لا مشكلة في ايقاف سيارتك بمحاذاة سور منزلة ، يخلو المكان من المظاهر المسلحة ، كما لاتمر بحواجز امنية اسوة بكثير بمن فيهم من هم اقل منة في مواقع المسؤولية.
كل ماعليك قبل الصعود الى ديوانه ، ان تسأل شخصا يتواجد في الغرفة الخارجية : عمي محمد موجود ؟ ليجيبك سريعا نعم...من نقول لة؟ ثم يسمح لك بالدخول .
تصعد الى الدور الثاني ، لتجد رجل سبعيني يرحب بك ويدعوك للجلوس ، يتوسط ديوان متواضع يضم عدد من الحضور ، تختلف مشاربهم السياسية كما تختلف دوافع زيارتهم بالنظر الى موقع الرجل ، فمنهم من يأتي بقصد الزيارة والاستمتاع ببساطة الجو العام للمقيل ، اخرون انتهازيون ، ولا يخلو المكان من عناصر باحثة عن مايمكن ايصالة لاسيادهم من مراكز النفوذ المعروفة .
ان كنت من مدمني المداعة ، فيمكنك ببساطة الجلوس الى جوارة ، وان شعرت بشيء من الخجل فيدعوك هو لمشاركتة من واقع معرفتة المسبقة. بالمناسبة ، حتى المداعة لم يغفلها المناؤون له في احاديثهم وكتاباتهم ، لكأن هناك مايرتبط بها من العيوب ، مع انها عادة يدمن عليها الكثير من بسطاء اليمنيين خاصة في الارياف ، وبالتالي لايوجد فيها مايمكن توظيفه ضد شخص باسندوه ، فالتمباك والفحم في متناول الجميع بشارع هائل وبأسعار بسيطة ، مقارنة بعلب " المارلبورو" الثمينة التي ينفث البعض دخانها على بطون واصفرار وجوه جياع اليمن.
موكبة الرسمي الذي كنا نصادفه ، لم يكن يتجاوز سيارته الهونداي واخرى مشابهة لها ، قبل ان يصر الجهاز الامني لرئاسة الوزراء على اشراك طقم عسكري كنتيجة للاختلات الامنية حينها .
بصدق ، قدم الرجل بتواضعه وبساطته مفهوما مختلفا لموقع المسئولية بما فيها رئاسة الوزراء وانه لا يعدو عن كونه موقع وظيفة عامة ، على عكس كل المسؤلين اليمنيين الذين قدموه على انة تكبر وتجبر ومظهرة ونخيط، وقبل ذلك تعويضا عن حالة الشعور بالنقص العلمي والمعرفي والثقافي ، ولهذا نرى المواكب والزحمة التي يبدو عليها المرافقين وكل المظاهر المصيبة بالغثيان.
لم يسلم الرجل حتى من التشكيك بأصوله ، بالقول انة ينحدر من اصول صومالية ، كما هو حال الهندي على سالم البيض و" الدنكلي" عبد ربة منصور هادي والكيني محمود الصبيحي والماليزي خالد بحاح ، بينما المشكلة الوحيدة التي تجمعهم بنظر احفاد " باذان" انهم جنوبيون .
خلال ترأسه لمجلس الوزراء ، تعرض لكل انواع الاساءات والاعاقة في تأدية مهامه ، لكنة قدم ماستطاع في ظل ظروف غاية في التعقيد انتجتها مراكز القوى والنفوذ العسكري والقبلي وحتى الطائفي . لقد كان انطفاء ساعتين للكهرباء او ازمة بسيطة في المشتقات النفطية كفيلة باخراج مراكز النفوذ لبلاطجتها الى الشوارع لاحراق الاطارات واحداث الفوضى ، وهاهي الان ومنذ شهور ، تنعدم كل المشتقات النفطية والمياه والكهرباء وكل وسائل العيش ، ناهيكم عن الغلاء والبطالة وانعدام الامن وغياب الدولة عموما ، مع ذلك لم نرى اي من تلك الاحتجاجات ، في تأكيد لما ذهبت الية انفا.
قال زميلي في العمل "محمد الاشول" وهو يقرأ عنوان هذه المادة : لقد ظلمنا هذا الرجل كثيرا ، وكل مانعيشه ونشاهده الان يعيد له الاعتبار.
عموما ، انتهت فترة الاستاذ باسندوه ، وكأي مسؤل محترم غادر موقعة في رئاسة الوزراء دون ضجيج ، او اساءة لاي من اولئك الذين لم يغفلو عبارة سيئة في قواميس لغات العالم الا واطلقوها علية . وفي تأكيد لنظافة يدية ، يكفية ولو ذلك الاعتذار الذي تلقاة من قبل لجنة الحوثيين في رئاسة الوزراء ، على عدم تسلمة لاي مبالغ خارج حقوقة القانونية ، او صرف اي مبلغ من ال"8" مليون المخصصة لة كنثريات لانفاقها لمن وعلى النحو الذي يريد.
هاهو رمضان يمر وانت خارج البلاد ، مايجعلنا نفتقدك كثيرا ، نفتقد تلك الاحاديث والنقاشات المتنوعة. الجلسات الرمضانة المفعمة بالبساطة والعلاقات الانسانية الصادقة ، البعيدة عن النفاق والكذب والانتهازية .... محبتي واحترامي استاذنا القدير ، شهر كريم وكل عام وانت بصحة وعافية.