الرئيسية المقالات مدارات كفاكم يا حكام نجد..
كفاكم يا حكام نجد..
فائز عبده
فائز عبده
  لقد آن الأوان لأن تكفَّ مملكة آل سعود يدها عن اليمن، وتراجع سياساتها الاستعلائية تجاه هذا البلد العريق الذي يملك تاريخاً حافلاً، ويتوافر على مقومات التقدم والتطور لولا تدفق الأموال السعودية في شرايين التخلف، لتبقي الدولة اليمنية مجرد تابعٍ ذليلٍ لحكام نجد. الوحدوي نت

تاريخ العلاقة بين تلك الدولة حديثة النشأة، واليمن الضاربة جذورها في أعماق التاريخ، زاخرٌ بالدسائس والمؤامرات التي تحاك في قصور آل سعود، ودعم رموز التخلف والرجعية هنا. فما من شرٍّ ابتليت به اليمن في تاريخها المعاصر، إلا وكان مصدره "الشقيقة" الكبرى، كما يسميها الإعلام الرسمي هنا. ومن ذلك؛ العمل على استمرار التخلف والفقر، وضعف الاقتصاد اليمني، والقاعدة، وإشعال جذوة الأزمات المتلاحقة، وتغذية الحروب الأهلية المتناسلة على امتداد الساحة اليمنية، وإعاقة مسار التنمية، والحرص على بقاء اليمن في المؤخرة في كل المجالات، بينما تتصدر هي وضعاً أنتجه الحلف السعودي الأمريكي، وفرضه ربوض الحكومة السعودية على بركةٍ هائلةٍ من النفط. وما من خيرٍ أتى إلينا من الجارة الشمالية، إلا كان وراءه مصالحُ سياسيةٌ ومذهبية.

إن الدولة السعودية التي لم يتجاوز عمرها 100 عامٍ، وتأسست في عشرينيات القرن الماضي، على التحالف الشهير بين الحركة التوسعية لآل سعود والحركة الوهابية، لا تملك سوى أموال النفط، وبنىً هشةٍ تجرفها السيول، وآلةٍ إعلاميةٍ تمجِّد قادتها، وتصنع لهم تاريخاً مزيفاً دعائمه تكريس الرجعية العربية والتبعية الأمريكية، وتثبيط أية دعوات مقاومةٍ أو توجهاتٍ قوميةٍ عربيةٍ، وتصدير المذهب الوهابي المتخلف إلى دول المنطقة، ومنها اليمن التي كان لها النصيب الأوفر من التدخل السعودي في شؤونها، والذي وصل حدَّ تنصيب بعض الحكام، والمساهمة في التخلص ممن لا يسيرون على حسب مشيئتها، ومن يعملون بإخلاصٍ لأجل اليمن، ويتطلعون إلى دورٍ يليق بتاريخ ومكانة بلادهم، وبموقعها الاستراتيجي على خارطة العالم.

على أن هذه السعودية لم تشجع ثورة اليمنيين على نظامٍ ملكيٍّ في 1962، إلا لأسبابٍ مذهبيةٍ سرعان ما طرأت أسبابٌ أخرى جعلتها تقف وراء الانقلاب الرجعي أواخر الستينيات، بعد أن دعمت فلول الملكيين لأن توجهات الجمهورية الوليدة لم تعجبها. وكانت قبلاً ساهمت في إجهاض ثورة 1948 "الدستورية" ضد الإمام أحمد؛ لاختلاف مصالحها معها. وإذ تبيَّن لها أن إبراهيم الحمدي لا يحبذ الدوران في فلكها، تآمرت مع أطرافٍ محليةٍ للتخلص منه، لتدعم لاحقاً نظاماً يتفق مع سياساتها، ويلبي رغباتها؛ فكان النظام الحالي الذي ولد في 1978، والذي ثار الشعب اليمني، مؤخراً، ضده، وضد سياساته الانفرادية والإقصائية، وظلمه، وفساده المعشش في كافة مرافق ومفاصل الدولة، وغياب العدالة والحياة الكريمة.

هو ذاته النظام الذي تسعى المملكة السعودية لحمايته من غضبة الشعب الثائر، وتحاول مدَّه بأسباب ووسائل الحياة أطول فترةٍ ممكنةٍ، وتطيل في عمره قدر الإمكان. ثم حين يتبيَّن لها عدم نفعه ولا جدواه، ستحرص على نقل الحكم لنظامٍ تصنعه بيديها، وعلى عين مصلحتها، وتضمن معه استمرار نفوذها في اليمن، كما تضمن تحالفه معها، أو يكون قريباً منها، ويرتبط بمدار سياستها الأيديولوجية.

هذا ما تريده السعودية من خلال المبادرة الخليجية التي خضعت لعديد تعديلاتٍ منذ شهرٍ ونصف، تلبيةً لرغبات علي صالح القابع منذ 3 عقودٍ، على رأس النظام المتهاوي، والذي يجيد المراوغة واللعب على المتناقضات، كما يصفه المراقبون والمحللون السياسيون. محاولةً إنقاذ النظام المتحالف معها على مدى 33 عاماً، وتجاهل خيارات وتطلعات الشعب اليمني، وإجهاض الثورة الشعبية السلمية في اليمن، وعدم الالتفات إلى عدالة قضيتها ونبل أهدافها، وبالتالي قتل أحلام اليمنيين في التحرر من الظلم والاستبداد، وفي استقلال القرار الوطني. وإصرارها (السعودية) على التعامل مع الثورة الحالية كأزمةٍ سياسيةٍ بين الحزب الحاكم والمعارضة ممثلةً باللقاء المشترك، وذلك خشية انتقال العدوى الحميدة لهذه الثورة إلى المناطق المضطربة في جنوب المملكة وشرقها. لكن الثوار اليمنيين من الوعي لدرجة أنهم رفضوا المبادرة الخليجية (السعودية) منذ ولادتها، مدركين بحسهم السياسي العالي، حقيقة مسعاها وغاية مقصدها ولا نبل أهدافها.

فيا حكام نجد؛ كفاكم تدخلاً في شأن اليمن، ولترفعوا أيديكم عن حاضر ومستقبل الشعب اليمني الذي صبر على أذاكم كثيراً، ويريد اليوم أن يصنع مستقبله من أجل حياةٍ حرةٍ كريمةٍ ودولةٍ مدنيةٍ بسيادةٍ، بعد أن ملَّ تغلغل أصابعكم الخبيثة في نسيج المجتمع اليمني، وتدخلاتكم في خصوصياته، وتحمَّل كافة الشرور التي تتخلَّق دائماً في قصور الرياض وجدة.

17/5/2011

 

إقراء أيضا

وليد أبو حاتم
وليد أبو حاتم
إبراهيم العشماوي
إبراهيم العشماوي