الرئيسية المقالات مدارات حينما يتحول العمل الإنساني إلى مجرد أداة للمتاجرة وباب للشهرة
حينما يتحول العمل الإنساني إلى مجرد أداة للمتاجرة وباب للشهرة
فاطمة الاغبري
فاطمة الاغبري

ظهرت في الآونة الأخيرة وبالأخص مع اتساع رقعة الفقر في اليمن أفعال غريبة وعجيبة على مجتمعنا اليمني الذي عُرف أبناءه بفعل الخير بعيداً عن الضجيج الإعلامي المقرف ، وتمثلت تلك الأعمال في تحويل العمل الإنساني الذي يستهدف فئات فقيرة في المجتمع إلى مجرد أداة  للمتاجرة من قبل البعض ممن وجدوا لهم باب جديد من أبواب الشهرة بعيداً عن عالم السياسية، والحقوق وعلى حساب المساكين الذين يضطرون للتجاوب مع تلك الحالات المرضية المستعصية حتى لو كان ذلك على حساب كرامتهم التي أهدرها من يعتقدون أنهم بذلك عملوا عمل يستحقون عليه الشكر والثناء .

أنا لا أنكر بأنني أكون في قمة سعادتي حينما أجد من يقف وقفة إنسانية حقيقية وجادة من اجل إنقاذ المحتاجين في تهامة والمناطق الأخرى التي تعاني من خطر المجاعة لكن وفي نفس الوقت لستُ مع من يستغل تلك الحاجة ليظهر الناس بتلك الصور المُهينة التي كلما رأيتها لعنت من يقومون بهذا العمل من أعماق قلبي.

 لقد تعددت الصور اللإنسانية التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة ، ومعظمها كانت صور تظهر لنا مدى السقوط الأخلاقي الذي وصل له البعض ممن يعتقدون أنهم بذلك يخدمون من يحتاجون لهم ، من تلك الصور.. صور لأطفال التقطت وهم بجانب مبالغ مالية ولوحة صغيرة كتب عليها وبلا فخر اسم المتبرع، وصور أخرى تظهر فيها نساء ولا داعي لذكر الأسماء وهن يتصورون مع من يعانون الأمرين في تلك المناطق المنكوبة وكأنهن يتصورن في مناطق أثرية وجنب مناظر طبيعي والمشكلة أنهن ووقت التقاط الصور لا يلتفتن لرؤية ملامح تلك الأسر والمهم سيلفي وشير عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تحولت إلى نقمة بسبب غباء البعض.

إنهم وأنهن وبكل أسف يتعاملون مع المحتاجين بطريق لا تُحترم مشاعرهم الإنسانية ولا كرامتهم كبشر ،ورغم ذلك مستمرون في قبحهم ،ويتعاملون مع من يعارضهم وكأنه عدو أو حاسد لهم ، والمهم بالنسبة لهم هو أن يظهروا أمام الغير كمنقذين للناس من الجوع حتى لو تبرعوا بكيس رز أو سكر وعملوا جنبه 100 صورة عبر المصور الذي يواكبهم أو عبر عصى السيلفي التي أصبحت بالنسبة لهم جزء من أجزاء الجسد، وبالطبع حركاتهم تلك ليس الغرض منها تشجيع الغير من أجل المساهمة في عمل الخير ولكن من اجل الدعاية الإعلامية لأنفسهم وتحقيق مأربهم الشخصية على حساب أوجاع الآخرين .

أخيرا على من يقومون بأي عمل إنساني احترام ثم احترام ثم احترام إنسانية الغير وتقديم المساعدات لهم بطريقة تحترم حقهم كبشر وكأخوة لنا يمكن أن نكون غدا مكانهم .. وعليهم أن يعلموا بأن ما يقومون به منافي للدين وللأخلاق وحتى لعادتنا وتقاليدنا التي تعودنا فيها أن نعمل الخير دون جرح كرامة الآخر،وان كانوا يريدون التقاط صور تذكارية عليهم أن يحتفظوا بها لأنفسهم أو للجهات الداعمة مع عدم نشرها بتلك الطريقة المهينة في وسائل الإعلام .

كما إنني أود التنويه بأن هناك مبادرات شبابية وهناك شباب اعرفهم يعملون بصمت وبأسلوب يستحق الاحترام ولا أنسى أيضا فاعلوا الخير الذين يقدمون الكثير بعيداً عن أي دعاية أو ترويج فتحية لهم جميعاً وتحية لمن يحترم إنسانية الآخرين وتباً ثم تباً لمن يستغل المحتاجين من أجل إظهار نفسه.

إقراء أيضا