحن لأيام سادت فيها الكرامة والنهوض القومي، فإنها ترى ملامح عودة لروح تلك الحقبة، لاسيما أن بلداً مثل مصر فيه من التاريخ والحضارة والإبداع الشعبي، ما يجعله يحلم بقيادة تليق به، وتعيده إلى موقع القيادة الذي افتقدته الأمة العربية منذ أربعة عقود .

إقراء أيضا