الرئيسية المقالات مدارات النكبة مستمرةٌ
النكبة مستمرةٌ
فائز عبده
فائز عبده

قلّما شهد التاريخ حدثاً تفوَّق على معادله اللغوي، وبزَّه في التعبير عن نفسه، والدلالة على صيرورته، مثلما طغت "نكبة فلسطين" الحدث، على المفردة التي تحيل إليها.

فما إن نذكر أو نسمع لفظة "النكبة"، حتى يتبادر إلى أذهاننا ما حدث، العام 1948، حين انهزمت الجيوش العربية النظامية، أمام العصابات الصهيونية، في فلسطين، بفعل فارق التسليح، وانحياز القوى الاستعمارية الدولية لصالح تمكين اليهود من إقامة دولةٍ لهم على أرض فلسطين التاريخية.

ولقد كانت "النكبة" حدثاً كارثياً على العرب أجمعين، ولم يقتصر تأثيرها السلبي على فلسطين والفلسطينيين الذين تعرضوا لحرب إبادةٍ، ولأبشع عملية تهجيرٍ وتشريدٍ قهريّ، وتفرقوا بين المنافي والشتات والمخيمات، ومن بقي متمسكاً بأرضه، ظل يرزح تحت نير الاحتلال والتعنت الصهيوني، منذ نشأت ما تسمى دولة إسرائيل، في 15 مايو 1948.

على مدى 66 عاماً من الاحتلال، يعيش الفلسطينيون نكبةً مستمرةً، تناسلت عديد نكباتٍ، ولم تزل تجود عليهم بالمزيد من القهر والجور. وتستمر إسرائيل في ممارسة الانتهاكات الخطيرة على الأرض والإنسان، وفي قضم وتقطيع الأراضي لبناء وتوسيع المستوطنات، وسرقة التاريخ والموروث الفلسطينيين، وتعريض التراث والمقدسات الدينية للخطر، وتسعى لتهويد القدس، وفرض يهودية الدولة.. كل تلك الانتهاكات والعربدة، والتحدي والتصلّب في المواقف، والممارسات العابثة، تتكئ على اطمئنان إسرائيل إلى عدم قدرة المجتمع الدولي على تهديدها، أو محاسبتها، أو الضغط عليها للالتزام بالمواثيق والقرارات الدولية، فضلاً عن الدعم الأمريكي الواسع، والانحياز الصريح لجانب الدولة العبرية.

غير أن صلابة الشعب الفلسطيني تخلق دوماً روح المقاومة والصمود، وتصنع إرادةً رافضةً للاحتلال والصلف الصهيونيين، وتزيده إصراراً على إقامة دولته الحرة المستقلة على كامل التراب الفلسطيني من النهر إلى البحر، وعاصمتها القدس الشريف. فيما يحافظ فلسطينيو المهاجر والشتات على هوية الوطن، ويرسخونها في نفوس الأجيال الجديدة، ويتوارثون حلم العودة إلى أرض الأجداد.

إقراء أيضا