الرئيسية المقالات مدارات الوطن ينهار حثيثا.. هل هناك من ضمير ومسؤولية وعقل رشيد ؟! (1-2)
الوطن ينهار حثيثا.. هل هناك من ضمير ومسؤولية وعقل رشيد ؟! (1-2)
عبدالله سلام الحكيمي
عبدالله سلام الحكيمي
إن كل من يتابع الأحداث والتطورات المتعلقة بالشأن الوطني اليمني سواء ما يتفاعل ويعتمل منها داخل الأوضاع الداخلية في مختلف المجالات .. أو ما يرتسم على الأفق القريب المرئي من مواقف ومؤشرات ورؤى بالغة الخطورة خارجياً على الصعيدين الاقليمي والدولي تجاه ما يتمخض عنه تأزم الوضع الداخلي وإرباكاته ومشاكله ونتائجه من إفرازات وآثار وانعكاسات على مجمل المحيط الخارجي لليمن إقليمياً ودولياً باتت محل قلق ومخاوف الجميع ؛ إن المتابع لكل ذلك يشعر حتما بإن اليمن -ككيان سياسي حديث نوعا ما- بات يسبح في بحر لجي هائج تتقاذفه أمواجه وعواصفه الثائرة من جميع الجهات منذرة، على نحو لا يقبل الجدل، بانهيار شامل ومريع تتردد اصداء وقعه وإيقاعاته بوتائر تزداد سرعة وتصاعدا واتساعا يوما عن يوم، ولم يعد خافيا اليوم بان هذا الشعور السوداوي المتشائم والمحبط، بشأن حاضر ومستقبل الوطن اليمني ككل، أصبح يتملك السواد الأعظم أو الغالبية الساحقة من المهتمين والمراقبين والمحللين والمتابعين لتطورات الأوضاع الداخلية في اليمن، أفراداً كانوا أم هيئات ومراكز ومؤسسات. أن هؤلاء جميعاً، وفي المجمل، رسموا صورة واضحة ومحددة المعالم والقسمات لليمن الراهن على إنه أصبح:
* بؤرة نشطة لمشاكل وأزمات تزداد عمقاً واتساعاً وتفاقماً وخطورة على كافة الأصعدة والمجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، من حروب أهلية ومواجهات وتوترات دامية ومدمرة في شمال البلاد (صعدة وما حولها) استنزفت آلاف الأرواح وأنهاراً من الدماء وبددت موارد مالية واقتصادية وطنية مهولة، وخربت ودمرت القرى والمساكن والمزارع والبنى التحتية، شبه المعدومة أصلا، في مناطق الشمال، في جولات ست من جولات الحرب العبثية العقيمة تواصلت منذ أكثر من ست سنوات حتى اليوم ولا تزال نذرها تشير إلى قابليتها للتجدد والاستمرار في أي لحظة ؛ وفي الجنوب تستمر المواجهات والتوترات وتزداد قوة واتساعاً بين جماهير غاضبة ومحبطة ورافضة لواقعها السيئ المؤلم من جهة .. وقوات الجيش والشرطة التابعة للنظام الحاكم من جهة أخرى، منذرة هي الأخرى بالتحول إلى حرب أهلية شاملة ومرعبة في حالة استمرار واقع الحال السياسي الراهن وواصل تماديه وصلفه المصمم على عدم الإصغاء والاستجابة لمطالب الشعب وإرادته.
وفيما بين الشمال والجنوب هناك رقعة جغرافية وسكانية ضخمة تتململ داخل مرجل يزداد غلياناً واستياءً ورفضاً لأوضاعه المتردية؛ اقتصادياً ومعيشياً وامنياً وخدمات وحقوقاً، ويعبر عن تململه وغليانه عبر إرهاصات من الاحتجاجات الشعبية المتنامية والمتسعة يوما عن يوم، وأحيانا من خلال مواجهات عنيفة ومسلحة بين القبائل وقوات النظام، كل ذلك يدور وسط اختلال الحالة الأمنية وافتقاد الأمن والأمان، وفي ظل استشراء واستفحال وتجذر ظاهرة الفساد الرهيب الذي يحكم ويتحكم في كل مؤسسات وأجهزة ومرافق وسلطات الدولة كاملة وبدون استثناء، فساد لم يسبق له مثيل في كامل تاريخ اليمن بمختلف مراحله، ترعاه وتحميه وتفرضه السلطات الحاكمة وتتستر عليه بسوء استخدام لسلطاتها ووظائفها وغياب لأي أثر من ضمير أو وازع ديني وأخلاقي أو وطني، فساد حوّل اليمن إلى دولة من أفقر دول العالم، نتج عنه ارتفاع معدلات البطالة إلى ما يقارب الـ 50%، وارتفاع نسبة الفقر العام في المجتمع، بمختلف مستوياته، الى مايقارب ال 60%.
* تربة خصبة وملائمة وحاضنة لنشوء وتنامي وتزايد قوة ونفوذ فكر وقوى الإرهاب والتطرف والعنف المسلح الدامي، وبات الشعب اليمني المطحون والمغلوب على امره معتادا على سماع ومشاهدة ومتابعة الأنباء والتحليلات والتأكيدات الصادرة من قوى دولية وإقليمية لا يتطرق الشك إلى مصداقيتها وكونها معروفة بصداقتها وعلاقاتها الممتازة بالنظام الحاكم في اليمن، بأن اليمن أصبح، الآن موئلا وملاذا او قاعدة لتنظيم "القاعدة" الإرهابي وغيره من القوى والجماعات الإرهابية المسلحة والمتطرفة وذات العلاقة والارتباط، على نحو او آخر بالقاعدة.
أصبح اليمن، بلد وشعب الأمن والإيمان والتسامح والاعتدال والإنسانية الذي وصفه سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مبشرا بمقدمهم مؤمنين : "الله اكبر جاءكم أهل اليمن هم ألين أفئدة وارق قلوبا، الإيمان يمان والحكمة يمانية"، أصبح قاعدة ومنطلقا وملاذا للإرهاب والإرهابيين ومصدّرا لهم إلى مختلف أنحاء العالم !!.
كيف حدث هذا الذي يحدث في بلد وشعب ما عرف طوال تاريخه وحياته ممارسة العنف والتطرف والقتل وسفك الدماء .. وكان معروفا بإكرامه للضيف وإغاثة الملهوف ونصرة المظلوم ومقته للظلم ومقاومته وانتصاره للحق والعدل. وهو الشعب الذي كان محل إعجاب واحترام شعوب العالم في ثقافته وروحه الاجتماعية المنفتحة والمتفاعلة والمرحبة بكل غريب قادم من شتى بقاع العالم وشعوبه وتقاليده العريقة المحبة للإنسانية وديناميكيته الحيوية في الأخذ والعطاء والتأثر والتأثير والتعاطف والتكامل والتضامن مع الإنسان بصرف النظر عن ثقافته ومعتقداته الدينية وعاداته وتقاليده ولونه وأصوله العرقية والاثنية ؟! وهل كان من الممكن أن يحدث هذا الذي حدث، بقبحه وهمجيته وبهيميته، لو كان هناك نظام حكم صالح ورشيد تتوفر له أدنى معايير وابسط قيم وأخلاقيات الاستقامة والنزاهة والأمانة والمسئولية ؟؟
* وعلى انه بلد يحكم، على مدى عقود زمنية متواصلة، بسلطة حاكمة لا هم لها ولا شاغل ولا مهام سوى تأبيد سيطرتها وإحكام قبضتها على الحكم والبلاد والعباد بالقمع والديكتاتورية وإزاحة وتصفية كل قوة سياسية أو اجتماعية أو شخصية وطنية تحس السلطة وتشعر بأنها تشكل تهديدا فعليا أو تهديدا متوقعا ومحتملا لسيطرتها ودوام وتأبيد تربعها على حكم البلاد وضمان وسائل انتقاله بالوراثة الأسرية من إب إلى ابن، واعتمادها واستنادها إلى عصبيتها "العائلية" والقبلية والمناطقية الضيقة التي تم تمكين أفرادها من السيطرة على مؤسسة الجيش والأمن ووحداتها النظامية وسائر مصادر القوة والنفوذ المالي الاقتصادي "الثروة"، ونسفت بذلك وفككت عرى ومعايير "الولاء الوطني" أو "الانتماء الوطني" ومقتضيات "المواطنة المتساوية" و "المساواة الكاملة في الحقوق والواجبات والفرص" أمام جميع المواطنين بدون استثناء أو تمييز أو احتكار أو استئثار بسلطة أو مال أو مكانة أو نفوذ، ولما كان من المعلوم والمحتم، وفقا لقوانين وتراث تاريخ النظم السياسية والعلوم الاجتماعية في العالم، أن تفضي سلطة حاكمة ومتحكمة ومتسلطة – ذاك شأنها وطبيعتها – إلى إثارة وبروز واستفحال نشوء وتنامي قوة وتأثير الولاءات والعصبويات ما قبل الدولة ذات المنطلقات الطائفية والمذهبية والعرقية والقبلية والمناطقية التي تحركها وتغذيها شعور وإحساس متراكم، نفسيا واجتماعيا وسياسيا، بالغبن والإقصاء والتهميش والدونية وغير ذلك من المشاعر والأحاسيس السلبية. وحتما أطال الزمن أم قصر، في حالة اضطرار تلك العصبويات السابقة للدولة بمختلف منطلقاتها ومبرراتها، ستجد نفسها مجبرة على انتزاع واستعادة حقوقها ومطالبها وتطلعاتها الوطنية المشروعة باستخدام كافة السبل والوسائل، مشروعة أو حتى غير مشروعة بما في ذلك اللجوء إلى استخدام القوة المسلحة، وحينها تسير الدولة والمجتمع حتما نحو الهاوية وتسقط في دوامة عاصفة مدمرة مهلكة من الفتن والمنازعات والحروب الأهلية الشاملة، ولسانها حالها كأنه يقول .. إما أن تكون دولة للمساواة في الحقوق والواجبات والمواطنة للجميع ولفرض سلطة وهيبة القانون والاحتكام إليه واحترامه ولضمان العدالة والمساواة الحقة والكاملة أو لا تكون هناك دولة أساساً وأصلاً. ويمكننا أن نستخلص من مجمل تجارب حكم نظام أو سلطة حكم كهذه السلطة المتسمة بسيطرة وإحكام قبضة "العصبوية الأسرية القبلية المناطقية الضيقة والمتخلفة والقمعية واللاوطنية" في بعض الدول والبلدان العربية، خاصة، ودول وبلدان في العالم الثالث عامة، جملة من الدروس والعبر المفيدة لما آلت إليه تلك السلطات وما ارتكبته من جرائم ومصائب في حق وحاضر ومستقبل أوطانها وبلدانها وشعوبها. وهي دروس وعبر تتبلور وتتكامل بان تلك السلطات المتسلطة والقمعية وغير الشعبية تسببت بحدوث كوارث ومآس سياسية وإنسانية بالغة الفداحة وباهضة الأثمان عبر الفتن والمنازعات والمواجهات والحروب الأهلية الشاملة والمهلكة والمدمرة وصلت بعضها إلى حد انهيار الكيانات السياسية وتفكك وتمزيق أوطانها وتدمير اللحمة أو الوحدة الوطنية لشعوبها ونشوء كيانات سياسية "دول" متعددة ومتناخرة – في الغالب – على انقاض الوطن الواحد والدولة الواحدة الموحدة. وتحملت الشعوب، مسلوبة الإرادة ومغلوبة على أمرها، التكاليف والأثمان الجسيمة والباهظة على حساب تخلف وتعثر وانتكاسة مشروع نهوضها الحضاري الوطني الطامح والمندفع بحماسة وإيمان لتنفيذه وتطبيقه على واقعه المعاش الكائن إلى الواقع المنشود بالأمل لما يحب أن يكون، إما الزعامات والقيادات المتخلفة والجاهلة فإنها – في الغالب الأعم، تهرب مسرعة مولية وجوهها شطر بلدان ودولة متقدمة مزدهرة مستقرة للعيش والإقامة فيها مستثمرة ومستمتعة ما نهبته وراكمته من ثروات طائلة تقدر بمئات الملايين وأحياناً بمليارات الدولارات سرقته بالفساد وبطرق الفساد غير المشروعة من ثروات وأموال شعوبها المقهورة وبلدانها الفقيرة البائسة. ولم يحدث قط، في أي من تجارب السلطات الحاكمة تلك، إن حققت أي انجاز أو مكسب أو ازدهار أو حرية أو عدل أو كرامة لصالح شعوبها ومجتمعاتها على الإطلاق، بل قادت جميعها إلى سلسلة من المآسي والكوارث والحروب والاضطرابات، وهيأت لذلك أفضل الظروف والمناخات والأجواء عبر فسادها المهول وتدميرها للحريات والحقوق والعدالة الملائمة لتفريخ ونمو واستفحال قوة ونفوذ وتأثير الحركات الإرهابية وأفكارها الإجرامية وأيضاً كافة أنواع عصابات الجريمة المنظمة ومافيات الاتجار بالمخدرات والرقيق الأبيض والمتاجرة بالبشر وتبييض الأموال وغسيلها الخ ..
* وأخيراً، وليس آخراً، فان أخطر معالم وجوانب الصورة العامة لليمن التي يرسمها ويتصورها السواد الأعظم من المحللين والمتابعين للشأن اليمني، يتمثل في استفحال وسيادة حالة عامة واسعة من الإحساس والشعور العميق بانسداد الأفق وغياب الأمل وتلاشي التفاؤل لدى أوسع وأغلبية شرائح وفئات ومكونات المجتمع اليمني، التي بات أفرادها لا يرون جدوى وفائدة من أي شيء وأي فعل، ولم يعودوا يرون فارقاً أو تمييزاً بين الموت والحياة، وبين الوجود والعدم، وبين الاخلاقي والإجرامي، أو حتى بين الحق والباطل، وعندما تصل الشعوب إلى حالة كهذه يتوارى في ظلها وأجوائها، وتتلاشى مشاعر وأحاسيس ودوافع الأمل والتفاؤل والشعور بالمسئولية الايجابي بطبعه والبناء المثمر بطبيعته، فان النتيجة الحتمية الأكيدة توسع واستفحال مشاعر وأحاسيس ودوافع اليأس والإحباط والقنوط التام، والاستهتار السلبي بطبعه والمدمر المهلك بطبيعته. وهنا وفي ظل وتحت أجواء ومناخات هذه الحالة السلبية المدمرة المهلكة التي يغلب عليها طابع "العدمي العبثي"، تخلق وتتهيأ وتعد التربة الخصبة الحاضنة والجاذبة لفكر وثقافة وسلوك ومنهج التطرف والعنف والإرهاب، والتي تقدم نفسها وتسوق إيديولوجيتها للجماهير الواسعة التي انسد أمامها الأفق وقتل لديها مشاعر ودوافع وأحاسيس الأمل والتفاؤل والشعور الايجابي بالمسئولية العامة، على إنها الأقدر والأكفأ والأجدر بتقديم البديل الأفضل والأسلم لتلك الجماهير اليائسة التي يطحنها الجوع والفقر والبطالة تفقد إلي الحرية والعدالة والمساواة، التي عجزت السلطة الحاكمة – أو الدولة القائمة – عن معالجتها والتصدي لها ووضع الحلول الناجحة والفعالة لها، بل إنها كانت هي نفسها المسئولة عن حدوثها والمتعمدة في إبقائها واستفحالها لنصورها الخاطئ والفاحش بانها الكفيلة والضامنة لصرف أنظار واهتمامات الشعب وعزيمته في مواجهة تلك السلطات وإسقاطها، وبالتالي ضمان استمرارها في السيطرة على الحكم وإحكام قبضتها على الدولة والبلاد والعباد، أي إبقاء الغالبية الساحقة من الشعب مشغولة بنفسها ومستغرقة في هموم كسب لقمة عيش كريمة لها ولأسرها المحرومة ! وهذا هو السبب الرئيسي لانتشار وتفاقم قوة ونفوذ وتأثير الجماعات الإرهابية وأفكارها وثقافتها المتطرفة العنيفة إذ تنجح في طرح نفسها نقيضاً كاملاً وحاسماً وفاعلاً للسلطة الحاكمة الفاسدة القمعية القائمة ! خاصة إذا أضفنا إلى ذلك ووضعنا في الاعتبار الحقيقة المرة الشاهدة بان تلك السلطات الحاكمة القمعية الفاسدة قد نجحت، باستخدام كافة السبل والوسائل غير المشروعة من قبل أجهزتها الأمنية ومؤسساتها الاستخباراتية، في اختراق بنى وكيانات الأحزاب والقوى السياسية وتخريبها وإفسادها من الداخل بأحداث انقسامات وانشقاقات وصراعات داخلية مدعومة ومحمية من قبل سلطات الدولة وأجهزتها وبأموال الدولة وإمكانياتها، حيث أفضى هذا الفساد والتخريب المدمر والخطير إلى إخراج الغالبية الساحقة من الأحزاب والقوى السياسية المشروعة صاحبة المشاريع الوطنية السياسية البديلة عن نطاق الجاهزية والفاعلية وتركها عاجزة أو مشلولة عن ممارسة دورها السياسي المشروع كما ينبغي، وما تبقى من أحزاب وقوى سياسية تمكنت من تحصين نفسها، إلى حد ما، وتجنبت مصير زملائها من الأحزاب والقوى السياسية المشار إليها آنفا، إلا أنها قبلت بان تكون قوى سياسية مستأنسة ومنزوعة المخالب والانياب، وان تقنع بالدوران في فلك ودورة السلطة الحاكمة القائمة وليس كمشروع بديل لها وناقضا لها ولو كما يقال "سلميا وديمقراطيا" !!
وهكذا مع حالة ومشاعر اليأس والإحباط والقنوط العام والاستهتار السلبي التي فرضت نفسها على الغالبية الساحقة من الشعب، كما اشرنا إليه آنفا، فان "فراغا سياسيا" هائلا قد نشأ وتكون هو أيضاً، كما اوضحناه آنفا، من إفساد وتخريب ونزع فاعلية ودور الأحزاب السياسية القائمة من الناحية الشرعية، ولو نظريا، فان السلطة الحاكمة المتخلفة القمعية الفاسدة ضيقة الأفق والنظرة، تكون قد نجحت، عن جدارة منقطعة النظير، في تهيئة وإيجاد كافة الأجواء والمناخات والإعداد الكامل والشامل للتربة الخصبة والثرية والملائمة تماما لزرع ونمو واحتضان واستفحال قوة وثقافة التطرف والعنف والإرهاب على نحو نموذجي مثالي ومدهش!
هكذا إذن تنظر دوائر المهتمين والمحللين والمراقبين والمتابعين للشأن اليمني العام، إلى صورة اليمن القاتمة والميئوس منها والباعثة لأعمق مشاعر القلق والاهتمام والمخاوف لأعلى المستوى الداخلي فحسب، بل وعلى المستوى الإقليمي الدولي، حول مستقبل ومصير اليمن دولة وشعبا الذي بات مهددا على نحو جدي وواقعي بالفشل والسقوط والانهيار، للعوامل والأسباب التي اشرنا إلى أهمها في سياق حديثنا هذا، وهي، أي القوى الدولية والإقليمية، تصعد الآن من اهتمامها ومتابعتها المباشرة لتطورات الأوضاع الداخلية وتشعر بضرورة التدخل الفعال والكامل، سياسيا، من خلال سلسلة من التدابير والمعالجات والإصلاحات الجذرية والشاملة للحيلولة دون الانهيار الشامل ونشوء حالة "صومال أخرى" في اليمن للآثار والمخاطر الجسيمة التي قد تنتج عن ذلك الانهيار السياسي المحتمل ..
ولكن هل أصبح التدخل الدولي الإقليمي ضرورة حتمية وخيارا وحيدا ؟ وهل لا يزال، أمام الداخل الوطني فرصة أخيرة لتدارك الوضع ؟! وهل لا يزال للعقول الرشيدة والضمائر الحية لليمنيين داخل السلطة الحاكمة وخارجها حل لإنقاذ وطني جاد وشامل ومسئول وجذري وعاجل ؟؟
ذلك ما سنتبينه في الحلقة القادمة بإذن الله تعالى.
المصدر اولاين

إقراء أيضا