الرئيسية المقالات مدارات الوطن .. هم وأمل
الوطن .. هم وأمل
علي محمد اليزيدي
علي محمد اليزيدي

عندما‭ ‬ننظر‭ ‬إلى‭ ‬أين‭ ‬آلت‭ ‬الأمور‭ ‬ابتداءً‭ ‬من‭ ‬سوء‭ ‬إدارة‭ ‬الدولة،‭ ‬والفساد‭ ‬المستشري‭ ‬كالسرطان‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مفاصلها،‭ ‬مرورًا‭ ‬بالتفرد‭ ‬بالسلطة‭ ‬بعد‭ ‬الانقلاب‭ ‬على‭ ‬دولة‭ ‬الوحدة،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬الأزمات‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أرجاء‭ ‬البلاد‭ ‬التي‭ ‬تنذر‭ ‬بمخاطر‭ ‬جسيمة‭ ‬على‭ ‬الوطن‭ ‬وعلى‭ ‬المواطن،‭ ‬تهدد‭ ‬الاستقرار‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وتنذر‭ ‬بتشضي‭ ‬البلاد‭ ‬نتيجة‭ ‬للممارسات‭ ‬الرعناء‭ ‬الخاطئة،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬أسوأ‭ ‬ممارستها‭ ‬في‭ ‬المحافظات‭ ‬الجنوبية‭ ‬والشرقية‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬1994م‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إقصاء‭ ‬شريك‭ ‬الوحدة‭ ‬والاستيلاء‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬والعبث‭ ‬بالممتلكات‭ ‬العامة‭ ‬وتسريح‭ ‬أفراد‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬والأمن‭ ‬وأفضل‭ ‬الكفاءات‭ ‬الإدارية‭ ‬والعلمية‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬المحافظات‭ ‬الجنوبية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬بعد‭ ‬الكبت‭ ‬الطويل‭ ‬إلى‭ ‬انفجار‭ ‬الغضب‭ ‬أولاً‭ ‬بصيحات‭ ‬للمطالبة‭ ‬بالحقوق،‭ ‬مظالم‭ ‬لايستجاب‭ ‬لها‭ ‬ثم‭ ‬تصاعد‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬حراك‭ ‬سلمي‭ ‬يتنامي‭ ‬ولكن‭ ‬بمطالب‭ ‬تجاوزت‭ ‬سقوفه‭ ‬الأولى‭ ‬إلى‭ ‬فك‭ ‬الارتباط‭.‬
إن‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬وحدة‭ ‬الوطن‭ ‬لايتم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الخطب‭ ‬الرنانة‭ ‬والوعود‭ ‬غير‭ ‬الجادة‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬رفع‭ ‬المظالم‭ ‬عن‭ ‬المواطنين‭ ‬وضمان‭ ‬الحقوق‭ ‬والمساواة‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬أبناء‭ ‬الوطن‭.‬
إن‭ ‬مواقفنا‭ ‬واضحة‭ ‬ومحددة‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬الوحدة‭ ‬والقضية‭ ‬الجنوبية،‭ ‬ففي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬ندين‭ ‬ونرفض‭ ‬كل‭ ‬الممارسات‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬والظلم‭ ‬الذي‭ ‬لحق‭ ‬بأهلنا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المحافظات؛‭ ‬فإننا‭ ‬حريصون‭ ‬على‭ ‬لملمة‭ ‬الشمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬هدف‭ ‬أسمى‭ ‬وأعظم‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحوار‭ ‬الوطني‭ ‬الشامل‭ ‬لكل‭ ‬الأطراف‭ ‬ولكل‭ ‬الأطياف،‭ ‬وطرح‭ ‬كل‭ ‬القضايا‭ ‬والحوار‭ ‬حولها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مؤتمر‭ ‬وطني‭ ‬عام‭ ‬لكل‭ ‬أبناء‭ ‬اليمن‭ ‬يخرجون‭ ‬منه‭ ‬بقرارات‭ ‬تنقذ‭ ‬اليمن‭ ‬مما‭ ‬وصل‭ ‬إليه‭ ‬وتضمن‭ ‬له‭ ‬المواطنة‭ ‬المتساوية‭ ‬والشراكة‭ ‬العادلة‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬والثروة‭ ‬واتخاذ‭ ‬القرار،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬الحقوق‭ ‬والحريات‭ ‬وكرامة‭ ‬الإنسان،‭ ‬وإقامة‭ ‬تنمية‭ ‬مستديمة‭ ‬تحقق‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الحقيقية،‭ ‬وبناء‭ ‬دولة‭ ‬المؤسسات‭ ‬والنظام‭ ‬والقانون‭.‬
وإننا‭ ‬لانرى‭ ‬آي‭ ‬خيار‭ ‬آخر‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القريب‭ ‬أو‭ ‬المدى‭ ‬المتوسط‭ ‬والبعيد‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬الوضع‭ ‬الذي‭ ‬هي‭ ‬فيه‭ ‬سوى‭ ‬الحوار‭ ‬الوطني‭ ‬الشامل‭ ‬الصادق‭ ‬والجاد‭ ‬والنضال‭ ‬السلمي‭ ‬الدؤوب‭ ‬للتغيير‭.‬
وإن‭ ‬تجربة‭ ‬عمل‭ ‬أحزاب‭ ‬اللقاء‭ ‬المشترك‭ ‬واللجنة‭ ‬التحضيرية‭ ‬للحوار‭ ‬الوطني‭ ‬تمثل‭ ‬تجربة‭ ‬ناضجة‭ ‬ومتميزة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬ودول‭ ‬الجوار،‭ ‬وتعتبر‭ ‬أكبر‭ ‬مكسب‭ ‬للعمل‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬الحفاظ‭ ‬عليه‭ ‬وتطويره‭ ‬للوصول‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬النموذج‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬المنشودة‭.‬
إن‭ ‬الوطن‭ ‬ليس‭ ‬ملكاً‭ ‬لفرد‭ ‬أو‭ ‬عائلة‭ ‬أو‭ ‬قبيلة‭ ‬أو‭ ‬إقطاعية‭ ‬خاصة،‭ ‬الوطن‭ ‬ملك‭ ‬كل‭ ‬أبناء‭ ‬اليمن‭ ‬وأملهم‭ ‬ومستقبلهم‭ ‬ومستقبل‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة،‭ ‬وإن‭ ‬آي‭ ‬تعنت‭ ‬في‭ ‬إعاقة‭ ‬مسيرة‭ ‬الإصلاح‭ ‬والتغيير‭ ‬وبناء‭ ‬وتطوير‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬ستكون‭ ‬كلفته‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬البعيد‭ ‬أضعاف‭ ‬مضاعفة‭ ‬من‭ ‬تقديم‭ ‬أية‭ ‬تنازلات‭ ‬آنية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إقامة‭ ‬الدولة‭ ‬اليمنية‭ ‬الحديثة‭.‬
‭* ‬نائب‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للتنظيم‭ ‬الوحدوي‭ ‬الشعبي‭ ‬الناصري__

إقراء أيضا