الرئيسية المقالات مدارات هل ما نزال يمنيين جميعا..؟!
هل ما نزال يمنيين جميعا..؟!
علي أحمد العمراني
علي أحمد العمراني

ليس هناك ما هو أكثر عبثية وخبالا مما يجري في الحالة اليمنية خاصة فيما يتعلق بالوحدة والتفكيك وتجريف الهوية اليمنية ..!

الدولتان اللتان قامتا في شطري اليمن، قبل 1990 كانتا تؤمنان بيمن واحد، وطوال تاريخ التشطير الذي تخللته خلافات وصراعات متنوعة ظلت قضية الوحدة مسألة متفق عليها، وليست محل جدال أو خلاف، الأمر الذي أسفر عن جهود أنبثق عنها دستور دولة الوحدة الذي تحققت الوحدة بموجبه عام 1990 ، وقد أُنجز في بداية الثمانينات ، وتم الإستفتاء عليه في مايو 1991، وكان ذلك أيضا استفتاء على الوحدة ذاتها، وصوتت عليه جميع مناطق اليمن وفاقت نسبة التصويت في المحافظات الجنوبية لصالح ذلك الدستور والوحدة بنسبة 95% ..!

من قبل، قامت الجبهة القومية بتوحيد مناطق الجنوب ، مشيخات وسلطنات وإمارات، ضمن دولة يمنية واحدة ، وتحت مضلة الهوية اليمنية الواحدة ، وقامت على إثر ذلك جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، وفي عام 1970 تم تغيير الإسم ، الى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، حيث أزيل إسم الجنوب باعتبار إن جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية تشمل كل اليمن وهي لكل اليمنيين..!

وفي عام 1979 حصل اجتياح من قبل قوات ج ي د ش، لمناطق في الشمال ومنها البيضاء، وكان ذلك الإجتياح محل ترحيب من قبل مجمل السكّان في المحافظة ، ما دام يتضمن تحقيق وحدة اليمن ..!

والحقيقة فقد كانت قوات الشمال من التفكك والإضطراب والضعف حينه، بعد مقتل الحمدي، بحيث كان ممكنا استكمال اجتياح الشمال في غضون أيام ، أو أسابيع، غير أن الحرب البادرة بين الشرق والغرب ، كانت لا تزال على أشدها حينذاك، وكان ينظر العالم الغربي والمجتمع الإقليمي المعادي لحكومة الجنوب حينها، بأن أي مكسب يتحقق لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، سيؤول لصالح المعسكر الشرقي، وتدخلت حينها الجامعة العربية فتوقف الزحف، وتأجلت الوحدة بالقوة لتتم بعد ذلك بالحوار والسلم 1990 ، ولكن الحمق والحسابات الخاطئة و صراع الجشع والسلطة وتجار الحروبكان سببا فيما آلت الأمور إبتداء بتفاقم أزمة الصراع على الحكم التي انتهت بحرب 1994 وما تلاها ..

الان، لم تعد الوحدة أو التفكيك هو السؤال الوحيد ، لكن المسألة تخص الهوية أيضاً..

هل ما نزال جميعنا يمنيون ، أم لا .. ؟! .. أقصد في نظر البعض..!

هل ما جرى ويجري من عبث وتعبئة وتحريض كاف لتجريف مسألة الهوية اليمنية..؟

بصراحة هناك جهود إجرامية لا تفتر في هذا الجانب، يقابلها ضعف وتغييب عابث لحقيقة هذه الهوية وكفران بنضالات رجال يمنيين كبار ، أصابوا وأخطاؤا ، إلا في مسألة ترسيخ الهوية اليمنية، في كل ربوع اليمن .. من أولئك الرجال ، قحطان الشعبي وفيصل عبد اللطيف وسالمين وعبد الفتاح وعلي عنتر ، والسلال والإرياني وإبراهيم الحمدي والزبيري والنعمان والإمام يحيى ، وعبد الله باذيب الحضرمي أول من رفع شعار يمن ديمقراطي موحد في خمسينات القرن الماضي .. !

  قبل كتابة هذا كنت أقرأ في كتاب هنري كيسنجر ، النظام العالمي ، ( تأملات حول طلائع الأمم، ومسار التاريخ)..

ذكر إيران والصين ، الدول التي تتكون من قوميات متعددة ولديها إحترام لماضيها وأسلافها ، وخبرة في الدولتية، تساعدها في التصرف بما يجعلها محل إحترام الجميع ، أصدقاء وأعداء .. !

بالنسبة لإيران التي ترى أنها أكبر من مجتمع واحد ، يتحدث كيسنجر عن العهد الإمبرطوري ، إجمالا..!

تأملت ، وربما تألمت، وقلت الله المستعان، أين نحن من طلائع الأمم ..!

بل أين نحن مما تركه لنا طلائع اليمن ..!

إقراء أيضا