الرئيسية المقالات مدارات دعوةٌ للأخذ على يد الإرهاب
دعوةٌ للأخذ على يد الإرهاب
فائز عبده
فائز عبده

اغتيال الصحفي والسياسي والناشط الحقوقي عبدالكريم الخيواني، الأربعاء الماضي، فعلٌ دنيءٌ وخسيسٌ، كما كلّ عمليات الاغتيال التي سبقت، وطالت عديد سياسيين وقادة رأيٍ ومسؤولين عسكريين وأمنيين. وأية عملية قتلٍ، تقدم عليها أيدٍ آثمةٍ، غيلةً وعمداً، لا يمكن أن تجد لها مبرراً أو تسويغاً يجعلها في نطاق الأفعال المقبولة، حتى في أضيق الحدود.

عرفتُ الشهيد الخيواني، عن قربٍ، منذ سنواتٍ تربو على الـ15، خلال عمله في صحيفتي "الأمة" و"الشورى"، ولكثر ما التقينا في فعالياتٍ ومناسباتٍ ومقايلَ، وارتبطنا بذكرياتٍ ومواقفَ عديدةٍ. كان بشوشاً، ويستقبل الجميع بالضحكة العريضة، والترحاب بالغ الحفاوة.

تميّز الصحفي الشهيد بشجاعته وجراءته، وإيمانه بدوره الذي يجب أن يقوم به، في أيّ موقف، ومن أيّ موقعٍ، وبأيّة طريقةٍ يوصل من خلالها فكرته، ويحمّل بها رأيه، ويؤدي بواسطتها رسالته. فضلاً عن مسيرته الحافلة بالكتابة الناقدة والمعارضة لنظام الفساد والاستبداد، وتجربته الصحفية التي قاد خلالها، ومعه مجموعةٌ من الصحفيين الشجعان، الحملات الشهيرة لمواجهة كلٍّ من: التوريث، الفساد، وزواج السلطة والتجارة، وتبعاً لها، تعرض لجملة اعتقالاتٍ ومحاكماتٍ، ومكث في السجن عاماً، قبل أن يُفرج عنه بـ"عفوٍ رئاسيٍّ"، أصدره رأس النظام الذي ضاق بالنقد، ولم يكن يحتمل الاعتراض على ممارساته.

ولقد تشرفتُ بحضور إحدى جلسات المحكمة، وبالمشاركة في إحدى الزيارات التي نفذها عددٌ من الصحفيين والحقوقيين، إلى السجن المركزي بصنعاء، غير أنّ الفترة التي أعقبت خروجه من سجن نظام علي عبدالله صالح، أواخر 2005، وحتى يوم رحيله الفاجع، شهدت تضاؤلاً في الفرص والمناسبات التي جمعتنا.

تختلف مع الرجل أو تتفق، تتلاقى أفكاركما أو تتباين؛ لكن، تظلّ العلاقات الشخصية، والمشاعر الإنسانية، بعيدةً عن الفرز السياسي والتصنيف الفكري. وبغضّ النظر عن التوافق أو الاختلاف في المواقف، كلها أو بعضها، فإنّ ما ينبغي أن يكون محلّ إجماعٍ، في هذا المقام، هو التنديد بالقتل، واستنكاره بشدّةٍ، وإدانته بكلّ العبارات، والدعوة إلى الأخذ على يد الإرهاب، بكافّة أشكاله وصوره، ومختلف اتجاهاته الفكرية والسياسية، مهما استند إلى دينٍ، هو أصلاً لا يقرّه ولا يشرّعه، وأياً ما كانت ادعاءاته وغاياته ومقاصده غير الحميدة.

ويأبى الإرهاب إلا أن يطلَّ من أوكاره، على حياة اليمنيين، ليمارس هوايته في إسالة الدماء، وترويع النفوس، وكتابة أسفاره الطافحة بالرعب، والملأى بأبشع صور وطرائق القتل. ولم تكد تمضي 48 ساعةً على اغتيال عبدالكريم الخيواني، ظهيرة اليوم الذي صادف الذكرى الـ4 لمجزرة "جمعة الكرامة"، حتى ضربت جحافل الإرهاب بهجماتها الدامية، في صنعاء وصعدة، عقب صلاة الجمعة، مستهدفةً مسجدي بدر والحشوش في صنعاء، ومقر البحث الجنائي في صعدة.

من هنا، وإزاء كل المجازر وعمليات القتل والاغتيال التي تشهدها اليمن، يتعيّن على جميع القوى السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، والمكونات الجماهيرية والاجتماعية، وكافة أفراد الشعب اليمني، أن يتكاتفوا لمواجهة الإرهاب، أياً كان مصدره، والأخذ على يده، والعمل بحقٍّ وصدقٍ على تجفيف أوكاره، وتحصين المجتمع من شروره وتبعاته، وتخليص البلد من جرائم هذه الآفة التي نشبت في جسده، وامتصّت الكثير من قدراته وأرواح أبنائه.

  [email protected]


إقراء أيضا