طوال الايام الماضية ، ساد موضوع الانقلاب التركي مجمل شبكات التواصل الاجتماعي واهتمامات " ابو يمن " ، مقدما صورة فوتوغرافية لمستوى الوعي العام المتدني لليمنيين.
من متابعتي ، شعرت اننا نعيش ترفا معيشيا وديموقراطيا لدرجة خيل لي معها اننا ننتمي لبلاد " الفرنجة " ، وليس لهذا الجزء من " الكبة الارضية " بكل ماتعيشه من بلاوي وتعنيه من تخلف وحياة ماقبل الدولة . لم يبقوا شيئا من قواميس اللغة والسياسة الا واستخدموها ، ولم يغفلوا طبيعة من طباعنا السيئة في الحديث والخلاف في وجهات النظر الا ووظفوها .
مجرد المسحة الدينية لحزب العدالة والتنمية ، كان كافيا للجميع لاسقاط مشاكلنا وخلافاتنا وروءانا واوضاعنا العامة على ماجرى في تركيا بكل تفاصيل المشهد .
المؤتمريون ومن والاهم ، هللوا وكبروا وعبروا عن سعادتهم بما حدث في تركيا ، واعلنوا وقوفهم صراحة الى جانب فريق الانقلاب ، وعلى عكسهم فعل الاصطلاحيون ومن يساندهم ، فيما ذهب البعض ومعاهم كثير من القوى المدنية والسياسية – قومية ويسارية – الى اعتبار ماجرى في تركيا انقلابا على العملية الديموقراطية من حيث المبداء ، بغض النظر عن خلافنا او اتفاقنا مع سياسات وتوجهات العدالة والتنمية ، وان اسقاطه يجب ان يتم عبر الصناديق ، وقبل كل شيء الرفض المطلق لمبداء الانقلابات العسكرية التي مثلت ابرز وأقبح الأسباب التي قادتنا الى مجمل مانحن فيه من تخلف وفرقة . المضحك في الامر ، ان البعض بمختلف توجهاتهم يخوضوا في تفاصيل لكأنهم مرافقين لطرفي الصراع هناك ، ومطلعين على كل شيء .
مجمل ما سطره اليمنيين حول محاولة الانقلاب العسكري في تركيا ، ينطبق عيله قصيدة الشاعر العراقي " مظفر النواب " والتي يصور فيها موقف الانسان العربي " يدافع عن قضايا الكون .. ويهرب من وجه قضيته ....."
ففي الوقت الذي نعيش فيه كل الاوضاع السيئة ، وتطال حياتنا كل هذه الحروب والمعارك الداخلية بلونها ورائحتها السلالية والمذهبية ، واستعداء الاقليم بلونه ومضمونه الايرني ، بما في ذلك احوالنا المعيشية والامنية المخيفة وتهتك واقعنا الاجتماعي والوطني ، برغم كل ذلك وغيرها من الماسي يجند اليمنيين انفسهم بابتذال واضح في التعاطي مع الموضوع التركي ، على النحو الذي نشاهدة ونطلع عليه في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي ، والذي يشعرني شخصيا بحالة من الغثيان .
مايسطره اليمنيين لايعدو عن كونه موارة لعجزهم عن حل مشاكلهم ، والاتفاق على صيغه تؤسس لحياة سياسية وديموقراطية مبنية على مشروع وطني عام ، وعلاقات اجتماعية ودينية تتجاوز المذهب والطائفة والسلالة الى افق انساني اشمل واوسع ، يحترم اصوات الناس ويحتكم لمخرجات صناديق الاقتراع .