الرئيسية المقالات مدارات متُى تُقطع أذيال الأفعى ويُسحق رأسها
متُى تُقطع أذيال الأفعى ويُسحق رأسها
عبد الباسط الحبيشي
عبد الباسط الحبيشي

أجتهد العالم في إبداع النظريات والأيدولوجيات المختلفة وتطويرها عبر العصور مثل النظام الإشتراكي والنظام الرأسمالي والليبرالي والشيوعي وغيرها لخلق طرق جديدة للتطور والتقدم والرخاء للشعوب إلا الإنظمة العربية التي لم تُبدع منذ إنشائها إلا أساليب الخيانة والغدر والفساد والظلم والقهر والتعذيب والإستبداد والحكم الفردي الطاغوتي. ولم يحدث في التاريخ البشري أن علمنا بفنون الخيانة والعمالة من قبل الحكام ضد شعوبهم كما نعهدها اليوم من قبل النظام الرسمي العربي.
لم تعد التوصيفات اللغوية من خيانة أو حتى خيانة عظمى أو فساد أو جرائم ضد الأنسانية أو قهر الرجال أو نهب ثروات الأمة .... تقدم أي مدلول ذو معنى للكلمة في قاموس الوعي العربي ، أو تفي بغرض التوصيف لجرائم الأنظمة العربية ضد شعوبها فأضحت هذه التعبيرات أقل قيمة من قشرة الموز لكثرة ما عانت هذه الصفات من إبتزاز في معناها ومبناها وتحقير لأهميتها وأثرها المعنوي كمفردات دنيئة ومستحقرة من قبل الإنسان العربي مما أدى إلى الإستنقاص بل وفقدان قيمتها اللغوية في المدركات الحسية والذهنية للمعرفة. لقد تفوقت جرائم هذه الأنظمة على كل مستويات الجرائم ضد الإنسانية والمتناقضة مع النواميس وألأديان والأعراف والقيم والدساتير لدرجة الخيانة ضد اللغة العربية نفسها التي باتت تعاني من عجز كبيرفي نقل المعنى الحقيقي للكلمة إلى الشارع العربي وتوصيف حقيقة الجرائم التي ترتكبها هذه الأنظمة ضد شعوبها.
تداعيات تأجيل التصويت على تقرير القاضي ريتشارد جولدستون في المجلس الدولي لحقوق الإنسان وإفتضاح محمود عباس أمام العالم وهو يكذب تارةً ويناقض نفسه تارةً أخرى أرجوا أن لا تمر هذه المرة مرور الكرام كما مرت الفضائح السابقة رغم كل المغالطات التي تنشرها الأنظمة العربية بكثافة هذه الأيام عبر وسائل ألإعلام المختلفة لتبرير هذه الجريمة البشعة. لقد أنتفض الشارع الفلسطيني والشارع العربي بما لم يكن يتوقعه عباس ومن وراءه حيث أستوعب العرب الدرس بما لا يدع مجالاً للشك بأن العدو الحقيقي إنما هو في بيتنا وليس في بيت الجيران.  
شوهد عباس وهو يكذب ويعترف من صنعاء بدم بارد بأن الأنظمة العربية هي التي طلبت تأجيل تقرير ريتشارد جولدستون للتصويت عليه في المجلس الدولي لحقوق الإنسان وما حضور سلطته إلا بصفة مراقب لا تقدم ولا تؤخر متنصلاً من القيام بأي تغطية لسحب التقرير بالتعاون مع العدو الصيهوني ورأس الأفعى العربية وأذيالها وكأن شيئاً لم يكن ، كان يبدو واثقاً بأن المؤامرة ستمر كما مرّت من قبل في التآمرعلى قتل الزعيم ياسرعرفات والحرب على غزة وغيرها من عمليات التواطؤ من أجل الإستمرار في السلطة.
ثم جاء العذر ألأقبح من ذنب الذي يتكرر في حملة التبريرات لهذه الفضيحة أنه لو تم التصويت على التقرير وأحيل إلى مجلس الأمن ، ستقوم الولايات المتحدة بإستخدام الفيتو ضده!!!! ياله من سخف وأستهزاء بالأمة العربية والإسلامية والتربص بها وإستخدام الذرائع الواهية لتمرير أجندات وسياسات الأخر دون حياء. رغم أن الحقيقية هي العكس ، أنهم أدركوا هذه المرة أن أمريكا لن تستخدم حق الفيتو رغم كل ما يقال وقيل أنها تخشى بأن تنسحب مخرجات هذا التقرير على الجرائم التي أقترفها جنودها في العراق أو أفغانستان؟؟!!!! حتى وأن صح ذلك فهل يعني أنه لابد من وأد التقرير قبل وصوله إلى مجلس الأمن؟!!!!!! أليس هذا منطق أعوج يشي بأن هناك الكثير من الخبايا وراء الأكمة ؟؟؟؟؟!!!!!!
كما أننا نسمع لأول مرة ضجيج إعلامي لم يسبق له مثيل ، بعد هذه الفضيحة المدوية ، عن إجتماع المصالحة الفلسطينية المزمع عقده في السادس والعشرين من هذا الشهر في القاهرة بورقة مصرية والكلام الكثير حول أهمية عقده في موعده وجهات تقترح تأجيله. وكأن هذا الإجتماع هو الأول والأخير من نوعه ، ألم يسبق هذا إجتماعات مماثلة في مصر وتحت مظلة مصرية ولم تحقق أي نتيجة؟ بيد أنه لم تصدح الأجهزة الأعلامية بسيمفونياتها الرخيمة بنفس الطريقة التي تعزفها هذه المرة. ألا يعني هذا أن الإجتماع القادم يراد له أن يكون بمثابة مسمار جحا المؤقت على جدار فضيحة عباس لإنقاذه من ورطته؟؟ فلتذهب هذه المصالحة إلى الجحيم إذا كان ثمنها الخيانة والعمالة والتواطؤ على حساب وحدة الأمة العربية ودماء أبنائها في فلسطين وغيرها من بقاع الوطن العربي الكبير.
لكن الواقع الذي لا ينبغي أن نغفل عنه هو أن محمود عباس قد أثبت من خلال تاريخه السياسي الطويل أنه ليس أكثر من أداة تثق بجبروت أسيادها الذين يحمونها بإستمرار ، لكن توليفاتها السحرية خابت هذه المرة ، وحسابات السياسية التآمرية والخيانية طلعت غلط. فرأينا من يدعمونه يتنصلون ويهربون الواحد تلو الأخر من تورطهم بفضيحة تأجيل المناقشة والتصويت على تقرير جولدستون إلا من أبواقهم المأجورة ، لماذا حدث هذا؟ لأن العالم لم يعد يعش في عهد الرئيس بوش الذي توافقت سياساته الخارجية مع أهدافهم الشيطانية.
لقد تغيرت الإدارة الأمريكية. صحيح أنها غير قادرة على تصحيح وإعادة صياغة السياسة الدولية للعالم بليلة وضحاها ، لكن هناك من يعمل على ذلك. وصحيح ان هناك إستراتيجية أمريكية لم تتغير منذ زمن لكنها ليست مكتوبة على اللوح المحفوظ الثابت إلى الأبد. هناك شعب أمريكي حيوي يناضل من أجل الدفاع عن الحرية والحقوق ويتطلع الى التغيير كبقية شعوب العالم وهو في طريقه لصناعة هذا التغيير ، ومن يرجوا التغيير في بقية دول الأرض لابد أن يسعى للتضامن معه في هذه الفترة بالذات ، أما أن تأتي كوابح وموانع هذا التغيير من ذيول الأفعى (الحكام العرب) أنفسهم فأنها والله لكارثة حقيقية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ، لأنه لا يمكن أن تُكشف عوراتهم ألآن أكثر مما هي مكشوفة أصلاً من قبل. إنهم هم هولاء الذين عملوا دائما ومايزالوا على إسقاط كل محاولة لأي تغيير عربي إسلامي منذ أن تحررنا من جحافل الإستعمار القديم ، لأنهم هم من أدخلونا عنوة تحت رحمة الإحتلال الجديد بعد أن كنا على وشك الخلاص.
ألم يتم إستبدال ألإحتلال القديم بأنظمة التبعية والإنتهازية بوصول وكلاء محليين جدد على رأس الأنظمة العربية بدلاً عن المندوبين الساميين للإحتلال القديم؟؟ ألم تقف السعودية (رأس الأفعى) وخلفها الجرذان ضد كل حركات التحرر العربية منذ قيام ثورة 52 في مصر الناصرية حتى الآن؟؟. ألم تشترك هذه الآفة السعودية في الحرب ضد العراق الأولى والثانية ؟ ألم تقف ضد الثورة اليمنية 62 وحاربت القوات المصرية حتى 67؟؟؟؟ ألم تتآمر ضد مصر في حرب 67 مع العدو الصهيوني ؟؟ ألم تتآمر في حرب غزة ضد الفسلطينيين ووقفت داعمة لمحمود عباس؟ ألم تتآمر الان ضد لبنان وسوريا وتستميت في ضرب الصف العربي؟؟ ألم تقوم بإحتلال الأراضي اليمنية عسير وجيزان ونجران عبر عملائها في اليمن وخططت وأشتركت في قتل رؤساء اليمن وعلى رأسهم الزعيم الفذ إبراهيم الحمدي الذي يصادف ذكرى إغتياله في الحادي عشر من هذا الشهر؟؟ أليست هي الداعمة للحاكم علي عبدالله صالح ذنبها المدلل منذ 78 وتدعمه الان بالمال والسلاح في شن حروب شعواء ضد الشعب اليمني جنوبه وشماله وتمزيقه إلى مذاهب وطوائف كما تعمل إسرائيل ضد الفلسطينين؟؟؟ لاسيما في صعدة لنشر مذهبها السلفي الوهابي المهجن الذي يقوم بمحاولات رخيصة لتشوية ألإسلام والرسالة المحمدية والثقافة والفكرالإسلاميين الذين نشهدهما اليوم يتحولا إلى صراع مذهبي بين العرب والمسلمين وتدمير جوامعه ومساجده؟ أو كما هو الحال في العراق ، إشعال حرب شعواء لا تبقي ولا تذر بين أهل الشيعة والسنة؟ اليست هي من تدعم وتقف بكل قوة وراْء حملة التطبيع مع العدو الصهيوني دون شروط وتدفع بقية الدول العربية بشتى الوسائل لتبنى نفس النهج ونفس الموقف؟؟؟ ألم تقوم هذه الأسرة لتسخير أرض عربية واسعة ليست من حقها وإستغلال ثرواتها لنشر الفتن والحروب بين العرب والمسلمين والنيل من الإسلام بإصدار الفتاوى الهابطة عن طريق دفع علماء الإسلام بشتى الطرق والوسائل في نجد والحجاز وجامعة الأزهر وغيرها لتشوية مقاصد الدين الإسلامي والشريعة الإسلامية؟؟؟؟ أليست هذه الشرذمة هي من تواطئت مع جريمة 11 سبتمبر وتداعياته لضرب العرب والمسلمين وتشويه سمعتهم في كل مكان؟؟؟ هذه هي رأس الأفعى ، ودون القضاء عليها أو تحييدها على الأقل سنعاني كعرب ومسلمون الكثير من النكبات والإنتكاسات والهزائم حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا.

[email protected]

إقراء أيضا

وليد أبو حاتم
وليد أبو حاتم
إبراهيم العشماوي
إبراهيم العشماوي