الرئيسية المقالات مدارات عن القيادات الشائخة
عن القيادات الشائخة
فائز عبده
فائز عبده

تتعامل الكثير من قيادات الأحزاب والقوى السياسية اليمنية، مع القضايا العامة في البلد، من منطلق المماحكة، والمزايدة على بعضها البعض، وبخفةٍ غير حريصةٍ على مصلحة البلد، ومستقبل الوطن، ومنفعة المواطن، ولا تذهب إلى الحوارات بشأنها، أو التناول المسؤول لها، إلا بعد أن تضيِّع وقتاً وجهداً وإمكاناتٍ هائلةً، في التشكيك بصدقية الآخر، وتبادل الاتهامات بعدم الجدية، أو تبييت النية لإفشال الحوار.

فهذه القيادات -وإنصافاً أقول الكثير منها- تفتقد المصداقية، وتفقد الثقة في ما بينها، وتتعامل بحساسيةٍ مفرطةٍ مع بعضها، مثقلةً بمخاوفَ وهواجسَ تجاه زملاء العمل السياسي الذي يعتبره بعضهم مضماراً للتنافس للفوز بالمجد الشخصي على حساب القضايا الوطنية والتطلعات الشعبية التي يفترض أن تنهض تلك القيادات السياسية بحملها وتحقيقها.

ولذلك، فإن الأحزاب والفاعليات السياسية، مجتمعةً أو منفردةً، غالباً ما تكون متأخرةً في تعاطيها مع القضايا السياسية بخاصةٍ، ومع مجمل القضايا العامة، إذ إن توجُّسها من تأثير أية قضيةٍ على مصالحها وعلاقاتها، يسبق محاولاتها لتشخيصها، ومن ثمَّ بحث الحلول والمعالجات، فتأتي مبادراتها أو رؤاها وقد تفاقمت القضية محل النظر، والتي يتمّ بالتالي القفز عليها، أو ارتجال إجراءاتٍ تفتقر إلى برامج وآلياتٍ تنفيذيةٍ.. أو اللجوء إلى استيراد حلولٍ بتدخلاتٍ خارجية..!

وحتى المبادرات التي تصدرها الأحزاب أو التكتلات السياسية، من حينٍ لآخر، فإنها تتوارى في الأدراج، أو توضع على الرفوف، أكثر مما تُطرح على طاولات النقاش، أو تُتداول بين أيدي فرق العمل، وإنها لتُرمى في غيابت الأرشيفات، بدلاً من ترجمتها في برامج عمليةٍ تلبي احتياجات الواقع وآفاق الطموحات، فيطويها النسيان، وينجرف الجميع مع سيل أزماتٍ ومشكلاتٍ متجددةٍ ومنهكةٍ للوطن اليمني وشعبه الذي -رغم معاناته المتعددة- يتوسَّم خيراً في قيادات البلد، ويأمل أن تضع الوطن نصب عينيها، وتغلِّب مصلحته على حساباتها الضيقة.

بيد أن تلك القيادات السياسية، من مواقعها في الدولة، أو في الأحزاب، تبتعد عن وظيفتها الأساسية في تهيئة البلد للانتقال إلى المستقبل المأمون، وقيادته بحكمةٍ وعنايةٍ إلى الغد المأمول في مختلف النواحي والمجالات. وفوق ذلك، نجدها لا تملك الإحساس بالمسؤولية الأخلاقية والوطنية، حتى تعتذر عن أيّ إخفاقٍ يعتري مسيرتها، وليس لديها الشجاعة الكافية لتقرّ وتعترف بمسؤوليتها عن أيّ فشلٍ في أدائها السياسي، وتدع شباب البلد يجرِّب حظّه في إنجاز ما عجزت عن تحقيقه قياداته الشائخة، ويختبر قدرته على القيام بما لم تستطع فعله، فلربما يتمكّن حماس الشباب ونقاؤهم من اجتراح نجاحاتٍ معتبرةٍ، حيث لم تفلح خبرات الكهول وحساباتهم.

[email protected]

 

إقراء أيضا