ما يثير الإستغراب هي تلك الحملة الشعواء والتشويه المتعمد الذي يمارسه الجهاز الإعلامي للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين حول الأحداث في تونس والتي يصفوها بالانقلاب على الديمقراطية.
ولست أدري أي ديمقراطية يتحدثون عنها في ظل الفساد السائد وسياسة التجويع والافقار التي فرضتها سياسات حزب النهضة المسيطر على الحكومة منذ أول إنتخابات نيابية بعد ثورة الربيع العربي، وبفعل الوعود التي قدمها الحزب للشعب التونسي والتي تضمنت تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطن واقتلاع الفساد.
ولكن للأسف أن ما حدث هوالعكس تماما لهذه الوعود حيث شكلت حكومتها بالتفرد والسيطرة والاستحواذ على كل مفاصل السلطة علاوة على الاحتواء لرئيس الجمهورية حينها منصف المرزوقي وليتم بذلك تغييب أي اصلاحات لينعكس في مزيد من الفساد والتردي للاوضاع الاقتصادية والمعيشية والاتساع لمساحة الفقر والبطالة.
ولأن الشعب التونسي يمتلك من الوعي والفهم للعملية الدايمقراطية وبعد أن تكشفت له حقيقة زيف الوعود الانتخابية والكذب والتظليل الذي مارسه حزب النهضة.
ولذلك أعاد الشعب حساباته وتراجع الكثير منهم عن منح اصواتهم للحزب في الانتخابات الثانية ليتراجع حضورهم برغم ما مارسوه من شراء للذمم واستغلال لظروف المواطنين ومن استغلال لنفوذ السلطة بتزوير ارادة الناخبين وكذلك إجراء اتفاقات وتحالفات مع قوى الفساد من أركان النظام السابق محققة بذلك استمرارها في السيطرة على مفاصل السلطة والاستفادة من التحالفات التي لم تدوم طويلا.
حيث تفجر الخلاف بين رئيس الجمهورية الباجي قائد السيبسي وانصاره وهوامير فساد حزب النهضة ولتكرس الفترة البرلمانية الثانية مزيدا من الافقار والتجويع للشعب التونسي والمزيد من الاتساع لمساحه الفساد والثراء الفاحش لأعضاء وقيادات حزب النهضة وانصاره لتاتي فترة استحقاق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الثالثة وقد أصبحت الصورة واضحة للشعب وتكشفت حقيقة حزب النهضة لدى قطاع واسع من الشعب ووصلوا إلى قناعة بأن لا أمل في حزب النهضة وأن وعوده كاذبة وقرروا إعطاء اصواتهم لقوى أخرى. وبرغم ما مارسه حزب النهضه من صرف للأموال لشراء الذمم فإن الشارع لم يمنحهم اصواته وأسقط مرشحهم الرئاسي لينجح بذلك المرشح المستقل قيس سعيد.
كما تراجع حضورهم في المجلس النيابي وهو ماكان يفترض عليهم الوقوف أمام هذا التراجع بوقف ممارسة الفساد والنهب للمال العام وفرض سياسة الافقار والتجويع وإقصاء الأطراف الأخرى واستخدام الدين للوصول إلى السلطة.
لكنهم استمروا في فسادهم وسلوك الاستحواذ والهيمنة على مفاصل السلطة من خلال سيطرتهم علة رئاسة البرلمان بتحالفهم مع حزب قلب تونس التابع لرجل الأعمال نبيل القروي الذي يمثل الإمتداد للنظام السابق والالتفاف على الدايمقراطية وبذلوا جهودهم في محاولة احتواء الرئيس قيس سعيد وحتى يتمكنوا مواصلة فسادهم وعبثهم، لكنهم صدموا برفض الرئيس لمحاولاتهم في الاحتواء لتقديسه لامانة المسؤلية وللثقه التي منحها الشعب له والتي يجب أن يكون وفيا لها بتحقيق آمال الشعب وتطلعاته في الحياه الحرة الكريمة وذلك من خلال التصدي لمراكز الفساد واستئصاله.
وهو ما ازعج هوامير الفساد داخل حزب النهضة وليصبح الصراع واضحا بين الرئاسة وقيادة الحزب الذي يصر على مواصلة فساده ونهبه للمال العام. بل اتسع عبثهم إلى التفريط في السيادة الوطنية والتبعية للخارج وخلق المزيد من الاحتقان الداخلي، وهو ما دفع برئيس الجمهورية قيس سعيد لممارسة صلاحيته الدستورية والوفاء للامانة التي يحملها تجاه شعبه بوقف العبث والفساد الذي أثقل كاهلهم والذي يمارسه حزب النهضة والحكومة التي يهيمن على مفاصلها من خلال إصداره للقرارات الدستورية والمتمثلة بتجميد البرلمان ورفع الحصانة عن أعضاءه وتغيير الحكومة.
وهو ما أزعج حزب النهضة وهوامير الفساد ووجد قبولا وارتياح في الشارع التونسي الذي خرج مؤيدا ومباركا لقرارات الرئيس وبالمقابل برز إعلام حزب النهضة وهوامير الفساد وتنظيم الاخوان الدولي منددا بالقرارات ومعتبرا تلك القرارات وئدا للديمقراطية.
والسؤال الذي نطرحه ردا على عويل هولاء من متى كانت الدايمقراطية متحققة في ظل التجويع والافقار للشعب والإفساد والمال السياسي؟ وعندما يصبح الفساد سيدا وسيفا مسلطا على الشعب ولم تقتصر الحملة التي يقودها حزب النهضة في تونس بل توسعت لتشمل كل جماعات الإسلام السياسي والمتسترة بالدين في معظم الدول التي تسيطر على سلطاتها هذه الأحزاب والتي تمارس نفس السلوك ولم تأخذ من مصر عبره لتغير من سلوكها وتحترم ارادة الشعوب لكن للاسف فقد استمرت في عبثها والتأكيد في فسادها واستبدادها وتجاهلها لارادة الشعوب.