الرئيسية المقالات مدارات العدوان العشري على اليمن
العدوان العشري على اليمن
فائز عبده
فائز عبده

تسير العمليات العسكرية التي تنفذها طائرات التحالف العشري، في إطار "عاصفة الحزم"، في أسبوعها الثاني، مستهدفةً ما تعتبره الدول المشاركة فيها، مواقعَ تسيطر عليها مليشيات جماعة الحوثي، ومعسكراتٍ مواليةً لرأس النظام السابق علي عبدالله صالح.

انقسم اليمنيون إزاء هذه العمليات؛ بين مؤيدٍ للتحالف الخليجي العربي بقيادة السعودية، ورافضٍ للتدخل الأجنبي، عسكرياً، في البلاد.

وتباينت المواقف المعلنة والمعبّر عنها، رسمياً وشعبياً، تجاه عملية "الإنقاذ"، أو "العدوان" على اليمن، بحسب تعبيرات الأطراف السياسية والمكونات الحزبية والمجتمعية المختلفة، ومثيلاتها في الشارع العام المنقسم إلى اتجاهين متضادين حيال ما يجري.

ويبدو الكثير من الناس، حالياً، في حالة اندفاعٍ وحماسٍ في تأييد العدوان السعودي؛ كرهاً في الحوثي وصالح، أو في رفض العدوان؛ اصطفافاً معهما.

وأستغرب، هنا، حالة الاستبشار والترحيب بالعمليات العسكرية التي تستهدف مواقع تستولي عليها، أو هي محسوبةٌ على المليشيات الحوثية التي سيطرت على الدولة بالقوة، وهيمنت على الوضع العام في اليمن.

ولا أجد أية مبرراتٍ يمكنها أن تشفع لأحدٍ قبوله بالعدوان على البلد، مهما كان الموقف من الأطراف المعنية بالصراع السياسي والعسكري الحاصل حالياً. فرغم موقفي المناهض لكلٍّ من صالح والحوثي، إلا أنني أرفض التدخل الأجنبي السافر لضرب مقدرات البلد، وإن كانت نتيجته شلّ القدرة القتالية لتحالف "الحوثي صالح" المشؤوم.

وفي غمرة تجاذب المواقف الرسمية والشعبية؛ بين التأييد والرفض، يغفل الكثيرون عن سؤال الكلفة المادية والبشرية، التي ستتطلبها العمليات العسكرية، والثمن المتعيَّن دفعه في مقابلها، بعد الانتهاء منها أو توقفها، سواءً حققت أهدافها المعلنة والخفية، أو أخفقت في الوصول إلى غاياتها المحددة سلفاً.

فليسأل اليمنيون أنفسهم، عن المقابل الذي تنتظره ما تسمى دول التحالف، وعلى رأسها المملكة السعودية، إزاء كل تلك القذائف والصواريخ التي تطلقها طائراتها، والتكاليف المادية للعملية العسكرية برمّتها؟ ومن سيعوّض خسائر اليمن من الطائرات والآليات ومختلف الأسلحة التي دمّرتها غارات التحالف، والمنشآت العامة والخاصة، التي تضرّرت جراءها؟ وعلى حساب من؟

أبحث، هنا، عمّن يتحدث عن أضرار وخسائر القصف، وتداعياته الكارثية، على مختلف المستويات، وكافة المجالات، والكلفة التي ستصل إلى ملياراتٍ من الدولارات، وربما أكثر، وعن ضحايا العدوان من المدنيين الأبرياء، الذين وصلوا المئات بين قتيلٍ ومصابٍ، خلال الأيام الماضية من الغارات، فضلاً عن المتضررين من الحصار المضروب على معظم المطارات والموانئ اليمنية، والذي أسفر عن علوق الكثير من اليمنيين في منافذ عديد دولٍ، بما يجلبه كلّ ذلك من مآسٍ وعذاباتٍ لأبناء هذا البلد.

على أنّ عمليات "عاصفة الحزم" مرفوضةٌ تماماً، ويتحمل تحالف "الحوثي صالح"، مسؤولية الدمار الذي ألحقته وتلحقه غارات التحالف الخليجي العربي، بالبنية التحتية العسكرية في عددٍ من محافظات اليمن؛ وذلك نتيجة سعي صالح إلى فعل أيّ شيءٍ يحقق له انتقاماً من الشعب اليمني الذي ثار عليه في 2011، وبفعل تحالفه مع الحوثيين، الذين دفعت حماقاتهم وتجاوزاتهم، عبد ربه منصور هادي، إلى اتخاذ قرارٍ خاطئٍ باستدعاء التدخل الخليجي والعربي.

ولم تأتِ "نجدة" التحالف العشري، استجابةً لطلب هادي، بقدر ما لاحت فرصةٌ انتهزتها تلك الدول، التي جمعتها مصالحُ متعددةٌ، وليس لمجرّد إنقاذ اليمن من قبضة المليشيا الحوثية، واستعادة الدولة من الجماعة التي انقضّت على كافة مؤسساتها.

فالسعودية تواجه أداة إيران التي تتوسّع جنوبها، إضافةً إلى إبقاء اليمن تحت جناحها، ودول الخليج الأخرى لها مخاوفُ من تمدّد النفوذ الإيراني، ومصر يهمها خط الملاحة الذي يمرّ في "باب المندب"، ويمدّ قناة السويس بالإيرادات الطائلة، أما بقية الدول الـ10، فلها مصالحُ مع المملكة السعودية.

إنّ للحرب مآسيَ وفظائعَ يغفل عنها المتحاربون، ويعيشها بألمٍ وصمتٍ المكتوون بنيرانها، ولها ألف وجهٍ قبيحٍ، وليس غير المتقاتلين يحاولون تلطيف مأساويتها، وتجميل بشاعتها.

وبالتالي ينبغي رفض هذا العدوان، والمطالبة بوقف ما تتعرّض له اليمن من خسائرَ وأضرارٍ وخرابٍ، من قبل كلّ الأطراف الداخلية والخارجية، المشاركة في هذه الحرب.

ويجب أن يعمل الجميع على حماية وصيانة الوطن العزيز، والحفاظ عليه، فهو الثابت الأجدر بأن يظلّ في ضمير ومسعى كلّ يمنيٍّ، وهو الجامع لنا، ومن حقه علينا أن نعمل على إنقاذه من شرور الداخل والخارج.

[email protected]


 

إقراء أيضا