الرئيسية المقالات مدارات مدرسة في الوطنية ومشروع للمستقبل
مدرسة في الوطنية ومشروع للمستقبل
سامي غالب
سامي غالب

كلما داعبت أهداب اليمانيين أطياف الرفاه والعدل والمواطنة المتساوية، استحضروا إبراهيم الحمدي، ذاك الذي أبحر على نعش في منتصف أكتوبر1977، وها أنه وقت الشدة يجيء، كما بطل أسطوري، ليؤنس وحشة المستضعفين والمحرومين. 

الوحدوي نت

هكذا هي العلاقة بين إبراهيم الحمدي، وكل الوعود الرائعة للثورة والجمهورية، ارتباطيه كلية، من وحيها ندرك لماذا صار الحمدي عصياً على النسيان، ذلك لأن الذاكرة الجمعية هي قلعة الجماهير الحصينة، وملاذها الأخير ساعة يراد اقتلاع الهوية من الأرض، ووأد الأحلام تحتها.

والجلي أن البون شاسع بين الحماية التي وفرها الحمدي للبسطاء والطيبين، أثناء فترة حكمه الوجيزة، وبين الاحتماء الذي يوفره استدعاؤه في اللحظة الراهنة.

الحماية مقدمة، أمنها حضور غلاب لقائد ملهم حفز الإرادة الشعبية، وتقدم مسيرة الجماهير صوب غاياتها هي إذن فعل واقتحام. والاحتماء نتيجة "وبالأحرى خاتمة" لرحلة اغترابيه موحشة في مجاهل واقع عار من كل قيمة وأعزل من أوهى أمل، فهو إذن ملاذ وانسحاب.

والفارق بين الحماية والاحتماء هو عينه بين دولة النظام والقانون التي تحمي الحقوق، ودولة الطغيان التي تمنح الامتيازات. وقد أرادها القائد الحمدي دولة مواطنين، ونازل نزال الفارس النبيل لأجلها، إلى أن استشهد، وأرادها غيره دولة داخل الدولة، لتسود الفوضى، وتتكرس الامتيازات، فكان سبيلهم التآمر، وسلاحهم الغدر.

إبراهيم الحمدي فوق انه حاجة نفسية للجماهير المنفية من مواقع المشاركة، ضرورة سياسية واجتماعية، ومشروع وطني ووحدوي مستقبلي. إذن بعد 4 عقود من قيام حركة 13 من يونيو التصحيحية، فإن السؤال نفسه لا يزال ماثلاً: أهي دولة حقوق، أم دولة امتيازات؟

إن أردنا اجتياز حدود السؤال إلى تخوم الإجابة يصبح استدعاء إبراهيم الحمدي "زاد" أكثر منه ملاذ وعلى المسافة الفاصلة بين الحماية والاحتماء، بين دولة الحقوق ودولة الامتيازات، يتقرر القول الفصل حيال مستقبل اليمن ومصير شعبها عن نقطة فارقة على مدرج التاريخ الإنساني.

----------

* مجلة (الاقتصاد الآن). العدد 1. مارس 2015.

إقراء أيضا