الرئيسية المقالات مدارات بعد موت خلاص .. هل تموت بقية الأحزاب الكارتونية ؟
بعد موت خلاص .. هل تموت بقية الأحزاب الكارتونية ؟
موسى مجرد
موسى مجرد

البلاد التي بعثرتنا تقاهر الظلم فيها ونحن نعيش الحاضر عبر الزمن الممتد بين الوطن وأماكن الأغتراب والمنافي البعيدة التي أحتضنتنا فالطريق بينهما صار موجع وموحش حد الفناء والرهبة تتصاعد حد الأنسلاخ عن الذات والشروع في خلق كينونة جديدة ، لكنها بالطبع موبؤة بالوحشة التي تظل تلازمنا لتشدنا وتربطنا برابط روحي نحو الوطن لا تنفصم عُراه رغم قساوة الغربة وأيامها المليئة بالظلمة والكآبة والحُزن ورغم حالة الفرقة والتشرذم التي صارت تلازم وتصيب البعض من أبناء اليمن هنا في الخارج من خلال تصرفاتهم المريبة وممارساتهم التي باتت واضحة للعيان " دلالاتها " وإيمائاتها " توحي لنا بأخذ الحيطة والحذر من أولئك الناس الذين وصلت إلى عقولهم وضمائرهم الأوبئة وأصيبوا بداء المنافي وأن غاياتهم لا تتوقف عند حد حتى الوصول الى تحقيق مآربهم ومطامعهم الشخصية ويظل الوطن لديهم ليس إلا مجرد وسّيلة !!! وعلى وجه الخصوص منهم أولئك المنشغلون بالسّياسّة أو بالأحرى المتسّيسّون بالهواية فهم مُتسّيسّين وليسّوا مُسّيسّين لأن هناك فرقاً في المعنى اللغوي والأصطلاحي للكلمتين ولكن دعوني أن أناديهم بمتطفلي السّياسّة فهم في حقيقة الأمر لا يحملون فكر رجال السّياسّة ولا نتاج وعطاء ذوي الثقافة لا يميزون بين الفكر والرأي والخبر شأنهم شأن مروجي المنتجات الأستهلاكية بالدعايات والأعلانات للبضاعات الكاسدة كتلك التي نشاهدها كل يوم حتى بدأوا يطلّون علينا بهوايات وإبتكارات جديدة وهى تشكيل كيانات كارتونية جديدة الأسماء قديمة الأستراتيجيات والبعض منها فاقد لأيتها إيديولوجية إلا اللّهم من الشعارات المتشابهة بين الجميع والتي لا يكاد المرء يميزها عن بعضها البعض فهى كالدجاج لشدة تشابهها أو هى أقرب من ذلك ـ ـ هذه الكيانات ذات الأسماء الجديدة والشخصيات القديمة التي على ما يبدو قد ألفت عملية التنقل من كيان الى كيان أخر كما ألفت التنقل من بلد الى بلد أخر " فهم يستندون في معلوماتهم إلى وكالات أنباء لا تنقل بالضرورة ما يفترض أن ينقل من معلومات دقيقة أو أنها قد تحرف مع سبق إصرار ؟؟ لذا فالمتتبع لما يقولون في كتاباتهم والمستمع لما يقال في أطروحاتهم حول الشأن اليمني يجعلك تصاب بالدوار ويفقدك البوصلة التي قد تساعدك في رؤية حقائق الوضع وتعجز عن فهم ما يحدث وهى ليست بإشكالية جديدة لديهم بل هى لصيقة بحالتي الإحباط والتخبط اللتان وصلوا إليها وهى نتيجة منطقية لغياب الشفافية لديهم والأستعداد لقول الحقيقة وليس نصفها أو تغييبها بعيداً عن التزييف والمبالغة وطرح الوقائع للناس بطريقة واضحة وجلية لأن دون ذلك لا يساعد على تعبئة وتوعية الناس بل يجعلهم يواجهون مفاجأت قد تدفع بهم إلى الأحباط والتحول بهم صوب الطرف الأخر ...
من تلك المفاجأت التي طفت على السطح مؤخراً ... على سبيل المثال .. تلك الزوبعة المفتعلة والتى أخذت حيزاً أكبر من حجمها الأعلامي الطبيعي والتي أظنها لا تعدوا أكثر من زوبعة في فنجان بين أولئك النفر من الخصوم ،، ممن ظنهم البعض يوماً بالمخلّصون الجدد القادمون إلينا معتليين صهوة حصان طروادة تحت لواء جديد إسمهُ (( حركة خلاص )) هكذا ظن البعض قبل أن يسدل الستار على تلك المسرحية الهزلية والتي كان أخر فصولها تساؤلات عديدة أهمها ... خلاصيون ... ولكن ؟؟؟ أين هم يا ترى ؟؟ لقد ذهبوا أدراج الرياح ، أفلت شمسهم قبل أن تشرق حزناً على فتاتهم الحرة المصون كما أحببت أن أُسّميها ؟؟ والتي فُُظ غشاء بكارتها قبل أن تصل سن البلوغ وأصبحت جريمة عار وشرف كان لا بد من غسلها حين ثارت حمية النخوة العربية وعصفت عَصبّية الجاهلية الأولى في رأس المؤسّسّ الأول لها فقرر وآدها تحت الثرى ، رغم أنهُ قد تأخر عن ذلك بعض الشئ إلا أنها تظل ردت فعل أصيلة تحسب لهُ وتجعل من حال أعداءه الحميميون أسواء من ذي قبل بعد أن أثقلتهم الولاءات المتعددة والمتناقضة على أبواب المنافي لتستبد بهم النرجسية السياسية والحزبية الضيقة وتوصلهم حداً لا يقبل ولا يطاق نتيجة الأنانية الذاتية المفرطة والتي كان أخر حلقاتها حركتهم الموؤدة الوليدة والتي كنت أحسبها في بادئ الأمر حركة تغيير وطني حقيقي قد تفضي مستقبلاً إلى إنجاح مشروع أنقاذ وطني شامل لِما كانت تضم بين جناباتها حين نشأتها مجموعة من خيرة شباب الوطن المثقفين والمؤهلين القادرين في الداخل والخارج وإلى جانبهم كوكبة منيره ذات عقولٍ نيره من سياسيين ومفكرين وباحثين مخضرمين ممن لهم باع وتاريخ نضالي طويل ممن نستطيع القول عنهم أنهم فوق مستوى الشبهات منهم ممن أعرفه شخصياً حق المعرفة ومنهم من عرفتنا بهم مواقفهم وأدوارهم النضالية هؤلاء جميعاً حينما أدركوا مدى الأعوجاج الطارئ والذي كان بدايتهُ الخروج عن الثوابت الوطنية كان لهم وقفة صادقة وشجاعة منهم من جمد نشاطه والبعض الأخر من أعلن إنسحابه لتمر بعدها بمرحلة الترهل والأنكماش وتسقط الأقنعة عن الوجوه وينتهي بها المطاف بأن تختزل بأشخاص بالكاد يعدون بعدد أصابع اليد بت أخشى عليهم اليوم أن يقودهم فرط النقمة والفشل على هكذا مشاريع ضيقة وصغيرة ذهبت أدراج الرياح الى ما هو أبعد أو أسواء من ذلك حين تصطليهم النار المستعرة في النفوس مُكابرةٍ وعِنادْ وتحللهم من الرابطة الوثيقة التي تجمعنا بهم جميعاً وهو الوطن وليعلموا أن ما بُني على باطل فهو باطل ،، هذا التقييم أظنهُ لا يخرج عن العقلانية والموضوعية فقد كثرت الأطياف والألوان المدعية بالحضانة والولاية الشرعية للمعارضة اليمنية في الخارج ... وبأسم النضال والوطنية صاروا يمسكون بالنصال الحادة أكثر من مسك الغربال والقلم ، وبات الطعن الحاد أكثر من النقد الموضوعي والتقويم الهادف ،،،،،،
 فالمرئ يأسف أن يتلاشى الأحساس لديهم بأن معركتنا الحقيقية ليست هنا ولكنها هناك حيث تدور رحاها حيث الشعب يتضور ظلماً وجوعاً وخوفاً من نظام متمترس وشرس ما فتئ يوماً في إختلاق الأزمات وإستغلال وتسخير كل مقدرات الوطن من أجل ترسيخ بقاءه وإزاحة خصومه السياسيين ذلك النظام الذي أصبح جرح غائر ونازف في جسد الوطن يئن من وطئته حتى أصبح يسير بنا في طريق الموت الجاهز !! ولا أظن أن التنطع والعزف البليد القائم حالياً بين بقايا تلك الحركة شئ مُبرر ؟؟ فالأمر لا يحتاج كل هذا الغلو والفجور مهما كان الخلاف القائم أو التباين في الرؤى والمصالح كلاً يحاول أن يذر الرماد في العيون ليغرس فيها لون واحد يميل للسواد ويتقلب بين الرمادي والترابي حسب فصول عهره السياسي والذي أجر عقله وضميره الوطني إلى حين ... !!! فلا زالوا يتحفوننا بشهادات وبيانات لعلها تمنحهم الشرعية والأحقية .. من هذا ضد ذاك .. ومن هؤلاء إلى أولئك .. ، باتت لا تعتمد على العطاء والموقف بقدر ما تعتمد على الأهواء والمزاج فثمة من صار يلهث على قارعة الطريق يوزع البيانات ؟؟؟ وأخر يجلس في زاوية المقهى يطلق الأحكام والتهم الفانتازيه ، وأخر لا يستسيغ أسم أو وجه أحدهم فيسحب منه الصفة وفي تهكم بليغ ، وغيرهُ يشغل نفسهُ في البحث عن قضايا شخصية ليشهر بها نفسهُ !! أو غيرهُ من له حالة من عدم الأنسجام أو التوافق في الرأي أو المزاج الظاهر في كتاباته الممجوجة والمتخمة نفخاً بالهواء فيبدوا بلا إدراك وبلا مهنية حين يفقد صوابه فصار يقدح بالتهم والتخوين ضد زملاء الأمس يبداء بالأجهزة الأستخباراتية ومروراً بعناصر الأمن ووكلاء القسم الخارجي وحتى مروراً بعملاء السفارات والقنصليات ومجاميع المغتربين ؟؟؟ ... هذا الموقف النشاز والغريب وهذا النهش والتجريح لا يخدم من يتنفس بنبض الحقيقة بشئ .. بل .. يجافي المنطق الأخلاقي ويجافي مقاييس الوطنية الحقيقية ....
والغريب المُحزن حينما نتحدث عن أسم من تلك الأسماء في مجلس أو ندوة حتى تجد من يتصدى لهذه الأسماء ويلصقها بالعمالة والتعاون مع السلطة أو مع أجندة أجنبية وتستمر قائمة الأتهام لا تستثني إلا القليل القليل فيتم إلغاء كل نتاجاتهم ونضالاتهم في تلك الجلسات وتروى القصص التي تصل لمصاف قصص ألف ليلة وليلة !! حتى صاروا يشكلون لنا محنة أخرى تضاف الى المحنة الكبرى التي يعيشها الوطن والمواطن ويعيشها السياسي والمثقف والمعارض الوطني في الداخل وفي الخارج . 
على هؤلاء التخلي عن شخصياتهم الكارتونية التي سلاحها النهش والثلب وأساءة السمعة بنا كأبناء وطن واحد يحظى بتمجيد وإكبار لعظمة وعراقة دوره الحضاري ، عليهم أن يغسلوا قلوبهم ونفوسهم الملوثة بزوابع البغض والكراهية فهم لم يصلوا الى مستوى القبول بعد ؟؟ عليهم أن ينظروا إلى وجوهم في المرآة لعلها تنال منهم بعض الرضا والأحترام ... أو أن يحركوا أبدانهم لعلهم يتطاولون على القامات الراسخة ، الواقفة في خندق النضال الحقيقي الوطني والقومي أو لعلهم يلفتوا النظر على الأقل في زمن ضاعت فيه المقاييس مؤقتاً .
فتراثهم ذلك الذي يتغنون به لم يعد سوى بقايا هشه لتعاليم كانت مقدسة ذات يوم لديهم ..... حتى دفاترهم لم يبق فيها سوى نفر من القوم تقرض الكلام وتعض على نصال لا تدمي ....
فلم يجنوا من إنتهازياتهم هذه سوى هزيع الليل وعسس النهار ينسربون في جحافل سوداء ويتسربلون بأقلام أسيرة وأصابع تعزف ألحان لغةٍ أنقرضت وأوراقاً تجف تحت نزق الحروف رافضةٍ للأنصياع فإن بقي لهم إمكانية لترميم صغائرهم وطرد شهواتهم الموروثة في خصوماتهم التافهة كان لهم مكان للبقاء ....
فهل بقي لهم في الزمان هذا وقتاً يقرأون فيه تاريخ وطنهم ونضالات وتضحيات شعبهم ويكفوا عن عبثهم في حصد أوسمة الخلاف وترميم الحقد المتربع في أدمغة تشيخ لا تعرف الأعتزال ولا تعترف بهزيمتها أمام عيون أبناءٍ تآكل نموهم في حضرة الطغيـــــان !!!!! . 
موسى مجرد
كاتب يمني / أمريكا
[email protected]


إقراء أيضا