مرثيات ثلاث..!
د. علي مهيوب العسلي
د. علي مهيوب العسلي

  المـرثية الأولى للمناضل الجسـور ياسين القرشي

عرفت الأخ ياسين منذ مطلع التسعينات ،عرفته خلوقا طيبا خدوما محبا نزيها وطنيا بامتياز ،يحب أن يعمل بصمت وإن كان عمله ينسب لآخرين ..يحب وطنه وأمته وإخوانه الناصريين حتى وإن كانوا مختلفين معه في الرؤى والمواقف ..للأسف لا نعرف أن نمدح إنسان ونعطيه جزءا من حقه ألا بعد أن يفارق الحياة ..عزاءنا الوحيد فيه أنه باق فينا بدماثة أخلاقه وبالحب الذي غمر الجميع فيه وبالقيم والمبادئ التي لم تفارقه يوما..

نعم هذا الرجل لم يكن يوما من طلاب المناصب رغم إخلاصه وجهده الذي بذله في سبيل تنظيمه الناصري ولم يعطى منصبا في حياته ، وأنا أعتقد أن الإخوة الناصرين سيكافئونه بعد مماته في تسوية وضعه الوظيفي بعد أن سوى وضع الكثيرين في وزارته في الخدمة المدنية ،ولا عتب في ذلك ،فقط المطلوب الإسراع في ذلك والعتب أنه لم يأخذ حقه حيا فليأخذه ميتا .. رحم الله فقيدنا الوحدوي ياسين القرشي وأدخله فسيح جناته..!!

المـرثية الثـانية لفقيد الوطن والأمة العربية الشهيد الأستاذ عبد الجليل قائد حسن

نعم لقد فُجعنا جميعا بخبر وفاة المناضل الناصري عندما كان الكل يخاف وهو واقف شامخ كالطود العظيم لا يخاف الموت ولا يجبن من أمن ..

الناصري الذي كان فراشه لا يفارق زنزانته ربما هو ورفيقه الشيخ عبده عبد الله لا غير ...

كان غنيا وأهم ما في غناه غنى نفسه التي لا توازيها نفس على الأقل بحياتنا وجيلنا الذي عرفه عن قرب..

نعم لقد رزقه ربي خيرا كثيرا أنفقه جُلَّه في تعليم الطلبة ليس فقط لأبناء جبل حبشي بل ولكل محتاج ،كان يسكن الطلاب في وحدته العربية في الأُجينات وعندما تأتي أوقات الوجبات يذهب ويشتري الأكل المناسب لفترة الوجبة إن غداءا ،وإن عشاءا وان صبوحا رحمك الله أيها القائد والمربي العظيم.

قبل إهتمامه بالطلبة وتدريسهم كان مهتما بأن تصل الخدمات الى ربوع جبل حبشي الذي جمهر دينا فاشتغل في التعاونيات ومولها وشق طرقا كثيرة على نفقته الخاصة وحورب كثيرا جراء فعل ذلك ،لكن ذلك لم يثنيه قط عن فعل الخير والموت دونه ،وبالفعل تعرض لمحاولات عدة كلها بفضل من الله بأت بالفشل ..أذكر وأنا أحضر رسالة الدكتوراه ..سأل الله تعالى أن يُعمره حتى أُكمل الدكتوراه وبالفعل تم له ما أراد واحتفل بي بطريقته وفرح فرحا كبيرا بتخرجي ..فيارب الأرباب وخالق العباد جازيه الجزاء الأوفى في الأخرة.. رحمة الله عليك أيها المبدع ومشجع الإبداعات..

كان رجلا مُقنعا شغوفا بالناصرية لا يستشهد بمناسبة حاضرة إلا من الميثاق الذي يحفظه عن ظهر قلب ويُترجمه في الواقع الى حياة تفصيلية يصعب على الأخرين الإيتيان بها ،ويقنعك بما يطرحه من أول لحظة وبدون عناء ،فسماته القناعة والإقناع ، ولذلك ناضل في إيجاد تنظيم ناصري فعّال وقوي في منطقة جبل حبشي ،وقام هو وبعض رفاقه ببنا وحيوي وقوي أيام السرِّية وأيام تجميد العمل التنظيمي نتيجة للظروف الأمنية التي كانت محدقة بالناصرين ، خصوصا بعد حركة 15 أكتوبر الناصرية العظيمة لكنه لم يُجمد فرع التنظيم بالمنطقة وخالف قرار القيادة واستمر في استقطاب العقول والشباب وحافظ على حضور التنظيم ، بل ونمّاه ..أهــ كم أنت عظيم يا عبد الجليل فالجنة إنشاء الله من نصيبك أيها العظيم..!

المـرثـيـة الثـالثـة للـزميـل الـعـزيـز الصـوفي الـزاهد والدكتور الرائع أحمد سفيان الجابري!

لم تمر إلا ساعات قليلة على خبر تعرض القائد الناصري الكبير عبد الجليل قائد حسن لحادث مؤسف أودى بحياته ،إلا وأتى خبر أخر مفاده وفاة الزميل الدكتور احمد سفيان الذي فارقنا بعد مُكابدة لمرض عضال ألم به في ظل دولة لا تقوم بأدنى واجباتها تجاه عضو هيئة التدريس ،لكنها لفئات أخرى ربما تكون أكرم من الكرم نفسه..ما علينا من تصرف حكومة كهذه وموعدنا معها قريبا عند انتخاب هيئة جديدة لأعضاء هيئة التدريس تلك النقابة التي كان يتفاخر بها ويدافع عنها فقيدنا الكبير .. نعم ! لقد كان المرحوم قائدا نقابيا جسورا وصاحب رأي متميز يقول رأيه شاء من شاء ورفض من رفض ،لقد كان بالفعل يقول كلمة الحق ولا يهمه في ذلك لومة لائم..

اخي أحمد عرفته عن قرب في بغداد أثناء الدراسة ،كان مثالا يُحتذى وشخص قدوة بكل المقاييس ،وأسوة حسنة للخير والعطا والتضحية والإيثار،كان في كل مناسبة خيرية أو دينية يجمعنا في بيته وكانت مجالسه ومجالسته كلها ذكر وصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..هنيئا لك ذلك العطا فحكما ستحصده في دار البقاء ، كنا في مجالسته نروح على انفسنا ونتواصل مع أصدقائنا من خلاله ،كنا نقوم برحلات ترفيهية عائلية معاً ، وكان الألطف فينا ..رحمة الله عليك يا أخي احمد!

ذات مرة خرجنا معا إلى حديقة السيدية في بغداد، وكان مُحبا للإطفال ويتحاور معهم كالكبار ..تحاور مع ابنتي أخلاق عن السياسة وكانت صغيرة لكنها كانت ذكية ذكاء لا حدود له.. ربي يزيدها ويحفظها ويبارك لها بتلك البداهة ،كان محور الحديث عن الحزبية والاستقلالية ،فأجابها الدكتور احمد بأنه مستقل ،فردت عليه ببداهتها المعهودة كيف دكتور وانت مازلت مستقل ؟؛ألم تتحزب بعد هذه سلبية أبي أحمد؟؛تعني ابي احمد انك مستقل بلا موقف والحية كلها مواقف!؛ ألم تحب الشهيد البطل الحمدي مثلا وكل الناس تتحدث عنه ؟؛بمعنى ألم ترغب أن تكون مثله؟؛ فأُعجب بحديثها وأقسم لها أنه لم يحب في حياته شخص مثل الشهيد ابراهيم محمد الحمدي ، وعاهدها على ذلك ..كم كنت لطيفاً وصادقاً ومحباً للبراءة والقادة العظام ... رحمة الله تغشاك ياغالينا العزيز..

بعد عودتنا إلى أرض الوطن ، وانخراطنا في التدريس والنشاط الخيري والتعاوني والنقابي وجدناه في المقدمة ، ووجدناه لم يتخلف عن شيء فيه خدمة لأعضاء هيئة التدريس أو لمحتاجين ، وكان نعم العبد صابرا رغم آلامه العظيمة والكثيرة لكنه ناضل لكي يحقق لعضو هيئة التدريس مسكن يليق به رحمة الله تغشاك ، وادخلك ربي جنة الفردوس ، وحشرك مع زمرة الانبياء والشهداء والأولياء والصالحين ،؟أنت ومن عزيناهم في هذا المقال أجمعين ،وكذلك نحن ومن تبقى من المحبين ...ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم،،،

[email protected]

إقراء أيضا

وليد أبو حاتم
وليد أبو حاتم
إبراهيم العشماوي
إبراهيم العشماوي