الرئيسية المقالات مدارات اعتراف السويد وبرلمان بريطانيا بفلسطين: العالم يتغيّر؟
اعتراف السويد وبرلمان بريطانيا بفلسطين: العالم يتغيّر؟
القدس العربي
القدس العربي

في خطوة رمزية كبيرة صوّت مجلس العموم البريطاني بأغلبية 274 عضواً ورفض 12 عضواً أول أمس الإثنين لصالح اقتراح غير ملزم تقدم به غراهام موريس رئيس جمعية أصدقاء فلسطين في حزب العمال المعارض يطالب بالاعتراف بدولة فلسطين «إلى جانب دولة إسرائيل كمساهمة في تأمين حل تفاوضي يكرس قيام دولتين»، في تعبير واضح لممثلي الشعب البريطاني عن رغبتهم بتغيير سياسة الحكومة البريطانية نحو القضية الفلسطينية.

الخارجية الإسرائيلية انتقدت القرار واعتبرته «رسالة مقلقة» تقوض فرص السلام، الأمر الذي ردّت عليه الرئاسة الفلسطينية بالقول إنه «خطوة بالاتجاه الصحيح لتعزيز فرص السلام»، واعتبره وزير الخارجية الفلسطيني «تصحيحاً للظلم التاريخي الذي أوقعه وعد بلفور».

إضافة الى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الاعتراف بفلسطين كدولة ذات سيادة عام 2012، ووجود 134 دولة في العالم تعترف بفلسطين لكنّ لا الدبلوماسية الفلسطينية ولا التعاطف الشعبي مع الفلسطينيين استطاعا اختراق «النادي» الأوروبي الغربي الذي كان مغلقاً لعقود في وجه الفلسطينيين، وكانت حكوماته على اختلاف ألوانها اليمينية واليسارية تدعم الرواية السياسية الإسرائيلية وتقدّم لها كافة أشكال الدعم.

غير أن أوروبا القديمة المثقلة بالذنب تجاه الهولوكوست النازي ضد اليهود، أوروبا الاستشراقية التي أسست نظرتها إلى العرب على ركائز عنصرية عميقة بدأت تتغير وتراجع حساباتها، وهو الأمر الذي ينطبق على العرب والإسرائيليين، فحروب إسرائيل المدعومة أوروبيا ضد العرب، ساهمت في تآكل سردياتها الملفقة من حكاية الكيبوتز الاشتراكي إلى «الواحة الديمقراطية» لصالح انكشافها كدولة همجية لا تقيم وزناً لقوانين العالم أو لأعراف البشر، وكذلك أثرت حملات أمريكا وبريطانيا في أفغانستان والعراق في نظرة شعوبهما وشعوب العالم إليهما، وصولاً الى ثورات الشعوب العربية الراغبة في إنهاء الاستبداد ظهير الاحتلال، كلّها عوامل أدت الى تغييرات كبرى في رؤية الأطراف كلها بعضها لبعض.

في أواخر شهر أيلول/سبتمبر الماضي هدد وزير خارجية الدانمارك مارتين ليدغارد «بخطوات جديدة، بما يتضمن تغييرات بعلاقتنا التجارية مع إسرائيل» إذا لم تجر المفاوضات مع حركة حماس في القاهرة في الاتجاه الذي يريده الاتحاد الأوروبي، كما حذر وزير خارجية فنلندا اركي تووميويا مطلع الشهر الحالي حكومة تل أبيب بأن العلاقات التجارية وغيرها قد تتضرر إن لم تتقدم مفاوضات السلام، مضيفاً لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية «على إسرائيل الإدراك أن هناك ثمناً للمماطلة».

وجاء إعلان رئيس وزراء السويد الجديد ستيفان لوفين أن السويد ستعترف بدولة فلسطين لينبّه الإسرائيليين إلى أن الكرة الأرضية تدور فعلاً وأن العالم لا يستطيع أن يقبل باستمرار المذبحة الفلسطينية والعنجهية الإسرائيلية الى الأبد، وجاءت الردود الغاضبة لتكشف المأزق الوجودي الذي تعيشه إسرائيل، أما تصريحات مسؤوليها الخبيثة التي اختبأت خلف حجج المفاوضات والسلام فيما الفلسطينيون يدفنون قتلى عدوانها الوحشي عليهم فكانت بذاءة لا يمكن التعامل معها بالاحتقار الكافي.

نجاح التصويت البرلماني البريطاني، على رمزيته (وبسبب هذه الرمزية بالضبط) هو إشارة تاريخية ليس لبدء تغير الموقف الأوروبي فحسب، بل لبدء تغيّر العالم الذي تركّب بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وكان الفلسطينيون أكبر ضحاياه.

 

رأي القدس

إقراء أيضا