الرئيسية المقالات مدارات الحوثي وإيران اصطفاف شيعي أم تحالف سياسي؟
الحوثي وإيران اصطفاف شيعي أم تحالف سياسي؟
ميساء شجاع الدين
ميساء شجاع الدين

عندما سقطت العاصمة اليمنية صنعاء بيد الحوثيين في سبتمبر 2014لم يخف الكثير من المسؤولين الإيرانيين نشوتهم لدرجة وصفهم ما جرى بإنه وقوع لرابع عاصمة عربية ضمن النفوذ الإيراني.

ظلت القيادات الحوثية لا تهاجم السعودية وتنكر صلتها بإيران حتى اغلاق السفارة السعودية بعد استقالة الرئيس هادي وحكومته في 13 فبرايرعام 2015م، اثر الأزمة التي وقعت بينهم وبين رئيس الجمهورية بسبب اختطاف مدير مكتبه، حينها دخلت الجماعة في صراع مفتوح مع دول الجوار الخليجي وتحديداً السعودية.

بعدها تم توقيع اتفاق بين الحوثيين وإيران لتوسيع وتطوير ثاني اكبر موانيء اليمن الحديدة ، وفتح جسر جوي مع إيران لتسيير 14 رحلة أسبوعية لمدة لا تزيد عنشهر واحد قبل أن تغلق السعودية المجال الجوي لليمن في 26 مارس 2015.

تلا هذا تدخل سعودي عسكري بحجة القضاء على النفوذ الإيراني في اليمن، وهذا تبرير بدا مقبولا للكثيرين من المنظومة الإقليمية والدولية التي ترى في هذا دفاعا سعوديا مشروعا على أمنها القومي والاستراتيجي. ولكن تفسير ما يجري باليمن بإعتباره صراعا إقليميا به بعض الصحة لكنه يعجز عن تفسير للصورة باكملها، بل قد يتحول لتضليل في بعض الأحيان، فما بين الحوثي وإيران أقل من تحالف استراتيجي واكبر من مجرد تقارب عادي.

مابين الزيدية اليمنية والاثنى عشرية الإيرانية

أصبحت أدوات الصراع الإقليمية مذهبية بشكل واضح منذ احتلال بغداد عام 2004م، لذا وضع الحوثي في نفس سلة إيران بحكم التشيع. لكن قليلين من

يدركون طبيعة التمايز المذهبي بين الطرفين بكل ما يعنيه هذا من تأثيرات سياسية واجتماعية.

الزيدية تختلف عن الإثنى عشرية في عدة أموراساسية، تحديداً فيما يتعلق بنظرية الإمامة، فبينما تؤمّن الاثنى عشرية بالتقية حتى ظهور الإمام الغائب، تعتقد الزيدية ان الامام موجود وليس غائبا وما عليه سوى الإعلان عن نفسه، بالاضافة لقضية الخروج أو التمرد على الحاكم الظالم.

طبيعة وجود المذهبين في الدولتين تكشف الكثير من أوجه طبيعة الصراع باليمن، فالمذهب الزيدي موجود باليمن وانتشر عبر وقت طويل تبلغ الف عام (سنة)، كان يحكم فيها بعض الأوقات ويخرج من الحكم أحياناً اخرى، قد يتحول فيها لجماعة ثورية متمردة على الدولة. وكذا فان المذهب الزيدي لم يخرج عن حدود منطقة شمال الشمال في اليمن وهي المعروفة تاريخياً باليمن الأعلى، أي إنه انقسام يسبق وجود الإسلام في اليمن حيث تميز هذه المنطقة الطبيعة القبلية في أرض فقيرة الموارد نسبيا.ً

في المقابل، الاثنى عشرية لم تصبح مذهبا لإيران إلا في القرن السادس عشر عندما تبنته الدولة الصفوية، ومن ثم انتشر المذهب في ايران التي كانت سنية في معظمها. وانتشار المذهب كان عملا منظما من الدولة الصفوية وارتبط بشكل عضوي مباشر بعملية احياء الهوية القومية الفارسية، خاصة إن إيران كانت في حالة صراع ضد العثمانيين.بينما المذهب الزيدي في اليمن يصبغه طابع مناطقي وليس قوميا مثل حالة المذهب الإثنى عشري، وهذا يعني إنه عامل انقسام مناطقي وليس عامل توحيد قومي مثل إيران. الأمر لا يتوقف عند هذه الحالة فقط بل كذلك في طبيعة الدور الذي تلعبه المرجعية الدينية لكلا المذهبين.

 

 المرجعية الدينية الأثنى عشرية في إيران تتمتع بإستقلالية مادية كبيرة تساعدها على اتخاذ مواقف معادية للسلطة وقد تصبح مرجعية أعلى من السلطة السياسية بسبب بند الخمس، حيث يدفع الناس خمس أموالهم لعلماءالدين. أما في اليمن فالخمس بند موجود ككل المذاهب الشيعية لكنه محصور بخمس غنائم الحروب والكنوز الموجودة بالأرض ( البترول والمعادن مثالاً). هذا يضعف من استقلالية علماء الزيود باليمن حيث لا تتوفر لهم مصادر مالية مستقلة بشكل دائم مثل نظرائهم في إيران، لذا تبدو منظومة رجال الدين الزيدية قريبة من طبيعة المنظومة السنية كونها تابعة للسلطة وقائمة على مجهود فردي وليس مؤسسيا تنظيميا يساعد على التراكم ويقوي من سلطتها مثل حالة الاثنى عشرية في ايران.

كانت القبيلة بيئة ملائمة للزيدية حيث اضفت طابعا دينيا قويا للقبيلة وغزواتها، كما كانت المنطقة القبلية مخزونا بشريا قتاليا مهما للائمة ومعاركهم بسبب ضعف خصوبة الإرض وقلة إنشغال الناس بالزراعة، بإستثناء بعض الأودية والمراكز الحضرية. هكذا استفادت الزيدية من بعض الأعراف القبلية مثل مناطق “الهجر” وصارت مراكز مخصصة للعلماء ومراكزالتعليم الزيدي.والهجر تقع وسط المناطق القبلية ويحرم فيها الاقتتال وحمل السلاح. كذلك تدمير منازل الخصوم عادة قبلية تسبق وجود الزيدية، وكانت تطبق على من يخالفون أعراف القبيلة من افراد لا ينتمون لها وتعني إن لا بقاء له فيأرض القبيلة وعليه الرحيل، لكن الإمام الهادي – أول من أسس دولة زيدية باليمن قبل ألف عام- استخدمها ضد خصومه عامة بهدف التنكيل بهم.

الثورة الايرانية وقيامة الشيعة

لم يكن الخميني مجرد عالم وصل لأعلى درجات المرجعية الشيعية الدينية بل انه تلقي شهادات علمية من جامع الأزهر وتواصل مع علماء الزيدية باليمن الذين منحوه أعلى مراتبهم العلمية وهي صفة عالم مجتهد بحكم تبحره ومعرفته بالمذهب الزيدي، وربما استلهم منها جزءا من نظريته ولاية الفقيه.

بعد انتصار الثورة الايرانية بدأ بعض الشباب اليمني الزيدي في التردد على إيران في الثمانينيّات والدراسة بمراكزها الدينية في قم. لم يسبق لهم الدراسة قبل الثورة واظن لعدة اسباب: أولا، ايران بعد الثورة استخدمت المذهب للتوسع وكذلك بعد الثورة الايرانية لأسباب من بينها تراجع دور المرجعية الدينية الأصلية في العراق، وكان من بينهم حسين الحوثي مؤسس الحركة الحوثية ومحمد عزان مؤسس منتدى الشباب المؤمن وهي منتديات كان هدفها احياء المذهب الزيدي.

وصف عزان اسباب رحيلهم لإيران رغم التفاوت المذهبي بالحنين للتشيع خاصة إن السلفية بدأت تتمدد في المناطق الزيدية، وتراجع حضور المراكز العلمية وحلقات الدروس الزيدية بعد ثورة سبتمبر 1962م.

لا يمكن رصد وتوثيق كل الاتصالات بين الزيود والإيرانيين في تلك المرحلة المبكرة التي شهدت سفر بعض العلماء والشباب لإيران حيث تواصلوا مع القيادات الدينية هناك، وكان لهذا تأثيره العميق فيما بعد. كان مؤسس الحركة حسين الحوثي يتبني الكثير من افكار الخميني في خطبه التي كانت النواة للحركة وذاع صيته من خلالها، حيث كانت تتمحور خطبه حول الصراع ضد امريكا واليهود كضرورة حتمية في سلسلة الصراع بين اليهود والمسلمين وليس كقضية سياسية. كذلك الحديث عن الاستغلال الاقتصادي والتبعية السياسية للغرب، مع فارق إن طرح حسين الحوثي يتسم بالسطحية قياساً بالخمييني لكن الحدية وثنائيات الصراع حاضرة بقوة، يمكن ملاحظة هذا بوضوح في خطاب حسين الحوثي بمناسبة يوم القدس العالمي الذي دعا له الإمام الخميني عند كل اخر جمعة في رمضان.

أيضاً مفردات خطب حسين الحوثي لا تخلو من تأثر بمفردات الإمام الخميني مثل مفردة “الطاغوت”في الاشارة للظلم وهي كلمة دينية كثيفة التعبير لدى المسلمين حيث تشير للظلم والشيطان في ذات الوقت، أو مفردات دينية متداولة اكثر مثل الحق والباطل، الجهاد، الولاية، المستضعفين والمستكبرين. هذا التأثير الفكري الواضح للثورة الإيرانية على مؤسس الحركة الحوثية ليس دليلا على تحولها المذهبي كما ظن البعض بل ظل تأثيرا قاصرا على السياسة.

في بداية صعود الظاهرة الحوثية من خلال خطابات حسين الحوثي انكرت بعض المرجعيات الزيدية هذه الخطب والتسجيلات وقالت إنها خروج صريح عن الزيدية وصدر هذا البيان الشهير في 18 من شهر مايو 2004م وكان أبرز هؤلاء العلامة أحمد محمد الشامي والذي صار مقربا للحوثي منذ عام 2011م. مما يكشف حقيقة إن هذا الادعاء بخروجهم عن الزيدية لم يكن سوى لاسباب سياسية وهي محاباة السلطة في حربها ضد حركة صغيرة غير ذات شأن حينها.

لا شيء يؤكد مقولة انتماء الحركة الحوثية للإثنى عشرية، فالحركة حتى الآن تعبرعن المذهب الزيدي الذي يدعم فكرة الخروج المسلح ضد الحاكم الظالم وربما سبب هذا الخلط هو تشابه ارائها المتشددة بخصوص السنة والصحابة مع الاثنى عشرية، لكن هذا لا يخرجها عن الزيدية. فمؤسس الجماعة حسين الحوثي ابن العلامة الزيدي بدر الدين الحوثي تتلمذ على يد العلامة مجد الدين المؤيدي اشهر أعلام التيار الجارودي، وهو احد التيارات الزيدية المتطرفة التي تهاجم السنة والصحابة لدرجة تكفيرهم .وسار التلميذ بدر الدين الحوثي على ذات خطى معلمه.

فيما عدا ذلك فالتأثير المذهبي لا يتجاوز المظاهر الاحتفالية الجديدة على اليمنيين مثل احياء عاشوراء بينما كانت الزيدية تحتفل دوماً بعيد الغدير. هاتان المناسبتان هما اللتان تخصان الشيعة دونا عن السنة. إضافة إلى تحول بعض الشباب الزيدي الذي يذهب للدراسة في قم للمذهب الاثنى عشري، فالمذهب الاثنى عشري يمتلك تراكما علميا وإرثا ثقافيا أوسع من الزيدية التي لم تتطور منذ وقت طويل.

حروب صعده بداية جديدة

اندلعت أولى حروب صعده في شهر يونيو 2004م وانتهت في شهر سبتمبر من نفس العام بعد مقتل زعيمها حسين الحوثي، كانت التهمة الموجهة للجماعة هي معاداة النظام الجمهوري وتنظيم تمرد مسلح ضد الدولة. منذ البداية ربطت الجماعة بإيران، لكن لاشيء مادي يدل على علاقة الجماعة سياسياً وعسكرياً بإيران قبل الجولة الرابعة للقتال التي امتدت من يناير ليونيو 2007م.

منذ الجولة الرابعة للحرب يظهر واضحاً إن الجماعة بدأت تستخدم ذات الاساليب والتكتيكات العسكرية التي كان يستخدمها حزب الله ضد اسرائيل، وبدا هذا واضحاً من تسجيلات مرئية سربت من الجماعة لعملياتها العسكرية ضد الجيش اليمني آنذاك وهو ذات اسلوب حزب الله في نشر تسجيلات لعملياته العسكرية.

منذ تلك الجولة بدأت الجماعة تأخذ شكلاً اكثر تنظيماً وتدريباً، وصارت تتلقى تدريبا عسكرياً واموالاً بشكل منتظم من إيران عن طريق حزب الله حتى تزايدت أهمية الجماعة التي صار لها جناح عسكري مسلح ومنظم انتقل في حروبه من حالة الدفاع الى الهجوم والتوسع.

اخذت حروب صعده بعدا إقليمياً بتدخل السعودية العسكري في الجولة السادسة من الحرب التي بدأت اغسطس 2009م وانتهت فبراير 2010م، كما اتخذت إيران موقفا اعلاميا صريحا مؤيدا للحرب آنذاك وخطب حسن نصر الله يطالب بوقف الحرب الظالمة. كانت هذه آخرجولات الحرب ثم اندلعت بعدها ثورة 2011م التي غيرت المشهد السياسي اليمني تماماً.

حليف لإيران أم فصيل سياسي يمني؟

يحاول الحوثي تقديم نفسه كفصيل سياسي يدافع عن الزيدية كجزء اصيل من اليمن مقابل الوهابية الدخيلة من السعودية ويرد خصومه بإنه ليس أكثر من عميل لإيران يتبنى الجعفرية أي الاثنى عشرية، وهذا أمر يخالف الطبيعة العامة للجماعة الحوثية رغم تحول جزء من الطلاب اليمنيين الذين يدرسون في قم للاثنى عشرية وتبني بعض المظاهر الدخيلة اثناء احياء مناسبة عاشوراء التي لا يحتفي بها الزيدية في اليمن. اضافة للتأثير السياسي الواضح للثورة الإيرانية كالصرخة أو شعار الحوثي” الموت....".

 لأمريكا…”يمكن فهم الحوثي كحالة يمنية تحاول احياء إرث الإمامة وهو إرث تاريخي مثقل بالصراعات والتدخلات الخارجية، الطبيعة المذهبية المناطقية لحكم الإمامة الزيدية في فتراتها المتقطعة التي حكمت فيها اليمن أو اجزاء منها كان يتسبب في انقسام مجتمعي. فمثلا التدخل العثماني الثاني في اليمن جاء بمباركة المناطق التي يغلب عليها المذهب الشافعي وكذلك تدخل الجيش المصري في ستينات القرن الماضي، فبالتالي تأييد التدخل السعودي من بعض اليمنيين ليست حالة شاذة في التاريخ اليمني وتخالف النظرية الرومانسية للتعايش المذهبي- المناطقي بين اليمنيين. وهو انقسام ليس حادا وقطعيا، حيث توجد قبائل زيدية قاتلت مع المصريين ضد الإمامة والآن توجد قبائل في المنطقة الزيدية بالشمال ضد الحوثي وأخرى شافعية تحارب مع الحوثي.

هذا لا يمنع إن امتدادات الحوثي الإقليمية في ظل صراع اقليمي مذهبي قوى من شوكته واعطاه حجما اكبر من حجمه الطبيعي، فلولا الدعم الإيراني عن طريق حزب الله سواء بالتدريب المسلح أوالأموال لظلت جماعة مسلحة صغيرة مثيرة للقلاقل لكنها بلا قدرة على التوسع كثيراً خارج مناطق نفوذها المذهبي خاصة مع التغييرات الاجتماعية الهائلة التي شهدتها اليمن بعد ثورة 1962م.

كذلك كانت هناك اتصالات جيدة بين الحوثيين والسعودية بعد انتهاء المواجهات العسكرية بينهما عام 2010م، كان الوسيط فيها الإسر الهاشمية اليمنية المقيمة في السعودية بعد ثورة 1962م. منذ ذلك الحين حتى فبراير 2015 عندما اغلقت السفارة السعودية ابوابها في صنعاء لم يهاجم أي قيادي حوثي السعودية في خطاباته علناً، وكانت الاتصالات بينهما ودية، لكن تولي الملك سلمان العرش بعد وفاة الملك عبدالله غير المزاج السعودي تجاه الحوثيين وهذا ما اشار له حسن نصر الله في أول خطاب له بعد بدء عملية عاصفة الحزم في اليمن.

بالطبع التدخل الإيراني واستخدامه للحوثي كأداة لتوسيع نفوذها الإقليمي كان واضحاً بشدة اثناء حصاره صنعاء ومفاوضاته مع الحكومة اليمنية آنذاك، فحسب شهادة مستشار الرئيس عبدربه منصور هادي الدكتور عبدالكريم الإرياني كانت الأوراق والاتفاقات لا يتم إقراراها قبل المرور على طهران، وهذا وارد بقوة.

اعتقدت ايران إنها سوف تستخدم الحوثي في لعب ذات الدور السياسي الذي يلعبه حزب الله في لبنان، أي المشاركة السياسية بشكل يمكنهم من التعطيل والتأتير من خلال التحكم بالحكومة، ويستمد الحوثي مثل حزب الله قوته من الجناح العسكري بدون غالبية سياسية تسمح لهم بذلك وإن كان حزب الله يمتلك جناحا سياسيا قويا مكنه من التحالف السياسي مع قوى اخرى لكن الحوثي يجناحه السياسي ليس اكثر من حالة إعلامية لا تملك تأثيرا ودورا.

في الغالب اجتياح صنعاء واسقاط مؤسسات الدولة لم يتم بسبب أوامر إيرانية التي كانت اتفاقية السلم والشراكة تحقق نموذجها الناجح في لبنان، لكنه انجرارحوثي لأوهام احياء الإمامة في اليمن وتصوراتهم بالحق المقدس في حكم اليمن. ويبدو إن إيران تصورت بإمكانية فعل ذلك تحت دعاية إن الزيدية حكمت مناطق شمالية من اليمن لمدة تزيد عن ألف عام، وهذا خطأ شائع يخلط بين وجود الزيدية كمذهب ومرحلة حكمه كسلطة دولة في اليمن.

الحوثي ككل الحركات الدينية المتطرفة التي تغرق بها المنطقة الآن تحيي إرث العصور الوسطى بمظاهره العنيفة والراديكالية لا اكثر، لعل ابرزها مثلاً تفجير منازل الخصوم أو مواقفها المتشددة تجاه المرأة والموسيقى.

الحوثي جماعة دينية تتبني تفسيرات دينية جامدة وافرادها ينتمون لمنطقة معينة. لذا فإن تكوينها المناطقي-المذهبي كفيل بخلق انقسام مجتمعي اثناء لعبها لأي دور سياسي وبالتالي افراز جماعات موازية ومشابهه لهذا التكوين المناطقي المذهبي، هذا النمط من الجماعات بحكم إنها دون وطنية ولا تمتلك مشروعا سياسيا قد يوسع من قاعدة حضورها خارج منطقتها ويسهل استخدامها أدوات اقليمية.

إذن الحوثي هو فصيل يمني تستخدمه إيران كأحد أدواتها في المنطقة لتوسيع نفوذها ويصعب القول في ظل اشتداد هذا التوتر الاقليمي إن الحوثيين من الممكن أن يتقاربوا مع السعودية مجدداً، أو تكرار سيناريو تعامل السعودية مع النظام الجمهوري بعد سبع سنوات من محاربته في الشمال أو تعاملها مع الاشتراكيين بعد معاداتها لهم في الجنوب. فالسعودية لم تتقارب مع الجمهوريين شمالاً إلا بعد تراجع دور مصر الإقليمي ولم تتعامل مع الإشتراكيين مثل البيض والعطاس إلا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وتخليهم عن الإشتراكية. هذا أمر مستبعد الآن مع الحوثيين المتأثرين بإيران ويلعبون بدورهم كوكلاء لها في اليمن ضمن مساحة الصراع الإقليمي الجاري الآن.

صحيح إن العمليات العسكرية للتحالف الذي تقوده السعودية قضت على أحلام الحوثيين في حكم اليمن لكنها لن تستطيع القضاء عليهم كفصيل يمني يخدم مصالح حليفه الإيراني، وتباعده عن السعودية يزيد من تقاربه مع إيران لكنه تقارب فيه الكثير من الشكوك بسبب التباين المذهبي والجهل المتبادل بحكم قلة خبرة الايرانيين بالشأن اليمني وضعف معرفة اليمنيين بإيران، كما لا يمكن اغفال عامل التقلب الشديد في البيئة اليمنية الصعبة سياسياً واجتماعياً.

إقراء أيضا