الرئيسية المقالات مدارات اقتراح.. عمل مبادرة
اقتراح.. عمل مبادرة
د. علي مهيوب العسلي
د. علي مهيوب العسلي

الأوضاع في البلاد لم تعد تسر، والاتجاه نحو المجهول والتشظي واللادولة هو السائد فعلاً في يمن المحبة والحكمة والسلام .. ولقد جاء تقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة مخيباً للأمال والذي نشر يوم أمس من قبل الأمم المتحدة ، حيث قد أتاح هذا التقرير لجميع المتصارعين والحالمين في التغني بليلى ،وكل على ليلاه ،وليلى هذه هي اليمن..؛ والذي اختتم التقرير بخلاصة ان الدول تتدخل فيه وبأشكال مختلفة وان الشرعية الذي جاء الجميع من اجلها هي الغائبة وهذا التقرير لا يثبت فشل الشرعية بقدر ما يثبت فشل التحالف في التدخل و من غير رؤية واضحة ومحددة ،كي تتعامل على اساسها الشرعية ،نعم نحن في مرحلة يتسيد على اليمن مليشيات في كانتونات ومربعات ،وتغيب الشرعية ومعها يغيب ملامح بناء الدولة ،والتي يفترض ان الشرعية هي القائد الحقيقي والموجه لهذه المرحلة ،هي ومعها الاحراب ،والتي بغيابهما يفتقد الاستقرار والآمان والتفكير بالدولة مستقبلاً؛ نعم! ؛ لقد غابت الرؤية لدى الشرعية والاحزاب وغابت معهما ايضاً مكونات ومنظمات المجتمع المدني كلوبي ضغط ،جميعهم ابتعدوا عن الارض والفعل واتاحوا لحركات أصحاب المشاريع الصغيرة ان تظهر وتبرز ،بل واصبح بعضها ارقاماً في مسار مجريات الأحداث الجارية في اليمن ..!؛ أجل إن تقرير لجنة الخبراء الأخير قد زاد المشهد ضبابية وقتامة عندما شخص المشكلات رغم ان كثير من معلومات هذا التقرير تفتقد للمصداقية ،وفيه مبالغات واحيانا توصيف بغير سياق ما حدث فعلاً ً، لكنه نبه لإمكانية قيام دويلات قد تنشأ إذا لم تستدرك الأمور .. ؛إن امكانية تقسيم وتشظي اليمن اصبح أمراً ممكناً والحديث عن ذلك مقبولاً جداً ومألوفاً .. هذا الشيء _لا سمح الله_ حدث فإنه سيقود حتماً لتقسيم السعودية والتي هي الهدف الغائي عند صانعي الشرق الأوسط الكبير أو الجديد ،أو بحسب مقولة وفلسفة : تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ ..!؛

إن غياب الرؤية لدى الشرعية ومن أيدها من الاحزاب والمكونات والشخصيات الوطنية والاجتماعية قد ضاعف الاحباط ورفع وتيرة القلق ،وكذلك فإن غياب الرؤية لدى التحالف ايضاً قد سمح ايضاً لأصحاب الخيال والهواجس والمشككين بإظهار وإبراز التوقعات السوداوية ،والتي خلاصتها بأن الآتي لليمن في قادم الايام هو الاسوء، وان تشرذم الأرض سيؤدي إلى تشرذم الانسان معها على الواقع.. لا محالة ، وقد يكون بالنتيجة حلا للخروج من حرب أهلية طاحنة ستحدث ولعدة أعوام..؛ وكل هذه التوقعات المريضة لن تخدم إلا من يقبعون على كراسي السلطة الذين وصلوا إليها بالقوة وليس عبر صناديق الانتخاب ،وهي تعكس بالضرورة لو وقعت إقرار بهزيمة الشرعية المنتخبة ،وبالتالي أصحاب الدولة المدنية ،وبالتأكيد معهما التحالف الذي جاء بناء على طلب الشرعية ولإرساء الدولة المدنية ،وسيكون اليمن هو بالون الاختبار الجدي لتشرذم الدول التي لا تزال مستقرة حتى الآن ،وهو درس عملي لما سيجري مستقبلا بالمملكة العربية السعودية ودول اخرى ،وليس هناك أدنى شك من حدوث ذلك إن لم يتم حسم المسألة وبسرعة لصالح مشروع الدولة ؛ وعلى العربية السعودية التفكير الجدي بالخطر الآتي عليها وعلى باقي دول الخليج وأن تعمل بكل امكانياتها لتوحيد الجزيرة والخليج ، أي باستكمال ضم اليمن لمجلس التعاون الخليجي وبأسرع وقت ممكن ، وتقوم كذلك بتشغيل الكم الهائل من المقاتلين اليمنين ،حيث قبيل انطلاق عاصفة الحزم كان معظمهم عاطلين ،وأن تعمل على تأهيلهم للدفاع عنها وعن أمن المنطقة برمتها..!؛ فهل لا يزال هناك من لهم أذان تسمع وتعي وتحلل وتقرر..؟؛ أم ان الوقت لم يُعد مسعفاً لفعل ذلك ..؟!؛

في ظل هكذا أوضاع .. لا ينبغي أن نستسلم للعجز والوهن والاحباط الذي قد أصاب معظم شرائح المجتمع ونخبه ،بل علينا ان نطرق الابواب ونصحي النائمين ، وننبه للخطر الآتي ،ونلملم ما يمكن من شتاتنا الفكري والتشرذم المناطقي والجغرافي ،لنصنع مبادرات ؛ كي تبعث الأمل، كي يتمكن اليمنيون محاصرة الشر واصحابه ،وعليه.. ؛ فإني أتقدم إلى الزملاء في المجلس الأعلى للتنسيق بين النقابات في الجامعات الحكومية بمقترح، اعتقد ان مناقشته وإغنائه قد يفضي إلى تقديم مبادرة باسم اعضاء هيئات التدريس في الجامعات الحكومية ،حيث ستكون نتاج عمل دؤوب وأوراق علمية تعرض بورش علمية ،ثم تختتم بمؤتمر يعقد خصيصا لهذا الغرض ليشمل هذا المؤتمر كوكبة كبيرة من الباحثين والاكاديميين والمهتمين والسياسيين يجتمع الجميع في نقاش مسؤول في حرم الجامعات التي اهملت وأهملت دراساتها وابحاثها واستشاراتها في الماضي ..؛ فلا ينبغي ابداً اهمالها حاضراً ومستقبلاً وتغييبها عن علاج المشكلات القائمة بطريقة بحثية مجردة ..؛لذلك فأني أطلب منهم ان يناقشوا مقترحي الذي اضع حيثياته بين أيديهم ،علما بأن المقترح لا يزال فكرة قابلة للنقاش والتطوير..... ومفاد المقترح : "طالما والنقابات في الجامعات هي من منظمات المجتمع المدني ،وبما أنها كذلك هي عقل الامة ،وبما انها هي التي ظل صوتها مرتفع، واستمرت تطالب بحقوقها كالرواتب، ورفضت الانقلاب، وأدانت الاحتراب الداخلي والعدوان الخارجي، وبنضال ممثليها استطاعت أخيرا تحييد الجامعات والتي تحت سيطرة الانقلابين وتمكنوا من ادراج رواتب الجامعات في موازنة عام 2018م ،ولما لا يوجد بريق أمل يلوح في الأفق لإنهاء أو انتهاء الحرب ،وبما أن الضرر الانساني والنفسي والاقتصادي والاجتماعي قد بلغ ذروته على الشعب من جراء الذي يحدث في اليمن منذ ثلاث سنوات ،فإني ادعوا المجلس الأعلى للتنسيق بين النقابات في الجامعات الحكومية القيام بالتواصل بحكومتي بن دغر( الشرعية ) ، وحكومة بن حبتور (الانقلابية والمسيطرة على جزء كبير من الموارد البشرية والمالية ،ولا تقوم بدفع رواتب الموظفين العاملين في نطاق سيطرتها) ، تقوم النقابات بالقيام بمكاشفتهم بأخطائهم، وطلب موافقتهم بضرورة تنفيذ تحييد الاربعة المواضيع التي يرغب اليمانيون ان تكون فعلا حيادية وخارجة عن الصراع الدائر بعد وصول المعاناة لدى الناس لدرجة بلوغ الكارثة ،كي يتسنى احتواء الضرر الأعمق والاخطر _لا سمح الله_ ،ثم بعد ذلك تقوم تلك النقابات بالإشراف على إقامة أو تنظيم ورش وصولاً لعقد مؤتمر علمي خاص يناقش اوراق علمية تتعلق بالمحاور الاربعة التحييدية لتشكل عناصر المبادرة وتبيان فوائد التحييد ،ما هي الأضرار التي ستحل لو استمر الوضع على ما هو عليه الحال ..؟!؛ يتم التواصل مع من يحكمون صنعاء وعدن عبر ممثلي نقابات أعضاء هيئة التدريس في كل من صنعاء وعدن، والقيام بمحاولة اقناع الاطراف بجوهر المبادرة ..؛ ومن أنها ستكون لصالح اليمن عموما ولابد من خضوعهم لإرادة الشعب . ويمكن كذلك القيام بحلحلة القضايا التي تمس الانسان وخدماته وتحييدها وبعد الموافقة الكتابية من الطرفين بالتنفيذ لما قد تتوصل اليه الجامعات للقضايا المعروضة في مؤتمر يعقد لهذا الغرض بجامعة عدن أو جامعة حضرموت وبأوراق علمية محكمة ، وما يخرج به ذلك المؤتمر من توصيات يتعهد الطرفين بتنفيذها ،بهذا نكون قد رجعنا نحن اليمانيين لبعض صوابنا وحكمائنا.. لنخلق الثقة ، ونبعث الأمل ، ونبني جسور استعادة الدولة وترميم ما تخرب منها ، وذلك بالاعتماد على انفسنا وخبرائنا ،بدلاً من كل هذا التيه الذي نحن به جميعاً دائخون..؛

وفي نظري تُعد هذه المحاور أو المواضيع الاربعة بداية الطريق لانهاء الصراع والاقتتال في اليمن ، والذي هو غاية ومبتغى الجميع ،والمواضيع (المحاور) الاربعة التي يريد الشعب اليمني لها الحياد هي : 1- تحييد الوظيفة العامة .2- تحييد البنك المركزي بموارده واستخداماته (النفط والغاز ،الجمارك والضرائب ) .3- تحييد خدمة الكهرباء ، المياه ،الاتصالات، التعليم والصحة .4_ تحييد تجنيد واستخدام الاطفال في الحروب العبثية القائمة ..! ؛ بعد هذا يمكن طرق اية مواضيع او محاور أو قضايا أكانت سياسية أو عسكرية أو ما يخاف منه البعض من بعض بنود وثيقة مخرجات الحوار الوطني عند تنفيذها لو تجلب لهم او لمناطقهم بعض الاضرار ،وضرورة ازالة كل تلك المخاوف بنصوص دستورية و قانونية ..؛ وفي النهاية على اليمنين أن يوقفوا هده الحرب التي لا تزال تستنزف شبابهم وبنيتهم التحتية ،وثروتهم ومصداقيتهم ، وسيتم معالجتها وفقاً لنفس الاسلوب بعد أن نكون قد خلقت الثقة بين الاطراف ، والثقة بقدرة اليمنيين في حل مختلف القضايا ومهما كانت معقدة ..؛ والسلام عليكم .. يا أيها اليمانيون يا أصحاب الحكمة والسلام والايمان ..!

إقراء أيضا