الرئيسية المقالات مدارات 21فبراير... موعد مع المستقبل؟!!
21فبراير... موعد مع المستقبل؟!!
د. عبد الرشيد عبد الحافظ
د. عبد الرشيد عبد الحافظ

تثور لدى الكثيرين العديد من التساؤلات حول الانتخابات الرئاسية يوم 21 فبراير. ولعل أهم هذه التساؤلات: هل هي عملية انتخاب، أم استفتاء؟ وما الداعي لها إذا لم تكن هناك انتخابات تنافسية؟ ألم يكن الأجدى توفير المبالغ التي ستنفق على هذه العملية؟ ثم ألا تعني المشاركة في هذه الانتخابات القبول بالمبادرة الخليجية ممن يرفضها؟ وهل في ذلك خيانة لدماء شهداء الثورة الأبرار؟. سنحاول مناقشة هذه التساؤلات في النقاط التالية:

أولاً: ينبغي التأكيد على أن ما سيتم يوم 21 فبراير سيكون استفتاءً على اختيار المرشح عبدربه منصور هادي رئيساً للجمهورية بالصيغة (نعم) أو (لا). وهذا هو التطبيق السليم لما ورد في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية. وعلينا إدراك أن عدم جعل الانتخابات تنافسية هو إجراء مرتبط بظروف المرحلة الانتقالية, أما الانتخابات الحقيقية فهي التي ستتم بعد إعداد الدستور الجديد, الذي سيعيد صياغة الكثير من المسائل المتعلقة بتأسيس الدولة اليمنية الحديثة المنشودة.

ثانياً: مع أنه لن تكون هناك انتخابات تنافسية بين عدة مرشحين؛ إلا أنه من المهم حصول المرشح عبدربه منصور على نسبة عالية من الأصوات في الاستفتاء؛ لأن ذلك يحقق الآتي:

1ـ منح الرئيس الانتقالي عبدربه منصور شرعية شعبية مباشرة، وهو ما سيعطيه ثقة كبيرة وقدرة على اتخاذ قرارات جريئة تتطلبها ظروف المرحلة الانتقالية.

2ـ سيعني نجاح الاستفتاء تصويتاً شعبياً واضحاً على خلع علي صالح ونظامه ومرحلته المظلمة.

3ـ سيعنى نجاح الاستفتاء إضفاء شرعية شعبية على المرحلة الانتقالية، وهذا أمر مطلوب من الناحية الدستورية.

4ـ يمكن أن يتحول يوم 21 فبراير إلى يوم تاريخي فارق في حياتنا السياسية وفي مسيرة الثورة، من خلال خروج شعبي كبير للمشاركة في هذا الاستفتاء، يؤكد فيه الثوار تحقيق الهدف الأول من أهدافهم، ويتمكن من لم يشارك أو لم تتح له فرصة المشاركة في الثورة من التعبير عن رأيه والإسهام بجهد ما في الثورة من خلال هذه المشاركة، ونعلن جميعاً في هذا اليوم طوي صفحة الماضي، وتشييع نظام علي صالح إلى مثواه الأخير، والبدء بتأسيس اليمن الجديد.

ثالثاً: فيما يتعلق بتمويل الانتخابات، يشير المختصون إلى أن نفقات الانتخابات سيتم تمويلها في الغالب من خلال منح مقدمة من المؤسسات الدولية والدول المانحة (مخصصة لهذا الغرض فقط)، وسيستفيد منها آلاف الأشخاص الذين سيشاركون في إدارة هذه العملية، كما يمكن أن يستفيد الاقتصاد الوطني بصورة عامة من خلال دخول هذه المنحة بالعملة الصعبة إلى البلاد.

رابعاً: هل تعني المشاركة في الانتخابات القبول بالمبادرة الخليجية؟ وهل سيعني ذلك خيانة لدماء شهدائنا الأبرار؟.

الواقع أنه ليس هناك تلازم بين رفض المبادرة الخليجية لوجود ملاحظات على بعض بنودها أو حتى كل بنودها، وبين المشاركة في انتخاب رئيس جديد بديل للرئيس المخلوع؛ لأن عملية انتخاب رئيس جديد ستعني إسدال الستار على حكم علي عبد الله صالح نهائياً، وهذا هو أحد أهم مطالب الثوار، والمفترض أن يسعوا إلى تحقيقه بكل الوسائل، ومنها هذه الوسيلة التي أتاحتها الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية. ولا تعني المشاركة في الانتخابات الموافقة على المبادرة، بل تعني ببساطة استغلال واقعة معينة متاحة لتحقيق هدف من أهداف الثورة لا أكثر ولا أقل. وهذا أمر مشروع، بل هو واجب.

وبناءً على ذلك ليس صحيحاً ما يردده البعض بأن المشاركة في هذه الانتخابات انحراف عن خط الثورة، وخيانة لدماء الشهداء، ...الخ، فهذه المقولات العاطفية الإنشائية لا معنى لها في الحقيقة، ولا تصمد أمام أي محاججة عقلانية.

وعلينا إدرك أن الوفاء لدماء شهدائنا الإبرار لن يكون من خلال الرفض السلبي العدمي لكل شيء، ولن يتجسد هذا الوفاء من خلال إعاقة عملية إعلان القضاء النهائي على رأس النظام بانتخاب رئيس انتقالي جديد بديل عن هذا المخلوع. ولن يكون هذا الوفاء من خلال زرع الفرقة والفتنة بين صفوف الثوار وجرهم إلى معارك جانبية وهمية, لكن الوفاء كل الوفاء لشهدائنا الأبرار أن نسير على طريق تحقيق الأهداف التي دفعوا حياتهم ثمناً لإنجازها. ولتجسيد ذلك علينا أن ندعو كل أبناء شعبنا لجعل يوم 21 فبراير يوماً فاصلاً في تاريخنا الحديث، من خلال عمل سلمي حضاري يتمثل في خروج الشعب بكل فئاته للمشاركة الفاعلة في تنصيب رئيس جديد بديل للمخلوع، ونعلن بكل وضوح سقوط عهد الطاغية، وبداية عهد جديد.

 إن الوفاء حقاً لدماء الشهداء سيتجسد من خلال جعل يوم 21 فبراير يوماً لاستشراف المستقبل، ومناسبة لاستحضار روح الثورة في نفوسنا جميعا، وفي كل شئون حياتنا، نغادر حالة السلبية، ونسهم بإيجابية في صناعة التحول في بلادنا، وننجز بقية أهداف الثورة بإسقاط بقايا النظام وسياساته، ونبدأ في إرساء قواعد بناء الدولة المدنية الديمقراطية المؤسسية الحديثة، لا نقصي فيها أحداً ولا ننتقم من أحد, بل نحتكم جميعاً لسيادة حكم القانون، وأظن الظروف مواتية لذلك أكثر من أي وقت مضى، فهل نحن فاعلون؟!!!.

 

 

إقراء أيضا

وليد أبو حاتم
وليد أبو حاتم
إبراهيم العشماوي
إبراهيم العشماوي