في ذاكرة الشعوب أيام لاتنسى فرحاً وترحاً مجداً و ألماً ، وفي حياة شعبنا اليمني المعلم أيأم حزنٍ لاتنسى أقامت ولم تبرح وطال بها الأمد، ولا تزال تثخن في جسد البلاد الجراح، وفي حياة مواطنيها النواح، وستظل تتلو حزنها أبد الدهر مساءً وصباح، وسيظل وجع الغياب ورحيلكم القسري وجع غائرٌ لايبرأ في ذاكرة البلاد الشعبية التي لا ولن تموت، ومحفورةٌ في وعي شعبنا الجمعي حتى الموت، وستظل تجترُ تاريخاً ممتداً من المآسي والآلام لم تزل تسحب بأثاراها على المستقبل كله ، وعلى الأجيال كل الأجيال..
واحدةٌ من تلك الأيام الأليمة في حياة شعبنا اليمني المعلم هي الحادي عشر من أكتوبر 1977م الآثم والجبان والذي طال حياة أشجع الرجال وأخلصهم وأنبلهم على الاطلاق قائدنا الشهيد / إبراهيم محمد الحمدي ( 1943 م _ 11 / 10 / 1977 م) رئيس مجلس القيادة ، وقائد حركة 13 يونيو التصحيحية 1974 م ، ومعه أخاه الشهيد / عبدالله محمد الحمدي رحمة الله تعالى عليهما.
11 أكتوبر 1977 م يوم مشؤومٌ في حياة الوطن والناس، وذكرى أليمةٌ وحزينةٌ أسست لحزنٍ سرمدٍ اغتالت فيه قائداً بحجم الوطن والأمة معاً، وبحجم المشروع الوطني الكبير الذي تجاوز حدود المحلية الوطنية إلى آفاق الأمة ، أمناً ومشروعاً وأبعاداً حضاريةً وتكاملاً عربياً .
وباغتياله الإثم وشقيقه أُغْتِيلَ المستقبلُ كلُه : الوطن الأرض والإنسان والمشروع الوطني الكبير ، وتآمرت في اغتيالهم جميعاً قوى داخلية عسكرية وقبلية وقوى افليمية ودولية ورجال أعمال.
45 عاماً من جريمة الاغتيال الآثمة والجبانة، ولاتزال عصابات الإجرام تلك تُعْمِلُ فينا الطعن والتقتيل واغتيال أحلام الوطن والناس ، ولن يرى الوطن النور ، وليس أدل على ذلك من حجم المنجز الذي تحقق على مدى أربعة عقود ونصف العقد منذ تاريخ جريمة الاغتيال الشنيعة قياساً بثلاثةِ أعوامٍ وأربع أشهرٍ فقط هي كل تجربة حكم حركة 13 يونيو التصحيحية ( 13 /6 / 1974 _ 10 /11 / 1977 )
وهو مايستدعي من كل قوى الوطنية ودعاة المدنية والدولة المدنية الحديثة أن يستلهموا التجربة ، و يعيدوا قراءة تفاصيلها بعمقٍ مسؤولٍ ، وحرصٍ ووطنيةٍ ليستعيدوا الدولة المخطوفة منذ أربعة عقودٍ ونصف إلى أحضان الجمهورية الثالثة وأهداف الثورة السبتميرية الخالدة ويقيموا المجتمع الديمقراطي التعاوني العادل وإعادة بناء نفسها على أساس من الإرادة والإدارة والتخطيط، وإعادة بناء إنسانها على أساس من الوطنية والكفاءة والاقتدار، وإحياء تجربة التصحيح المالي والإداري ، وإعادة تجارب التعاونيات ، هذه هي خلاصة تجربة حركة 13 يونيو التصحيحية البيضاء 1974 م .
وبذلك نجحت الحركة ونجح معها كل الناس ، وغدت الاكثرحضوراً في وعي وذاكرة ووجدان شعبنا اليمني المعلم.
ولم يعد في وسع القوى السياسية التلكؤ أو الهروب او التقاعس والسلبية ، وليس أمامها إلآ تنتصر للوطن وللمستقبل وللأجيال ، وأن تدخل في كل الحساب أو تخرج من كل الحساب.
جُلُّ القوى السياسية والمجتمعية وجموع الناس تستوقفها ذكرى الاغتيال الجبان فتعتصرها الحسرة وتمزقها الأحزان فلماذا لا نحول هذا الحب الجارف أو ذلك التعاطف العامر في الوجدان تجاه القائد الشهيد والفارس النبيل / إبراهيم الحمدي رحمة الله تعالى عليه وعلى كل شهداء الوطنية اليمنية إلى تظاهرة إيجابية نلتف حول تجربته لاسيما وفيها العلاج الناجع لمشاكل البلاد الراهنة، ففي نزوعها الوطني وارادتها الصلبة وتخطيطها المسؤول وإدارتها الحكيمة وقراراتها المسؤولة والمشاركة الشعبية كانت تجربة التصحيح حلاً لكل أزمات البلاد الشائكة حينها من فساد وإفساد وتشكل مراكز قوى ونفوذ إلى تبعية وارتهان للخارج إلى غير ذلك ، ومن دولة مدينة إلى دولة دائنه وتقرض مصر وبريطانيا والبنك الدولي وارتفاع مستويات الدخل والتأسيس لبنية تحتيَّة كل ذلك وغيره في ثلاثة أعوامٍ وأربعة أشهر فقط، وحقق فيها مالم تحققه الدولة منذ تاريخ تأسيسها على مدى خمسة عقود ونيف فكان بحق مؤسس الدولة اليمنية الحديثة.رحم الله القائد الشهيد إبراهيم الحمدي فقد كان رجلاً في قلب وطن .. ووطناً في قلب رجل.
مرفأ :
وتعلن الرحيل ..
( إبراهيم )
ولم تزل مرفأً للنور ..
والحلم الجميل ..
ودونك القامات يأكلها الَْصدى
يكسرها الَّردى ..
وأنت وحدك فارس الحلم
عاشق الضوء ..
كالفجر .. باقٍ لم تزل
تمتطي صهوة المجد
شموخاً وإباء .
****
عناقيدُ وجدٍ ..
تدلَّت في سماي
تبعث في المدى أفق الحضور..
ومن هَدْبَةِ الحلم
تجلى الطريق.