الرئيسية المقالات مدارات محرقة النصيرات.. إلى أين؟
محرقة النصيرات.. إلى أين؟
شعبان الجرجير
شعبان الجرجير


جيش الاحتلال الإسرائيلي، كعادته في كل عملية عسكرية يقوم بها، استخدم كثافة نيرانية عالية في منطقة مأهولة بالسكان المدنيين العزل في شمال مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة، مما أسفر عن مجزرة راح ضحيتها ٢٧٤ مدنيًا، منهم ٦٤ طفلًا، و٦٩٨ جريحًا. في ظل انعدام المنظومة الصحية وعدم توافر إمكانيات لعلاج المصابين نتيجة الحصار المفروض على قطاع غزة ونتيجة لإغلاق معبر رفح من قبل الاحتلال الإسرائيلي، والذي كانت تدخل منه المساعدات الغذائية والدوائية لسكان قطاع غزة، وهذا كله من أجل تحرير ٤ محتجزين، واستخدمت تلك القوة المهاجمة المسماة بوحدة اليمام والمستعربين شاحنات المساعدات للوصول للمكان وحرقوا المنطقة بأكملها بقذائف الطائرات للتغطية على القوة المهاجمة، فقتلوا ودمروا وأبادوا. مقابل كل أسير تم قتل ٦٨ مدنيًا وأصيبوا ١٧٥ جريحًا، بالإضافة لتدمير مئات المنازل.


مع أنه كان بالإمكان تحريرهم عن طريق المفاوضات بدون إراقة دم طفل فلسطيني واحد، ولكن ليس هذا هو الهدف. فهدف نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة إبادة الشعب الفلسطيني وتهجيره قسريًا وتصفية القضية الفلسطينية وإعادة احتلال قطاع غزة والضفة الغربية.


ويُفهم من ذلك بأن جيش الاحتلال، بعد تسعة أشهر، استطاع تحرير ستة أسرى. وعلى هذا النحو، فهو يحتاج إلى ثلاثين عملية عسكرية كبيرة على غرار عملية النصيرات لتحرير باقي الأسرى، مع العلم بأنه لن يكون هناك ضمانة لتحريرهم أحياء في كل مرة. وبمعدل ستة رهائن كل تسعة أشهر، إذًا فإنهم يحتاجون إلى ١٨٠ شهرًا لتحرير باقي المحتجزين وعددهم ١٢٠ أسيرًا.


ولا شك أن الولايات المتحدة الأمريكية كان لها دور بارز ومهم في تلك العملية، سواء على مستوى المعلومات أو الميدان، واستخدموا قذائف ٣٩ أمريكية الصنع في تلك العملية. والقصف الجوي أدى لقتل ثلاثة محتجزين من ضمنهم أمريكي. والسؤال هنا: لماذا يستعجل نتنياهو ويقتل المئات من المدنيين الفلسطينيين مقابل تحرير ٤ أسرى إسرائيليين؟ الهدف معروف وهو تحقيق إنجاز عسكري وسياسي شخصي له، اعتقادًا منه أن تحرير الأسرى باستخدام القوة العسكرية يحافظ على هيبة وقوة وقدرة ومكانة دولته في العالم على حساب دماء المئات من المدنيين الفلسطينيين العزل.


واعتقد نتنياهو أن تلك العملية سوف ترفع من أسهمه وقوته، لكن على العكس تمامًا، ترتب عليها أولًا زيادة سخط العالم عليهم، واستمرار المظاهرات في إسرائيل مطالبة بإطلاق سراح الأسرى عبر المفاوضات. بالإضافة إلى استقالة عضو مجلس الحرب غانتس، أيضًا أسراهم خرجوا بصورة جيدة وبمظهر لائق ودون أن يتعرضوا للأذى أو القتل وعوملوا معاملة حسنة، على خلاف ما يعامل به الأسير الفلسطيني. وكان بإمكان المقاومة قتلهم، لكنهم لم يفعلوا، لأن ديننا وأخلاقنا وآدابنا وتقاليدنا تمنعنا من قتل أسرانا. وفي المقابل، يقتل هذا الاحتلال أطفالنا ونسائنا وأسرانا ومستمر في جرائمه، والتي كانت تلك المحرقة آخرها، رغم إدخاله من قبل الأمم المتحدة قائمة العار لقتله أكثر من ١٦٠٠٠ طفل فلسطيني في ذلك العدوان المستمر حتى تاريخه، إلا أنه لا يكترث ويضرب بعرض الحائط كافة القرارات والقوانين والمواثيق والمعاهدات التي تحظر عليه قتل الأطفال والمدنيين العزل.


كما أن تحرير ستة أسرى بعد تسعة أشهر من الإبادة يعبر عن العجز والضعف الذي يعاني منه جيش الاحتلال الذي يعتبر نفسه الأقوى في المحيط العربي. لذلك يحاول الضغط من خلال تدمير البيوت والتجويع وقتل المدنيين.


إلى متى هذا الاستخفاف بدماء الأبرياء من الفلسطينيين؟

إلى متى هذه المجازر وهذا الحصار وسياسة التجويع والتدمير؟

لماذا يرفضون السلام ويحرقون الخيام؟

أين العرب والمسلمون والشرفاء في العالم؟

أين الإنسانية والكرامة والنخوة والشهامة؟

وأطفال فلسطين يحرقون ويقتلون ويشردون على مسمع ومرأى من العالم أجمع.

أين ضمير المجتمع الدولي من حرب الإبادة التي تُمارس بحق الحجر والشجر والبشر في قطاع غزة؟


على ضوء ذلك، فإننا نطالب بما يلي:

١- نطالب الدول العربية والإسلامية والشقيقة والصديقة بالضغط الحقيقي والفاعل على سلطات الاحتلال لوقف عدوانها ووقف نهائي لإطلاق النار.

٢- فرض كسر الحصار وإدخال المساعدات لإغاثة الجوعى والمرضى بأي طريقة من الطرق بريًا، جويًا، بحريًا.

٣- عقد مؤتمر دولي للسلام ينتج عنه دولة فلسطينية قابلة للحياة بعاصمتها القدس وبضمانات دولية لاستمراريتها وحمايتها.

٤- تقديم مجرمي الحرب الإسرائيليين للمحكمة الجنائية الدولية.

٥- نطالب طلاب الجامعات العربية والغربية وفي أمريكا وفي كل أصقاع الأرض بالانتفاض والضغط لوقف القتل في قطاع غزة.

٦- نطالب الجاليات العربية في أوروبا وأمريكا والشعوب العربية والإسلامية بالتحرك لوقف الإبادة في قطاع غزة.

٧- نطالب بتوفير حماية دولية للشعب الفلسطيني.

٨- نطالب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان بفتح تحقيق في مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي ارتُكبت بحق الشعب الفلسطيني من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.


إقراء أيضا