الرئيسية المقالات مدارات القيم الناصرية
القيم الناصرية
زيد عبد الباري سفيان
زيد عبد الباري سفيان

تتزاحم الافكار والمعاني لتكون حاضرة في اروقة الفكر والسياسة فيومنا هذا ينبغي أن يكون يوماً للخطاب المعرفي لكن هناك وعلى مقربة منا نرى الأدب والشعر ونرى نزار قباني كطيف خيال يرثي عبد الناصر ويبكيه في الذكرى الاربعين لرحيله زمانك بستان وعصرك أخضر وذكراك عصفور من القلب ينقر
وعلى الجانب الآخر نرى التي قضى الرجال من أجل الإنتصار لها الشهيد ابراهيم الحمدي يريد أن يكون حاضراً ومن ورائه بقية الشهداء ونرى هذا التزامن العجيب مع ذكرى استشهاد الحسين سيد الشهداء ورأس الثورة وهذا الذي يجري في اليمن من إعتداء وتطاول على كل الشرفاء الأحرار
تزامنت هذه الأحداث الكبرى مع اعمال مؤتمرنا هذا واقتراب موعد انعقاد المؤتمر الحادي عشر للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري ليأتي في سياق البحث والدعوة لإعادة صياغة الخطاب االسياسي لقوى التغيير عبر الإنتقال من المناورة والمساومة ومايكتنف ذلك من ضبابية وغموض وتنازلات واتفاقيات غير مسؤلة ولا محسوبة النتائج الى خطاب ثوري مواجة يسمي الأشياء بأسمائها وتتضح فيه الآليات والأهداف وابلغ توصيف لما يجري في اليمن إنه السقوط الأخير لعصابة الشر البغيظ الى وحل الخطيئة والإنحدار الى مستنقع الخزي والعار أكملوا مشروعهم التآمري نهباً وفوضى وفساداً في كل مناحي الحياة ثم هم الآن يلتفتون ليغتالوا الأنسان وضميره وقيمه ، ويجهزوا على ما تبقى من أخلاق المجتمع العربي المسلم
غرزوا خناجرهم في شيم الناس وعفتهم وشرف مبادئهم كونها المانع الأوحد والطاقة الخلاقة الموجبة للوقوف في وجه الباطل ومقاومة الظلم والمفسدين .
إن مايجري اليوم ماهو إلا إمتداد في الزمان والمكان لماحدث في الماضي من إنقلاب على المشروع التحديثي الذي قاده الشهيد إبراهيم الحمدي وهو اليوم يترك بصماته الدموية مجاهرة باالقتل والتنكيل بعد أن إنقطع نفسه عن مواراة تآمرة وتجميل صورته حذر الناس إنعتاقاً وثورة ، حداً أهل ملاك الحكم والسلطة لأن تحتل وبجدارة ألعن مرتبة في نظام التكوينات التي عرفتها البشرية
ولا يمكن أن يوصف ما يجري في اليمن إلا بسقوط الحضارة حيث يتم الدفع بقيم المجتمع وأخلاقه نحو العدمية والتلاشي 
وإزاء وضع كهذا تتخبط بنا الرؤا وتتيه بنا الطرقات فتذهب بنا كل مذهب كخبط عشواء حتى أنه لتخوننا ملكات التفكير وتخذلنا البصيرة في تلمس معالم الطريق في واقع إزدحمت فيه الأحزان واختلت فيه الموازين حداً أقعد الناس عن مجرد التفكير في ماهية الأفكار والأليات للخروج باالوطن من ربقة الظلم التي تحكمها عليه عصابة الشر البغيظ مما ينذر بعاصفة هوجاء تهب لتعصف بما تبقى من منظومة القيم والمعاني ولتفسد العلاقات الإجتماعية سواء بالترغيب المتمثل بالإغراء وشراء الذمم مستغلة حالة الضعف الإنساني أوكان بالترهيب والتعرض لحاجات الناس واحتياجاتهم في العيش الآمن والكريم فيعمدون إلى منع كل أسباب العيش والتحرش بهم ومساومتهم بين البيع الرخيص لحريتهم والإنغماس في وحل الخطيئة وبين نهب أرواحهم واختطاف حياتهم فنجحوا في إفساد الناس والإخلال بعلاقات المجتمع وقيمه بعد أن نشروا الفساد والحرائق في كل نواحي الحياة
وقد عملت القوى التي تمتلك ادوات السيطرة على الدفع بهذا الإتجاه حتى صار فقدان الأمل والإحباط والإستسلام ظاهرة سلوكية واتجاهاً نفسياً اصبح أمر تجاوزه أبعد منالاً من التغيير ذاته
إن الناصريين ومعهم كل الشرفاء قد عملوا على منع تطاير الشرر قبل أن يصير نيرانا , وقد أعطوا السلطة مساحة كافية من الوقت لعلهم يثوؤا الى رشدهم فيتم الاصلاح بالحسنى.
 ان الناصريين ومعهم اللقاء المشترك وكل الخيرين والشرفاء يدركون ومنذ الوهلة الأولى إن السير وراء ما يسمى بالحوار الوطني مع نظام يستهدف من الحوار المناورة والمكايدة السياسية ماهو الا مضيعة للوقت وان الاستمرار فيه تفريط في المبادئ فقد رأينا في الماضي كيف تقوم السلطة بخطب ود بعض القيادات السياسية ليتم لهم إفراغ الحوار من محتواه الإخلاقي .
وقد سار الشرفاء وعلى مضض في هذا الحوار رغم علمهم المسبق بالنتائج حتى لاتكون للمفسدين حجة حينما تأتي الأستحقاقات الثورية وحتى تتضح الصورة للمغرر بهم من ابناء الشعب الذين غالباً مايقعون ضحايا سهلة لماكينة تزييف الوعي واغتصاب العقول بفعل ضروف الجهل والتخلف التي عانى ولازال يعاني منها ابناء العروبة في اليمن
 لكن ماالذي يجعل فكرة التغيير في اليمن تغادر الذهنية اليمنية ؟ لماذا نرى الجميع يقلع عن مجرد الحلم في وطن يسوده العدل والمساواه وينعم بالخير والرخاء ابناؤه ؟
 هل وضع اليمن وضع استثنائي ؟
 هل فعلا توفرت الشروط الموضوعية للتغيير ؟
 هل وصل الوضع اليمني من السوء حداً يصبح معه التغيير أمراً غير ممكناً ؟
 هل بلغ الفساد مداه بحيث أصبح قدراً؟
 هل يكمن الخلل في غياب رؤية فكرية تتشخص فيها المشكلة وتتضح فيها ملامح المستقبل الجديد ؟
 هل صرنا بمستوى يمكننا من إيجاد آلية تستوعب نضالات الناس وتنظم حركتهم ؟
 أم أن المشكلة هي في غياب الإنسان القادر على تحمل أعبأ الكفاح وقيادة التغيير ؟
 والأعتراف بصعوبة الإجابة على هذه التساؤلات ليس معيباً ولا نقيصة لأنها أموراً بحجم أمة وليس بمقدور فرداً ولا أفراداً فذلك فوق طاقتهم
 والحقيقة أنه يحار الحليم وتعجزه الحيلة في المقاربة بين واقع هو في ظاهره فتن كقطع الليل المظلم وبين النظريات الإجتماعية التي دأبت على قراءة المجتمعات الإنسانية وتفسير مشكلاتها
 تربط بعض النظريات الإجتماعية التحول الإجتماعي بتوفر الشروط الموضوعية ونضوجها وقد بالغ البعض منهم في إيلاء العوامل المادية الإهتمام في حسم الصراع الطبقي لمصلحة السواد الأعظم المتضرر من سيطرة وتحكم مُلّاك الحكم والثروة حيث يرون أنه كلما تمادت قوى السيطرة في قهر المجتمع وكلما ساءت أوضاع الناس وزادت معاناتهم يكون التغيير أقرب الى التحقق على حين أن البعض الآخر إتجه صوب المثالية حيث راحوا يعلون من شأن التطور في القيم والمعاني ويعدّونها شرطاً لبلوغ التطور الإجتماعي وجعلوا من التطور الإجتماعي ومنه المادي كذلك إنعكاساً للبنية الفكرية وتابعاً لها
 وقد أخذ هذا الصراع الفكري والنظري أبعادا سياسية واحتل مساحات واسعة زماناً ومكاناً 
وقد عكس التغيير في بعض المجتمعات الإنسانية ملامح تدعم الوجهة المثالية على حين توافق التغيير مع الرؤية المادية في مجتمعات وأمم أخرى
وقد عكس هذا التضاد وهذا التناقض تخبطاً وعشوائية في قراءة الواقع وفهم الصراع الإجتماعي
 وما يستحق الإشادة في هذا الصدد هو النجاح الباهر الذي يسند لكلا المنهجين في بيان كل منهما لبطلان الآخر ومنافاته للحقيقة العلمية
 وقد نجح بعض المفكرين العرب نتيجة للخبرات المتراكمة وما أفرزه العلم من حقائق في التعرف على المنهج الإنساني في إدارة الصراع الإجتماعي وقد ساعد على بلوغ هذا الهدف ما قدمه القرآن الكريم من نصوص تبين ظاهرا وباطنا تفرد الإنسان بقيادة التطور الإجتماعي وتوجيهه نحو غايات محددة .
وقد تنبه عبدالناصرومنذ وقت مبكر الى العلاقة الجدلية بين الفكر والواقع وقدرة الانسان على قيادة التطور الاجتماعي معبرا عن ذلك بمقولته الشهيرة التي تعد وبحق تعبيرا بليغا عن روح المشروع الحضاري العربي :ـ ان النصر عمل والعمل حركة والحركة فهم وايمان وهكذا فان كل شئ يبدأ بالانسان .
وراح المفكر القومي عصمت سيف الدولة يعيد بلورة الفكر القومي في نظرية ثورية علمية واضحة المعالم والمنطلقات والأساليب .
 وانطلاقا مما سبق فان معركتنا الأولى تستهدف الانسان وعيا وثقافة وروحا مبادرة وقيادية ذلك ان الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم اتساقا وانسجاما مع جعل الله الانسان أكثر شئ جدلا .
 واخيراً وبالمقابل وبرغم الألم والمعاناة فإن ماحدث هو محطة ينبغي التوقف عندها لتغيير إستراتيجية التغيير وأسلوب المواجهة :-
  ١- لملمة الجهود وتفعيلها وإستنفار كل الطاقات لمعركة مفتوحة ومكشوفة لاتنتهي إلا بتحقق الأهداف .
  2ـ قوى التغيير لاتستثنيمن صفوفها الا من يقف خارج ارادة التغيير أوضدها .
  3ـ فقه الواقع يقتضي استيعاب المعطيات الجديدة فعدو الأمس قد يصبح حليف اليوم وقد يكون الدواء بالتي كانت هي الداء .
   4ـ رهاننا هو استعادة الأمل .
   5- شفافية قوى التغيير في تعاملها مع الجماهير ونقل الصورة كاملة حول مايجري من فساد وإنتهاكات وتعديات .
   6- استخلاص العبر والدروس من الماضي .
   7- التفاف كل الخيرين حول مطالب الناس في مجتمع حر وديمقراطي
   8- الإيمان بالتغيير الثوري كخيار إستراتيحي وحيد 
   9- لاخير فيما تحقق مهما بلغ ولاضمان للمكاسب إذا لم تصل إلى رأس الأفعى
   10- كل المعطيات تؤسس لمرحلة جديدة تتضح فيها الرؤية وآفاق المستقبل وآليات التغيير وماقد يقتضي ذلك من الإلتفاف حول شخصية وطنية تكون محل إجماع وتمتلك من مقومات القيادة ما يمكنها من الإمساك يزمام المبادرة وقيادة التغيير قادرة على التأثير في الجماهير وإتخاذ القرارات الصحيحة في اللحظة التاريخية المناسبة
 11- التنبه لهذا العمى وهذا الوجوم الجماهيري حداً أقعد الناس عن مجرد التفكير بإيجابية في ماهية القوى والأهداف التي تعبر عن تطلعاتهم فضلاً عن إستعدادهم للإنخراط فيها
 التمسك بالوحدة اليمنية كالبنة أولى ومنجز قومي وحدوي .
وبعد فقد صار الخروج على هذا النظام أمرا ملحاً لايحيد عنه إلا خائن ورعديد منافق وعلى السلطة أن تتحمل مسؤلية الأنفجار فاما النصر واما القبر وجائزة امناضلين النصر وأما هم فما بعد القصر الا القبر .
 وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون
        كلمة القيت في حلقة ناصرية نقاشيه في الشأن اليمني
___----
الصورة للشهيد عيسى محمد سيف

إقراء أيضا

وليد أبو حاتم
وليد أبو حاتم
إبراهيم العشماوي
إبراهيم العشماوي