بدون تحفظ وبمكاشفة حقيقية، لن يُكتب لنا النجاح في ظل سلطة لم تقدم نموذجًا جيدًا ولا تملك سوى مشاريع مشروخة منذ أن وُلدت. لكن الرعاة لها أعطوها قدسية فارغة وهي مسلوبة القرار ووجودها فقط لمباركة وتنفيذ ما يُطلب منها.
سلطة تعدد الرؤوس، كلٌ له رؤية ومشروع صغير خاص به. تحضر المحاصصة والمساومة معًا، لم يكن ذلك من أجل المواطن والوطن، بل تغلب عليها، إن لم نقل جميعها، المصالح الشخصية.
تغيب الخدمات عن المواطن وأهمها الكهرباء التي لم تُحل أو تُعالج مشاكل انقطاعها، ولم يرحموا جحيم الحر الشديد الذي يعذب المواطنين في عدن ومحافظات أخرى. انهيار العملة المستمر وفقدان الريال اليمني قيمته أيضًا، ومشاكل لم تُحل، فيما الراتب للموظف العادي لا يتجاوز الخمسين ألف ريال ولا يكفي لتغطية قيمة كيس من الدقيق.
هذه مشاكل مرتبطة بحياة الناس اليومية ويدفع ثمنها المواطن. ولا نرى غير ترشيحات بدرجات مختلفة وزير ونائب ضمن صفقة المحاصصة وإنفاق بل وعبث مالي مخيف مستمر، كلٌ لمكونه. وهذا أبرز ما يُوضع على طاولة مجلس الثمانية وتغييب تام لحلول الكهرباء وانهيار الريال.
لا تجد في الخطابات غير "نحن مع الشعب ولن نقبل استمرار معاناته"، وآخر في كوكب تقرير المصير، والبعض منتظر موعد إعلان الخلافة. لكن في الأصل هم سبب كل المعاناة، يعاملون الوطن كأرض سائبة ومهجورة لا كأرض أو منزل خاص بهم كما يدعون. فلو كان كذلك لتعاملوا مع مؤسساته وخيراته كما يتعاملون مع حقوقهم.
استمرار المعاناة ونزيف الموارد المالية في اليمن والغرق في الفساد والفوضى قائمة. ومن يملك جماعات مساحة يستخدمها للعبث والظلم وحماية النفوذ والفساد، لا من أجل دولة القانون.
لن يوقف كل هذا النزيف والعبث موظف أصبح وزيرًا أو رئيس حكومة أو قائد جماعات مسلحة. نحن بحاجة إلى قائد سياسي عصرته التجارب لينقذ البلد، وإن كان غير ملم، فقد يصلنا إلى مرفأ الأمان والاستقرار.
أما من صعدوا فجأة، من أتت بهم المرحلة وكان هدفهم العبث والفيد، هؤلاء لن يكونوا المنقذ، وبقاؤهم كارثة ستزيد المعاناة واستمرار النزيف.
الشعب دوره سلبي جدًا لأنه يقبل الظلم شمالًا وجنوبًا ولم يحرك ساكنًا، منتظر المعجزة تنقذه من الحال المحزن. فهو شريك بظلم وجلد نفسه بالصمت على الباطل، ومشكلته أنه يصفق لخطابات وتغريدات الوهم بالنعيم. لذا ستبقى الطريق للمعالجات طويلًا ومليئًا بالأشواك.