الرئيسية المقالات مدارات هل يمكن توظيف التنافس الإقليمي والدولي لصالح اليمن؟
هل يمكن توظيف التنافس الإقليمي والدولي لصالح اليمن؟
د. أحمد قايد الصايدي
د. أحمد قايد الصايدي

الصراع الذي يدور في اليمن، ليس صراعاً يمنياً بحتاً، بل هو امتداد لتنافس إقليمي ـ دولي؟ هذه حقيقة واضحة، لكل ذي عينين، يبصر بهما حقائق الأشياء. إنه صراع يجري داخل اليمن، بالوكالة عن القوى الخارجية المتنافسة. وهذا هو السبب وراء تعقد المشهد السياسي اليمني باستمرار. فاليمنيون يظهرون عجزاً واضحاً في معالجة مشاكلهم، بعيداً عن مرجعياتهم الخارجية، التي لم تتجه بعد إلى حل المشكلة اليمنية. ولعلها لن تتجه إلى ذلك إلا بعد أن تتوافق على حل مشاكلها الإقليمية والدولية. ولكن إلى ذلك الحين سنكون قد دمرنا بلدنا بأيدينا، إذا لم نحكم العقل ونغلب المصالح العليا للوطن

ويتجلى عجز اليمنيين، أو بالأصح عجز القيادات السياسية اليمنية، يتجلى أيضاً في عدم القدرة على الإستفادة من التنافس بين القوى الإقليمية والدولية، وتوظيفه لصالح اليمن. وهو تنافس يتمثل في حدوده الدنيا بالجدل السياسي والتراشق الإعلامي، ويبلغ في حدوده العليا مستوى الصراع العسكري، ولكن عبر قوى محلية، ترتبط بهذا المحور أوذاك من محوري التنافس. إن الإستفادة من هذا التنافس موضوع يجب التفكير فيه مليَّاً. فهو يوفر مساحة لليمنيين، يستطيعون أن يتحركوا ويناوروا فيها، لمصلحة بلدهم. وهذه ميزة لاتتوفر لهم في حالة انفراد قوة واحدة أو محور واحد بالهيمنة على المنطقة .

إن تنافس القوى الإقليمية والدولية أمر طبيعي، مادام هناك مصالح متعارضة. فكل طرف يسعى إلى خدمة مصالحه، التي تتعارض وتتصادم مع مصالح الطرف الآخر، عند نقاط تماس معينة. وفي ظل هذا التنافس بين المصالح، يتوجب علينا نحن اليمنيين أيضاً أن نعرف مصالحنا ونسعى إلى تحقيقها. ومن أنجع السبل لتحقيق مصالحنا هو الإستفادة من وجود محورين متعارضين، يسعى كل منهما إلى كسبنا إلى جانبه. ولكننا بدلاً من توظيف هذا التنافس لصالح اليمن، نندفع إلى الإلتحام بهذا المحور أو ذاك. والنتيجة هي اقتتال اليمنيين فيما بينهم، لامن أجل مصالحهم، بل خدمة لمصالح المحور، الذي يقاتل كل منهم لحسابه. إن العجز، الذي تظهره القيادات السياسية اليمنية، سيفقدها فرصة الإستفادة من وجود هذين المحورين، اللذين لو تم التعامل معهما بقدر من العقلانية، لأمكن تحقيق نوع من التوازن، الذي يخدم اليمنيين. فيستفيد اليمن من إمكانياتهما معاً ويتحاشى التأثيرات السلبية لأي منهما على أوضاعه الداخلية .

أعترف هنا أن مانكتبه بلغة العقل والحب لبلدنا ولجميع أبنائه، يبدو أشبه بالمواعظ، التي يلقيها خطباء المساجد، وينتهي تأثيرها لدى المصلين، قبل أن يغادروا المسجد. إنها لغة غير مفهومة، وغير مطلوبة، في هذا الزمن العجيب، الذي لامكان فيه إلا للغة الكراهية والتعبئة المناطقية والمذهبية. ورغم ذلك لاخيار لنا إلا أن نستمر في التحدث بهذه اللغة، لأننا لانتقن اللغة الأخرى، ولأن بلدنا وشعبنا يستحقان منا أن نتحدث بلغة العقل والحب، في زمن يكاد العقل فيه يزول والحب يختفي من دنيا البشر. ولو أننا، جميعنا، وضعنا اليمن ومصالح شعبه نصب أعيننا، لما وجدنا أسباباً للصراع فيما بيننا، ولما استخدمنا ذكاءنا وقدراتنا وغرائز العنف، التي في دواخلنا، لإلحاق الأذى ببعضنا والتفريط باستقلال وطننا وبمصالحه العليا

 

 

إقراء أيضا