الرئيسية المقالات مدارات بين 23 يوليو و30 يونيو
بين 23 يوليو و30 يونيو
عمر الضبياني
عمر الضبياني

ما تمر به مصر منذ 30 يونيو لم يكن الحلم الجميل الذي خرجت الجماهير من أجله، فقد توقف المشهد عند مطاردة الاخوان وما رافق ذلك من عبث اعلامي افتقد للحياد وابتعد كثيرا عن المهنية واخلاقياتها.

وبالقدر الذي ايد وبارك الجميع ثورة 30يونيو الا ان التداعيات التي تلتها افقدت هذه الفرحة بهجتها وحدت من منسوب التأييد يوما بعد اخر.. والحال كذلك بالنسبة للفريق عبدالفتاح السياسي الذي يحاول ومن معه تقديمه كقائد للثورة على غرار ما حصل في ثورة 23 يوليو الخالدة، وهذا امر مجافي للحقيقية تماما. شتان بين الثوريتين والفرق كبير بين دور الجيش فيهما ففي ثورة يوليو كان الجيش المبادر للثورة وايده الشعب اما في ثورة يونيو فان الجيش اخر من تحرك بعد ان ثار الشعب.

في ثورة 23 يوليو كان الشعب هو اول من جنى ثمار الثورة المباركة بينما في ثورة 30 يونيو الشعب اول من اكتوى بنار الثورة بينما الجيش اول من قطف ثمارها.

وعدا تخليص الشعب من حكم الاخوان فان الجيش لم يقدم شئيا للمصريين بعد ذلك سوى التشدد في الخصومة وتسييس الاعلام والقضاء وكل شيء بعد ذلك.

السيسي هنا ليس عبدالناصر ولا يمكن المقارنة بينمها الا من باب التضاد، واثبتت الاحداق والتطورات الاخيرة ان النظام الحالي يقترب بشدة من نظام حكم مبارك ويكاد توجه السيسي يقول ان الرجل خليفة مبارك في الحكم، خاصة وان مبارك وابنائه ومقربيه لم ينعمون منذ اسقاطهم سوى في عهد ما بعد 30 يونيو.

دعونا من العواطف ولنتحدث بمنطق وبتحليل سياسي واضح.. ما الذي صنعه السيسي ونظامه؟ الم يبرأ نجلي مبارك وقبل ذلك تم تبرأة والدهم الذي يعيش في قصر محصن.. وماذا عن المستوى الاقتصادي وقبل ذلك الامني في البلد الذي يتراجع يوما بعد اخر رغم الدعم المالي الكبير من قبل دول الخليج العابثة بامن واستقرار مصر والمنطقة.

كما ان التفاعل الخلاق والآمال الكبيرة التي حلمت بها الجماهير بالتحول نحو الدولة المدنية يتوارى خلف البزة العسكري للفريق السيسي وقبضته الامنية التي يحكم بها.

اما فيما يتعلق بسياسة مصر الخارجية ومواقفها القومية من قضايا الامة فهذا شيء محزن ولم يختلف عن عهد مبارك ومرسي. وبما اننا في البداية التمسنا كثير من الأعذار للسياسة الناعمة واعتبرنا ارتماء النظام المصري في احضان الرجعية لعبة ذكية لمواجهة بعض الخصوم، وان دور مصر القومي قادم لامحالة، الا ان الايام اثبتت عكس ذلك، ويبدو ان حضن الخليج الدافئ اشد جاذبية من قدرة النظام المصري الحالي على تركه، ويبدو ايضا ان امن مصر القومي خارج الحسبان بدليل توقف المحادثات مع اثيوبيا حول مياه نهر النيل.

كما ان بوابة مصر الشرقية واعني هنا سوريا متروكة للنظام السعودي لتحديد موقف مصر من الاحداث الجارية هناك، والحال نفسه مع غزة خاصة بعد إغلاق معبر رفح في سابقة خطيرة كما لم يفعلها اخرين من قبل بهذه الطريقة المقيتة ومعاقبة الشعب الفلسطيني الذي يدفع فاتورة حماس مرتين مرة داخليا ومرة خارجيا!!.

ان الوضع الداخلي في مصر ينذر بثورة اخرى، فهذا الشعب المصري العظيم شعب جبار لا يقبل المساومة، والتفريط بدماء الشهداء والجرحى وتضحياتهم الكبيرة. وبالتالي ان لم ينتصر السيسي لنفسه ويعي أنه قائد عسكري لحماية الوطن وسيادته وليس رجل حكم مهما فصل الدستور على المقاس العسكري، فان مالات الوضع في مصر ستسوء يوما بعد اخر. وللحديث بقية..

إقراء أيضا