الرئيسية المقالات مدارات عبدالملك المخلافي رئيساً لليمن (1-2 )
عبدالملك المخلافي رئيساً لليمن (1-2 )
عمر الضبياني
عمر الضبياني

حين تتعرف عليه عن قرب لن تجده إلا وحدوي صادق راسخ في ثوابته غيورعلى وطنه وأمته، مشبع بمفاهيم الحرية والانفتاح على الأخر مع الثبات على الفكر والمبدأ !! ..

ناصري الهوى, وحدوي الروح والخطاب والتوجه، يناقش معك ببساطة ويقنعك بقوة طرحه وسلاسة الاسلوب فضلا عن الكاريزما التي يتمتع بها الرجل دون تكلف او اصطناع والتي يدركها كل من قابله او تبادل معه اطراف الحديث. وهو رغم ذلك يدرك جيدا الخيط الرفيع الفاصل بين الثقة والغرور فتراه يتمتع بالأولى ويمقت الثانية، ليكون التواضع شيمتهُ التي ربما طغت على عديد مزايا.

ذلك هو الأستاذ عبدالملك المخلافي الامين العام السابق للتنظيم الناصري وعضو لجنتة المركزية حاليا والأمين العام للمؤتمر القومي العربي. وهو ايضا السياسي اليمني والعربي المخضرم الذي وجد نفسه مناضلا منذ ريعان شبابه، ومن سواه تعرض للاعتقال من قبل الامن الوطني في الشطر الشمالي ليلة زفافه، لتستمر حياته النضالية محفوفة بالأخطار والظروف العصيبة التي قهرته احيانا وقهرها احايين كثيرة فحفلت صفحاته وما تزال بسجلا ناصعا من النضال والتضحية والإيثار من اجل الوطن. لا يحبذ الاضواء ولا يسعى اليها لإيمانه بان النضال من اجل المبادئ والقيم وفي سبيل الوطن لا تستحق الثناء والإشادة باعتبارها واجب وطني وديني وانساني. وهو يقينا لن تروق له هذه الاشادة التي اقتضتها موجبات انصاف الرجل الذي يتعرض من وقت لاخر لحملات تضليل ونكران، يقابلها بصمت وصبر، ليس ترفعا وحسب وانما ليقينه بان التاريخ لن يظلم احد.

 

 يؤمن بالديمقراطية والتداول السلمي والسلس للمناصب القيادية ويمارس ذلك قولا وفعل، وليس ادل على ذلك من عدم ترشحه لمنصب الامين العام للتنظيم الناصري في المؤتمر العام العاشر رغم حظوظه الوفيرة بل والأكيدة بإعادة ترشيحه مرة اخرى، فكان اول امين عام لحزب سياسي يفسح المجال لوجوه جديدة ويعود الى الصفوف الوسطى، الامر ذاته تكرر في المؤتمر العام الحادي عشر الذي عقد مطلع يونيو المنصرم والذي حصل فيه على ثاني اعلى نسبة تصويت من قبل اعضاء المؤتمر العام، فرفض الترشح لمنصب الامين العام او حتى الامانة العام ليتم اعادة انتخابه عضوا في اللجنة المركزية.

 

 يؤمن بالديمقراطية فتجده محاورا لبقا يطرح ما يراه صائبا للنقاش ويقبل بما تتفق عليه الاغلبية، وهو لا يستطيع لبس عباءة غيره فيظهر كما هو دون تبعية او خنوع لأحد او من احد. وأمتلك من الدهاء السياسي ومن الإرادة الصلبة والعزيمة التي لا تلين الامر الذي جعلت منه محاربا قويا طيلة السنوات الماضية فضلا عن تمتعه بذات الروح التي تمكنه من النضال لسنوات عدة قادمة.

 

ظل وما يزال واحداً من القادة السياسيين الذين التزموا طوال حياتهم مبدءا أخلاقياً يجسد النبل والتواضع وينظر إلى التكوينات السياسية في الوطن على اختلاف رؤاها بوصفها جزءاً من النسيج الوطني الواحد، وأن الاختلافات الثانوية لا ينبغي أن تشغل حيزاً في العلاقات القائمة فيما بينها. فكان من اهم مهندسي احزاب اللقاء المشترك مع رفيق دربه في السياسة والنضال الفقيد جار الله عمر وعدد من الساسة في اليمن. وقبل ذلك كان من اشد الداعيين للوحدة اليمنية بين شطري الوطن والمدافعين عنها.

 

لا يؤمن بالهزيمة قط، ولا مكان لها في قاموسه النضالي والوطني، وفضل البقاء في منفاه الاختياري بلبنان وسوريا لسنوات عدة في مرحلة السبعينات لرفضه الخنوع والاستسلام للنظام الذي كان يحكم الشطر الشمالي من البلد انذاك، واستماتته في الدفاع عن الخط العروبي الناصري ومطالبته بالكشف عن قتلة رفاقه من الناصريين الذين قدموا ارواحهم رخيصة في سبيل عزة الوطن ورقيه الى جانب الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي. ومن المنفى اشتغل على المستويين السياسي والإعلامي خدمة لليمن واليمنيين الذين حمل همومهم في حله وترحاله.

 

ولم يقتصر نضاله على اليمن فقط بل امتد للوطن العربي ككل لايمانه المطلق بان الدول العربية جمعاء هي موطنه الكبير، وهو وان كان يحتل مكانة متميزة في بلده اليمن الا ان ما يتمتع به الرجل في الوطن العربي يتجاوز ربما ما هو في الداخل. وخلال عمره السياسي المستمر تمكن المخلافي من الاسهام بصورة فاعلة في استعادة حركة المعارضة اليمنية نشاطها وحيويتها وفي استعادة الحركة الناصرية زخمها وتألقها في اليمن، والى ابعد من ذلك تمكن مع عدد من رفاقه العرب من احياء الحركة القومية العربية التي يتقلد فيها اليوم منصب الرجل الاول.

ولم تكن هذه المكانة لتاتي من فراغ، اذ اكسبته تضحياته ونشاطاته المبكرة خبرة واسعة أسهمت في ترسيخ نبوغه الفكري والثقافي إلى جانب قدراته التنظيمية والسياسية لأن يكون أحد أبرز السياسيين اليمنيين المعاصرين في الساحة الوطنية عدا عن كونه من ابرز الشخصيات القومية العربية.

وهو من رأى في ثورة الشباب الشعبية السلمية التي اندلعت العام 2011 تجسيد للآمال الوطنية والقومية التي أحيت بقاء وصمود الوحدة اليمنية كما رأى فيها تجسيدا للكرامة والديمقراطية والعدل الأجتماعي، فكان من اوائل الساسة المساندين لثورة الشباب والتغيير.

وتأكيدا لنظرة مستقبلية ثاقبة ظل المخلافي على الدوام يدعو لتجاوز مشاكل الهوية والتعصب المناطقي والمذهبي، ويحذر من سياسية الالغاء والاقصاء.

 الأستاذ عبدالملك المخلافي ليس بالسياسي المخضرم والمثقف الملتزم لقضايا وطنه وأمته الذي عرفناه فحسب ولكنه يبقى واحد من أبرز دعاة الحداثة والتقدمية الذين صاروا رمزاً للدولة الديمقراطية المدنية الحديثة في مرحلة فارقة ومفصلية من تاريخ الوطن ولأنه أيضاُ لا يؤمن بتلك الأنتماءات الطفولية التي أبقتنا حتى اللحظة ندور حول أنفسنا في دوائر مظلمة ومغلقة مملوءة بالجزئيات والنقاشات العقيمة فإننا نؤمن بامتلاكه البديل والقدرة الفائقة على صناعة الرأي والتأثير الإيجابي في المجتمع.

لهذا ولتمام إدراكنا بما الت اليها اوضاع وطننا وتجنبا لمخاطر التخندق السياسي والمذهبي والمناطقي، اجد نفسي مجبرا على الدعوة لان يكون هذا الرجل هو الشخصية التي يمكن ان يجمع عليها اليمنيين ليقود اليمن الجديد التي نتطلع اليه، واسجل مطالبتي له بترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية المقبلة.. كوني وآخرين كثر غيري يرون فيه رجل اليمن الانسب لقيادة مرحلة التحولات التي تشهدها البلاد... وللحديث بقية في الحلقة القادمة.

 

إقراء أيضا